موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٢٣ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٠
23 أيلول: القديس بيو من بياترلشينا، الكاهن

إعداد الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولد الأب بيو في بْيَاتْرَلْشينا بجنوب إيطاليا  يوم 25 أيار 1887. تقبل سرّ العماد في اليوم الثاني لولادته وأعطي في المعمودية إسم فرنسيس. نشأ في أسرة فقيرة أنه منذ سن الخامسة كان الطفل يتمتع بنعمة مشاهدة العذراء مريم التي كان يكنُّ لها عاطفة قوية. كان هادئٔا، خجولاً، متحفظًّا لا يحتمل سماع الاهانات. أمّا أفضل صديق له فكان ملاكه الحارس.

 

كرّس القديس بيو نفسه للربّ وللقديس فرنسيس الأسيزي منذ سن الحادية عشرة. لم يقف أبواه في وجه دعوته، وفي الخامسة عشرة من عمره سنة 1902 كان يتحرّق شوقًا ليمنح كلَّ شيءٍ إلى الله فرافقه والده إلى دير الآباء الكبّوشيين حيث أمضى فترة الإبتداء. وهناك لبِس ثوب الرهبنة واختار لنفسه اسم الأخ بيو. كان مبتدئًا مثاليًّا؛ ومنذ ذلك الحين بدأت تحدث معه ظواهر غريبة.

 

كان هذا المبتدىء الشاحب الفارع القامة يستغني عن الطعام بشكل تام مكتفيًا بالمناولة اليومية وقد أمضى واحد وعشرين يومًا يتناول القربان المقدّس فحسب. طلب منه رئيسه بأمر الطّاعة أن يأكل، أطاع لكنه تقيّأ كلّ طعامه وعندما حاول معلم الابتداء حرمانه من المناولة أشرف على الموت.

 

فرض القدّيس بيّو على نفسه عذابات وإماتات، ومن عاداته السهر طويلاً ليصلّي، بَيْد أن الشيطان لم يكن مسرورًا من إماتاته الشاقة وسهره الطويل، فقد حوّل لياليه إلى حلبة صراع وعراك وجعل لياليه مضطربة. ولم يكن أحدٌ يرضى بأن يكون جاره في الغرفة. كان يرتّب حجرته ويخرج، وما إِن يعود حتى يجدها مبعثرة تمامًا، فالكتب على الأرض والمحبرة مقلوبة ومكسورة وسريره مقلوبًا. وكثيرًا ما كان يخرج في الصباح، وقد ظهرت على وجهه آثار المعركة كالأورام واللطمات الزرقاء.

 

تحوّل بسرعة مذهلة إلى رجل الصلاة والشفاعة، وأهدي موهبة ذرف الدموع إذ كان يترافق مع السيّد المسيح في آلامه لرؤيته البشرية منجبلة بالخطيئة وهكذا أصبحت رسالته واضحة في نَظَره: المشاركة في سرّ الفداء. اهتمّ رؤساؤه كثيرًا بصحّته فحالما أبرز نذوره المؤبدة في 27 كانون الثاني 1907، أمروا له بعطلة طويلة يقضيها في بيته الوالدي في "بياتْرَلْشينا" ليستعيد صحّته، بقي هناك حتى سنة 1916.

 

سيم كاهنًا في 10 آب 1910 وكان له من العمر 23 عامًا وكان يقول: «كم كنت سعيدًا في ذلك النهار، لقد كان قلبي يشتعل حبًا بيسوع. إذ بدأت أتذوّق الفردوس!» تَلا قدّاسه الأول في كنيسة رعيته وكتب على الصورة التي وزعها في ذكرى سيامته الكهنوتية: «يا يسوع، روحي وحياتي، اجعلني أكون معك للعالم؛ الطريق والحق والحياة. فلأكن لك كاهنًا قديسًا، ضحية كاملة".

 

اضطرته ظروفه الصحية للمكوث عدة سنوات في قريته. ثم انتقل لاحقًا إلى دير يوحنا روتوندو، وبقى فيه لا يغادره حتى وفاته. وأنشا مشفى سماه بيت تخفيف الآلام للعناية بالمرضى. كان الناس يتهافتون إليه ليعترفوا بخطاياهم، لما تمتع به من عطايا روحية. فكان يقضي ساعات طوال في كرسي الاعتراف. في خضم الحرب العالمية الثانية، علم المؤمنين أن يتسلحوا بالصلاة، فأنشأ جماعات صلاة انتشرت في المعمورة، ومازالت حتى يومنا هذا. نال عام 1918 نعمة سمات المسيح التي ظلت دامية تسبب له الأوجاع مدة خمسين سنة، فقد كان يمشي بصعوبة على رجليه المثقوبتين، وعلى المذبح أصبحت الدماء تسيل من كفيه، حتى رقد في الرب عام 1968. أعلنه البابا يوحنا بولس الثانى قديسًا عام 2002. فلتكن صلاته معنا.