موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٧ يونيو / حزيران ٢٠١٨
وضع حجر أساس مزار القديسة رفقا العالمي والمجمع الراعوي في حملايا

بيروت – أبونا :

وضع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي حجر الأساس لمزار القديسة رفقا العالمي والمجمع الراعوي في بلدة حملايا، وترأس بهذه المناسبة قداسًا إلهيًا احتفاليًا بمعاونة عدد من الأساقفة والكهنة، بحضور حشد من الشخصيات، ومؤمنين من مختلف بلدات المتن.

وبعد إعلان الإنجيل، ألقى البطريرك الراعي عظة تناول فيها مراحل حياة القديسة رفقا منذ طفولتها، مرورًا باختيارها الحياة الرهبانية، وصولاً إلى اتحادها بالآلام بالمسيح وقال: إن "النصيب الأفضل الذي اختارته مريم هو سماع كلام المسيح قبل أي شيء آخر، لأنه كلام يشبع العقل والقلب، ويعطي معنى للحياة، ودفع للنشاط والخدمة والعمل بكل تفان وإخلاص".

وأضاف: "هذا النصيب الأفضل اختارته القديسة رفقا منذ طفولتها، وشكل نقطة الانطلاق التوجيهية في حياتها، عبر ثلاث محطات أساسية: قرارها بدخول جمعية المريمات في بكفيا، ثم الإيحاء السماوي إليها لتدخل الرهبانية البلدية المعروفة اليوم الراهبات اللبنانيات المارونيات، عندما انحلت جمعيتها لتنضم إلى أخرى، وأخيرا جلجلة آلامها التي عاشت مرارتها بفرح القيامة. نحن اليوم نلتمس من الله بشفاعتها أن نصغي أولا وآخرا لكلام الله".

وتابع: "تجمعنا القديسة رفقا في هذه الليلة لنعيد عيد ميلادها في 29 حزيران 1833، عيد القديسَين بطرس وبولس. كان اسمها بطرسية قبل إبراز نذورها الرهبانية، ثم اتخذت اسم رفقا الذي كان اسم امها، التي توفيت وبطرسية طفلة. وعندما بلغت العاشرة راحت تعمل كخادمة في دمشق مدة أربع سنوات. فتجلت بتقواها وأمانتها وعفافها، فعاملها أهل البيت كابنتهم. ولما عادت إلى حملايا، كان والدها قد تزوج ثانية من دون علمها. وكان الشعور الداخلي بالميل إلى الحياة الرهبانية آخذًا بالنمو في داخلها. وكانت تتردد إلى كنيسة سيدة النجاة في بكفيا، تصغي إلى كلام الله، وتتأمل، وتمارس الأسرار، وتعترف عند مرشدها الأب يوسف الجميل فأرشدها للدخول في جمعية المريمات المكرسات للمسيح. فلبت الدعوة وهي بعمر عشرين سنة. ولما بلغت الثامنة والثلاثين من العمر، فوجئت بانحلال جمعية المريمات وانضمامها إلى جمعية قلب يسوع الأقدس، تحت اسم جمعية القلبين الأقدسين يسوع ومريم، فكانت دعوة جديدة لدخول رهبانية الراهبات اللبنانيات المارونيات. وبعد 14 سنة من الغوص في سماع كلام الله، والاتحاد الكامل بالمسيح، والشوق الكبير إلى مشاركته في آلام الفداء، وتحديدًا يوم أحد الوردية من سنة 1885 صلت رفقا وطلبت المشاركة في آلام المسيح، فاستجاب طلبها في اليوم نفسه، وبدأ الوجع المؤلم في رأسها وامتد إلى عينيها. اقتلع الطبيب المعالج عينها اليمنى من دون بنج، فأصابها نزيف شديد ونقلت إلى بيروت لإيقافه، ثم عادت إلى دير مار سمعان تحتمل أشد الأوجاع، وأصيبت عينها اليسرى بوجع مؤلم وشح النور فيها، ومع هذا كله كانت تشكر الله وتسبحه، وتقول: ألمي ليس بشيء بالنسبة إلى آلامه المقدسة من أجل فدائنا".

وقال: "نقلت إلى دير مار يوسف جربتا في تشرين الثاني 1897، وبعد سنتين صارت عمياء بالكلية وهي ترفع بصوتها الجميل صلاة الشكر والتسبيح لله. إنها في السادسة والستين من عمرها. وتواصلت جلجلتها إذ اصبحت مقعدة بالكلية، وأوصالها مفككة، ولم يسلم منها سوى أناملها لتلاوة المسبحة وشغل السنارة، ولسانها لإنشاد رحمة الله. دامت جلجلة آلامها تسعًا وعشرين سنة حتى وفاتها في 23 آذار 1914 وانتقالها إلى سعادة السماء. إننا نكل إلى شفاعتها كل المتألمين والمرضى بأجسادهم وأرواحهم ومعنوياتهم. نصلي من أجل شفائهم وتقديسهم، وكي يضموا آلامهم إلى آلام المسيح من أجل الكنيسة وخلاص العالم. ان سر القديسة رفقا هو سماع كلام الله، النصيب الأفضل. فالكلام الإلهي الذي سمعته من فم يسوع قادها، كما يقود كل مؤمن ومؤمنة، إلى معرفة الله"

وختم البطريرك الراعي عظته مشددًا على أن الإرشاد الرسولي ’الكنيسة في الشرق الأوسط‘ يؤكد أن كلمة الله هي روح الحياة المسيحية وأساسها، وإنها تعطي معنى للحضور المسيحي في لبنان وفي الشرق الأوسط وتنعشه، فلا يكون مجرد انتماء سوسيولوجي، أو إنجازات إقتصادية فقط، بل ثقافة حياة وحضارة. وخلص إلى القول: "توجب كلمة الله على الملتزمين في الحياة السياسية أن يستلهموها في أعمالهم الزمنية، بحيث يبحثون عن الخير العام لجميع الناس، باحترام كرامة الاشخاص وتعزيزها. ومن الواجب أن يتثقفوا بتعليم الإنجيل والكنيسة، لكي يتمكنوا من ممارسة سياسية سليمة، وتعزيز حقوق الانسان الأساسية وحمايتها".