موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ١٥ يوليو / تموز ٢٠٢٠
15 تموز: القديس بونافنتورا، الأسقف ومعلم الكنيسة

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولد جوفاني دي فيدانسا في إقليم اومبريا، وسط إيطاليا، عام 1221. ويخبرنا بنفسه أنّ حادثةً حصلت معه عندما كان شابًّا تركت أثرًا كبيرًا في حياته. فقد أُصيب بمرض عضال لدرجة أنّ والده، الذي كان طبيبًا، لم يكن يأمل في شفائه. فالتجأت أمّه إلى شفاعة القديس فرنسيس الأسيزي، الذي كانت قداسته قد أُعلنت قبل وقت قصير، وشفي جوفاني، وأخبر القديس فرنسيس أمه بأن ابنها سيكون عظيمًا وسيختار النصيب الصالح.

 

وعندما إلتحق بالرهبنة في الثانية والعشرين من عمره إختاره كإسم رهباني. في شبابه تم إرساله إلى جامعة باريس لاستكمال دراسته عن يد الراهب الإنجليزي الفرنسيسكاني واللاهوتي الكبير "ألكسندر من هولز"، ومن بعده عن يد اللاهوتي الفرنسي والراهب الفرنسيسكاني أيضًا "جون من لاروشيل". أثناء الدراسة بباريس صار الصديق الأقرب للقديس توما الأكويني، وقد سُيما كاهنين وكذلك حصلا في نفس التوقيت على درجة الدكتوراه. وكان من قبلها بثلاثة أعوام حاصل على درجة مُحاضر لشرح الكتب الأربعة للاهوتي "بيتر لومبارد ثم دخل رهبنة الإخوة الأصاغر (الفرنسيسكان) وعيّن فيها معلمًا للاهوت، فكان أستاذًا نابغة، إستطاع أن يشكل بفكره تيارًا لاهوتيًا هامًا. انتخب رئيسًا عامًا للرهبنة فأدارها بحكمة وفطنة، وكان له الفضل الكبير في رسم ملامحها، لدرجة أنه لقب بالمؤسس الثاني للرهبنة.

 

له مؤلفات كثيرة في اللاهوت والتصوف، من أشهرها: "مسار العقل إلى الله" و"سيرة القديس فرنسيس الأسيزي". اختير أسقفًا وكردينالاً لمدينة ألبانو في إيطاليا. شارك عام 1274 في مجمع ليون الثاني في فرنسا، وساهم خلاله بالتقريب بين الكنيستين اللاتينية والبيزنطية. عاش القديس بونافنتورا في فترة ألهم فيها الإيمان المسيحيّ، المتغلغل في الثقافة والمجتمع الأوروبيّين، العديد من الأعمال الخالدة في حقول الأدب والفنون البصريّة والفلسفة واللاهوت. ومن بين الشخصيّات المسيحيّة العظيمة التي ساهمت في نشوء هذا التناغم بين الإيمان والثقافة، يمتاز بنوع خاصّ بونافنتورا. إنّه كان رجلَ عمل وتأمّل وتقوى عميقة وإدارة رشيدة.

 

يلحّ بونافنتورا على حدود الفلسفة، فهو يوضح عدم كفايتها، بالتالي مهمتها هي معاونة اللاهوت، ومهمة اللاهوت التوجه إلى التصوف والانتهاء إلى الانجذاب، فبالنسبة له الفيلسوف المسيحي يجب أن يعلم أنه لا يمكن تعقل العالم تعقلًا كاملًا بدون إرجاعه إلى الله علته الفاعلة والغائية، فالفلسفة لا بدّ أن تتخذ من دراسة الله نقطتها الأساسية والمركزية، وهذا ما يوضحه بونافنتورا في حديثه عن المعرفة والعالم.

 

توفّي بونافنتورا في ليون أثناء انعقاد مجمع ليون الثاني يوم 14 تموز سنة 1274.

 

صلاة: أيها الإله القدير، إننا نذكر اليوم ميلاد القديس بونافنتورا الأسقف في السماء، فهب لنا أن نستقي من غنى علمه وأن نتحلى على مثاله بمحبة مضطرمة دائمة، آمين.