موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
1 تشرين الأول: القديسة تريزا الطفل يسوع، الراهبة ومعلمة الكنيسة

إعداد الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولدت القديسة تريزا الطفل يسوع، في 2 كانون الثاني عام 1873 بمدينة ألنسيون، بمقاطعـة نورماندي الفرنسية، من أبوين صالحين تقيين هـما: زيلي جيران، التي كانت تعمل في صنع الدانتيلا، والأب لويس جوزيف مارتان والذي كان يعمل صائغًـا، وقد اشتهرا بتقواهما. وقبل زواجهما كان كلا منهما يرغب فى الرهبنة ولكن لم تقبل الرهبنة دخول زيلي بدعوى أنها ليست للحياة الرهبانية، وأما مارتان فلأنه يلزم له تعلم اللغة اللاتينية قبل الإلتحاق. فأسلما أمر مستقبلهما للعناية الإلهية حتى تم تدبير أمر لقاءهما وزواجهما وكانت أمنيتهما أن تثمر زيجتهما ثـمارًا كثيرة لتقديمها إلى الله، فاستجاب الله لدعائهما، ورزقهما تسعة من الأبناء، انتقل ولدان وبنتان إلى السماء بعد أشهر قليلة من ولادتهم. والقديسة تريزا ليسوع الطفل هي الإبنة التاسعة والأخيرة لهذه الأسرة الـمباركة. ونالت سر العماد بعد يومين من ميلادها.

 

ولـما بلغت القديسة تريزا الرابعة والنصف من عمرها انتقلت أمها بعد مرضها بمرض السرطان. وكان لانتقال الأم أثره البالغ على الطفلة تريزا. وكانت القديسة تريزا تذهب مع والدها الى التنزه وحضور الكنيسة. ولما بلغت الثامنة والنصف من عمرها التحقت بمدرسة البندكتين حيث كانت أصغر التلميذات سنًا فعانت من المضايقات والمشاكسات من زميلاتها مما جعلها تبكي سرًا دون أن تبوح لأحد. وعندما كانت القديسة تريزا في عامها العاشر أصيبت بـمرض شديد كاد أن يودي بحياتها، وبدا اليأس يسري إلى الجميع، إلا ان العذراء مريم لم تتركها واستجابت لصلاة عائلتها وظهرت لها في 13 أيار 1883 وأبرأتها من مرضها.

 

لقد كانت تقضي معظم أوقاتها في القراءة وأدركت أن "الحب الحقيقي الدائم ليس بالقيام بالأعمال البطولية، بل أن يتوارى الـمرء عن أعين الغير وعن نفسه بحيث تجهل يده اليسرى ما تفعله اليمنى. وفي 8 أيار عام 1884 تحقق الحلم الذي ظل يراودها مدة سنوات، بأن تقدمت إلى الـمناولة الأولى، بعد أن استعدت لها لمدة ثلاثة أشهر كاملة. وعند حصولها على الـمناولة بكت كثيرًا لإحساسها بحلول جميع النعم السمائية في قلبها البشري بواسطة ذلك السر الإلهي العجيب. وفي ليلة عيد الـميلاد عام 1886، وهي فى سن الرابعة عشر، رأت الطفل يسوع وهو يبتسم لهـا، وكانت هذه نقطة تحول في حياتهـا حسب قولهـا، والتي دفعتهـا لحب يسوع الطفل ومحاولـة التشبه بـه، ولهذا عُرفت بتريزا الطفل يسوع.

 

في 29 أيار 1887، أرادت أن تلبي دعوة الله، فطلبت من والدها دخول الرهبنة، وبعد معارضة والدها لفترة وافق، ولكنها لاقت معارضة من بعض أفراد أسرتها وكاهن القرية وحتى أسقف المقاطعة ورئيسة الدير نفسه وذلك لصغر سنها. فذهبت مع والدها إلى مدينة روما لــمقابلة الحبر الأعظم البابا لاون الثالث عشر لأخذ موافقته للدخول في الرهبنة وهي في سن الخامسة عشر، فكان بعد حديث طفولي بريء أن قال لها البابا "ستدخلين إذا كانت هذه إرادة الله". وفي 9 نيسان 1888 انضمت الفتاة ذات الخمسة عشرة عامًا إلى رهبنة الكرمل، وبدأت مسيرتها في درب الصليب متحملة كل الآلام والتجارب، وحسب قولها "مد  لـي العذاب ذراعيه منذ دخولي فعانقته بحب". وفي 10 كانون الثاني 1889 تم الإحتفال بإرتداء القديسة تريزا للثوب الرهباني، وفي تلك المناسبة تم سقوط الثلج حسب رغبة "عروس العذارى" كإعلان السماء عن بهجتها.

 

وبمجهود مضني كانت تبحث عن أي مناسبة لتسدي الخدمات الخفية للراهبات، وفي 8 أيلول 1890 تم الإحتفال بتقديم النذور الرهبانية. وبعد فترة قصيرة أصيبت بالسعال والنزيف الدموي وكتمت أمرها مستسلمة، إلى أن لاحظت الرئيسة مرضها وتم إستدعاء الطبيب الذي قرر أن المرض قد استفحل وأن النهاية قريبة، وأخيرًا نالت القديسة تريزا مسحة المرضى وتناولت القربان الاقدس في 19 آب عام 1897. وهكذا تحملت تلك الآلام الـمريرة خاصة في الشهور الأخيرة من حياتها، وعلى محياها ابتسامة دائمة حتى انتقلت الزهرة الصغيرة في 30 أيلول 1897.

 

وفي 29 نيسان عام 1923 أعلن قداسة البابا بيوس الحادي عشر تطويب القديسة تريزا، وفي 19 تشرين الأول عام 1997 أعلن البابا يوحنا بولس الثاني أن القديسة تريزا الطفل يسوع هي معلّمة في الكنيسة الجامعـة، نظرًا لـما تحملـه كلماتهـا وحياتهـا من عمق روحـي وتعليـم عن حب الله.

 

فلتكن صلاتها معنا.