موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٤ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩
وفد أردني يقدّم التجربة الأردنية في الحوار والمواطنة في مؤتمر ببيروت

عمان – أبونا :

شارك وفد أردني مؤخرًا في مؤتمر عقد في لبنان تحت عنوان "الحوار الإسلامي المسيحي ودوره في بناء الثقة والسلم الأهلي"، بتنظيم من "منتدى التنمية والثقافة والحوار"، برئاسة القس الدكتور رياض جرجور، بالتعاون مع برنامج الشراكة العربيّة الدانماركيّة من أجل الحوار، عبر مؤسّسة دان ميشين Danmission.

وتكوّن الوفد من مستشار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور حسن كريرة، ومدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب د. رفعت بدر، ومدير مركز الخيمة المسكوني المجتمعي القس سامر عازر، والباحثة المختصّة في شؤون الإعلام د. مارسيل جوينات.

الاب رفعت بدر، قدم ورقة بعنوان: "عشرة نقاط على درب التلاقي الاسلامي المسيحي"، وقال فيها ان ما يميّز هذا العصر هو الدعوة المتواصلة الى التصالح مع الدين، ذلك ان السنوات الاخيرة قد حملت مفاهيم خاطئة واحكاما مسبقة، اعتبرت الدين عنصرا من اثارة المشاكل، نظراً لنشوء الحركات المتطرفة والإرهابية التي اتكأت على الدين وهو منها بريء. اما اليوم فالعصر هو النظر الى الدين كعلامة تسامح وإخاء وإيجابية، مشيراً الى المجتمع الاردني المتصالح مع نفسه على اساس ديني، وتم تعزيز هذه الشراكة التاريخية والحضارية، بل النسيج الاجتماعي بين المسلمين والمسيحيين، عبر المبادرات الاردنية الراقية التي صدرها الاردن وتم تبنيها في كل انحاء العالم، كعلامات فارقة للحوار والتلاقي، ومنها رسالة عمان التي نحيي هذا العام مرور 15 عاما على اطلاقها، ومبادرة كلمة سواء وأسبوع الوئام بين الاديان واستقبال الاردن الرسمي والأهلي لقوافل المهجرين المسيحيين من الموصل.

وأوضح الشيخ كريرة بأن التنوّع هو سمة الكون والوجود، وبأن الإسلام أقرّ هذا التعدّد، ويُنكر في ذات الوقت النزعة التي تريد العالم نمطًا واحدًا والإنسانية قالبًا، مشددًا على ضرورة أن تكون هنالك لغة حوار يلتقي فيها بنو البشر لتحقيق غاية الوجود، مبنية على رؤية علمية تتجاوز نزعات التعصب، وتسعى إلى ترسيخ قيم مشتركة، من أبرزها قيم المواطنة والالتقاء على محبة الله تعالى، وهي الركائز التي انطلقت منها رسالة عمّان وكلمة سواء وأسبوع الوئام العالمي بين الأديان.

وشدد على أنه لا توجد أقليات في المجتمع الأردني، فكل مواطنيه سواء أمام القانون، ولا فرق بينهم، والكلّ ساهم ويسهم في بناء الوطن وحضارته ومدنيته. وقال: من أعظم المؤشرات التي تؤكد انسجام جميع مكونات المجتمع الأردني، تلك الوقفة المؤيدة للخطوات الجريئة التي التزمها جلالة الملك عبدالله الثاني نحو تحقيق الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس الشريف.

أما القس عازر فأكد على أهمية الحوار الإسلامي المسيحي في بناء المواطنة والسلم الأهلي، مؤكدًا أنَّ المواطنة هي الضمانة الوحيدة للحفاظ على النسيج المجتمعي بكل مكوناته، وبأنَّ تشكيل الهوية الوطنية الجامعة لا تتعارض أبدًا مع الحفاظ على الخصوصيات الثقافية والدينية المتعددة، والتي تعتبر حقًا مصدر إثراء وغنى للمجتمع، وليس مصدر تناحر وتنافس واقتتال.

وأشار إلى التجربة الأردنية في موضوع المواطنة منذ عهد تأسيس الإمارة والبناء على مبادئ الثورة العربية الكبرى من وحدة وحرية وعدالة ومساواة، والتي احتضنت العشائر الأردنية المسيحية كما العشائر الأردنية المسلمة، إلى ترسيخ مبدأ المساواة في دستور المملكة في العام 1951 الذي يساوي بين جميع المواطنين. وأكد بأن الحوار الإسلامي المسيحي هو حوار الحياة حول القيم والمعاني النبيلة التي تعنى بالوطن والبيئة والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية بعيدًا عن حوار العقائد العقيم.

من جهتها، شددت الدكتورة جوينات على أن الحوار ليس ترفًا فكريًا، وإنما هو تقارب بين الإنسان وأخيه الإنسان، لافتة إلى أنه حان الوقت لكي يتم تجديد الخطاب الديني بين المفكرين الدينيين والقيادات الدينية، لكي لا تبقى بعض الخطابات مصدرًا للفرقة والتفرقة، على أن يستعاض عنها بنشر ثقافة الحوار بين أبناء المجتمعات. كما شددت على دور المرأة في أن تصبح شريكة في مسيرة الحوار هذه، بالإضافة إلى دورها الهام على صعيد إحلال السلام والسلم الأهليّ، للوصول إلى المواطنة الفاعلة، لافتة في هذا السياق إلى المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة، بزيادة الثقة بنفسها وبهويتها، وقدرتها على تقريب الرؤى المتعددة، ودمج وجهات النظر للوصول إلى حوار فاعل ومتميز.