موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ولد لورنسيوس فى إيرلندا من سلالة الملوك، تربى تربية ملكية، وكان الموكلون على تربيته معلمين أفاضل متدينين، فكانت حياته متحلية بالفضائل المسيحية. أرسل إلى المدرسة ليتعلم مبادئ العلوم، ففاق رفائه، وحدثت عداوة بين أبيه وبين الملك دومتيوس. فأرسله أبوه إلى الملك واسطة للصلح فرفضه الملك وأرسله إلى بلاد مقفرة بعيدة. فوقع في أشقى حال وصار يحصل قوته بالتسول. ثم اضطر الملك وأطلق سراح لورنسيوس، وأرسله إلى أسقف مدينة غلندنوك، وبعد ذلك اختار لورنسيوس الحياة المكرسة، وذلك اتقيادًا لوحى الله له. وتتلمذ للأسقف وأطاعه طاعة كبيرة.
أقيم رئيسًا على إحدى الكنائس وكان في الخامسة والعشرين من عمره. ولم تزده الرئاسة إلا قداسة وفضيلة. وكان محبًا لجميع رجال الإكليروس الذين معه. وحدث غلاء في المدينة فنهض لورنسيوس لسد حاجات الفقراء وإسعاف المساكين، وأنفق جميع ما تركه له ابوه في أعمال الخير والصلاح. وكان يحب الفقراء والإتضاع كثيرًا ولا يرغب في شيء سوى الاقتداء بيسوع المسيح. ثم حدث موت الأسقف فوجه الشعب قاطبة أفكارهم إليه، وانتخبوه للأسقفية، فتمنع واستعفى.
لكن الله حفظ له درجة أسمى من هذه، وذلك انه إذ مات أسقف مدينة دبلن في إيرلندا. وقع الانتخاب عليه ليكون أسقف المدينة. فجعل يضاعف أعماله التقوية ويبالغ في الصلوات والتأملات الروحية ويكثر من التقشف وإماتة النفس والتواضع. وأراد أن يصير بسيرته قدوة صالحة لرعيته، فصار يجسد المسيح في حياته على الدوام، وكان يقهر جسده ويقمعه بالأصوام الطويلة والجلد القاسي. ثم قام بإصلاح أحوال رعيته والإعتناء بخيرهم وشرع يطوف المدينة كلها ويزورهم، ويداوي المرضى ويعزي الحزانى، ويعامل الجميع معاملة الأب لابنه، وبذل همته على الخصوص في تنشئة الإكليروس، وشرع لهم قوانين يسيرون بموجبها، وأخضع نفسه هو لهذه القوانين عينها، وصار لهم قدوة صالحة.
اتقدت في قلبه على الدوام نار المحبة الإلهية، فأخذ يقضى ساعات طويلة فى مناجاة قلبية يناجي بها يسوع المصلوب، وشدد أصوامه ولم يذق اللحم أبدًا إلى يوم وفاته بل اكتفى بالخبز والماء في أيام الجمعة. وكان ينفرد عن الناس في كل سنة اربعين يومًا مختليًا في مغارة بعيدة في إحدى البرارى ويواظب على الصلاة والتأمل. ولم يغفل البتة عن الإهتمام برعيته، لا بل يدافع عنهم ويبذل حياته من أجل خيرهم. وطلب أعداؤه موته عدة مرات. وتوصلوا بعض الأحيان إلى إصابته مرات كثيرة، ومع ذلك نجاه الله مرارًا من الموت بأعجوبة فائقة.
سافر إلى روما لأمور تخص رعيته، فأكرمه البابا كثيرًا وجعله قاصدًا على بلاد إيرلندا كلها. فانتظم حال الكنائس في تلك البلاد وحصل فيها رونق وترتيب. وجاد الله عليه بعمل معجزات وآيات كثيرة. واحتمل القديس لورنسيوس اضطهادات شتى لمجد الله. وكان يسارع إلى مصالحة الملوك والأمراء في حالات الشقاق والخصام بينهم ليمنع وقوع الحروب. أيقن لورنسيوس بقرب وفاته فاختلى في إحدى الكنائس واستعد للموت بالاعتراف وتناول القربان المقدس بحرارة وإكرام. وصار يغيب عن حسه كثيرًا وينجذب عقله إلى السماء فلا يشعر بالأوجاع. وفي الآخر سلم روحه بيد الله يوم 14 نوفمبر تشرين الثاني عام 1221.
فلتكن صلاته معنا.