موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٨ يوليو / تموز ٢٠١٤
ورشة العمل الأولى لكهنة الرعايا حول القضايا القانونية والراعوية لسر الزواج
اريحا - خضر حبش :

افتتحت المحكمة الكنسية اللاتينية وبالتعاون مع اللجنة القانونية المنبثقة عن مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الارض المقدسة يوم الأربعاء الموافق 16/7/2014 ورشة العمل الأولى لكهنة الرعايا والتي دامت يومين.

وشارك في الورشة المطران وليم شوملي، النائب البطريركي للاتين في فلسطين، والمطران جوزيف جول زريعي، النائب البطريركي للروم الكاثوليك في القدس، والمطران بولس ماركوتسو، النائب البطريكي للاتين في اسرائيل، والأب بطرس فيليت، سكرتير عام مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الارض المقدسة، وأربعون كاهناً من كهنة البطريركية اللاتينية وحراسة الأراضي المقدسة وكنائس الروم الكاثوليك والموارنة في القدس والجليل.

في الجلسة الاولى للورشة تم تناول الجوانب التربوية الخاصة بالإعداد بعيد المدى للزواج، حيث ركز الخوراسقف سليم سوسان، نائب مطران الموارنة في الأراضي المقدسة وقاضي محكمة الاستئناف العليا للروم الكاثوليك، على دور العائلة في ذلك، مؤكداً أن العائلة الصالحة تثمر عائلات صالحة ولذا فعليها المسؤولية الاولى والاساسية في التربية والاعداد بعيد المدى، ولا أحد ينوب عن العائلة في هذا الدور، مستعرضاً فلسفة علم النمو والأسس السليمة للتربية الصحيحة والتي بمجملها تفرز جيلاً معداً إعداداً سوياً لبناء عائلات جديدة.

أما الأب الدكتور فيصل حجازين تحدث بدوره عن دورات إعداد الخطاب، وهي جزء من الإعداد المباشر للزواج، واستعرض الرسائل الراعوية المختلفة والارشاد الرسولي في العائلة المسيحية والمخطط الرعوي لسينودس الابرشي التي تؤكد على أهمية دور كاهن الرعية في إعداد الخطاب للزواج في الرعية بتنظيم دورات خاصة لهم، بذلك تكون ملزمة لهم الأمر الذي يساهم مساهمة كبرى في توعيتهم وإعدادهم للزواج ضمن سلسلة محاضرات متخصصة سواء أكانت قانونية، لاهوتية، راعوية، طبية، اقتصادية إضافة إلى البعد الكنسي والليتورجي في تحضير الاحتفال بالسر. كما ركز الأب حجازين في محاضرته أيضاً على البعد الروح للخطاب والمقدمين على الزواج لمساعدتهم على اكتشاف إيمانهم في هذه المرحلة وتطوير روحانية تساعدهم على الاستعداد الإيماني لبناء عائلة جديدة مقدسة وليس مجرد احتفال اجتماعي.

الأب الدكتور رفيق خوري تكلم بدوره في الجلسة عن موضوع الاحتفال الليتورجي بسر الزواج، مستعرضاً الصعوبات الناجمة عن العقلية الاجتماعية والعادات حيث أن هناك تغييب كبير للبعد الايماني والكنسي والليتورجي وأصبحنا نتكلم عن "عرس" اجتماعي بدل أن نركز على كونه سر مقدس، يعطي المحتفلين به نعمة وهو باب خلاص لهما وللعائلة التي يحتفلون بانشائها. على عاتق كاهن الرعية تقع مسؤولية إحياء الاحتفال بالسر من خلال سلسة خطوات لا بدّ منها لاعداد المقدمين على الزواج لتغيير النهج والعقلية الاجتماعية إلى استعداد ايماني وروحي للاحتفال بالسر.

في الجلسة الثانية للورشة استعرض الايكونومس الدكتور الياس ضو، رئيس محكمة الاستئناف العليا للروم الكاثوليك الإجراءات القانونية السابقة واللاحقة للزواج بإسهاب، وأكد على مسؤولية كاهن الرعية في التحقق من كافة الإجراءات القانونية اللازمة للتأكد من أهلية المقبلين على الزواج وفقاً للقوانين الكنسية وشرح متطلبات القانون الكنسي في سبيل عقد زواج صحيح وتفادي الإضرار ناجمة عن إهمال أو عدم الاهتمام بالإجراءات القانونية اللازمة.

في الجلسة الثالثة استعرض الأب الدكتور رفيق خوري أهمية مرافقة الأزواج ما بعد الزواج بطريقة مؤسسية منتظمة، إذ أن مسيرة الايمان للعائلة لا تنته بالاحتفال بسر الزواج بل تبدأ، وهذا همّ ليس فقط رعوي وانما هو مسؤولية ابرشية تتطلب من الاسقف الابرشي وكافة فعاليات الابرشية وكهنة الرعايا ايجاد الاليات الراعوية وتطوير الحركات الرسولية الخاصة بالعائلة ما بعد الزواج بما يتوافق وحاجاتها ومتطلبات مسيرة الايمان للعائلة والابناء واعداد سلسلة مواضيع تتناول مختلف التحديات التي تواجه العائلة وهذه مسؤولية الابرشية لتشكيل لجنة راعوية خاصة تتهم بشؤون العائلة وراعويات خدمة العائلة. هنا لا بد من الاشارة لكتيبات راعوية تم انجاز مجموعة كبيرة منها تعالج العديد من ملفات الايمان وقضايا تمس العائلة للتنشئة على الايمان.

بدوره تناول الاب الدكتور فيصل حجازين دور كاهن الرعية في الخلافات الزوجية، اذ ان الخلافات الزوجية هي حالة طبيعية في كل عائلة بشرية، والاهمية تكمن في كيفية التعامل مع هذه الخلافات، وفهم اسبابها وطريقة حلها، ولمن نلجأ لحل مثل هذه الخلافات. كاهن الرعية هو الاقرب للعائلة المسيحية، وهو بحكم ابوته الراعوية يستطيع المساهمة في حل هذه الخلافات، ولكن كاهن الرعية وحده لا يستطيع متابعة كل هذه الحاجات لذا يتوجب على الابرشية مساعدة كاهن الرعية وتأمينه بالدعم الراعوي والوسائل اللازمة لتوجيه الازواج الى مراكز متخصصة لمرافقة الازواج ومساعدتهم على تخطي وحل الخلافات الزوجية. تحديات العائلة المسيحية اليوم نابعة في الاساس من الجهل وعدم النضوج مما يعني عدم قدرة الازواج في معظم الاحيان تخطي الخلافات لوحدهم وهنا تكمن اهمية الالفة مع كاهن الرعية وبناء الثقة ليكون اول من يلجأ اليه الازواج لحل خلافاتهم. ويتمحور دور كاهن الرعية على تذكير الازواج بجوهر الزواج وهو قبول متبادل، بذل وعطاء متبادل ومشاركة لاسيما بوجود الابناء.

اما الجلسة الختامية للورشة فقد خصصت لقضايا قانونية راعوية تركزت على السجلات والوثائق القانونية، وموضوعي الارث والوصية. الاب اكثم حجازين، والذي ينهي تخصصه في قانون الاحوال الشخصية في روما، قدم تعليمات الكنيسة الخاصة بموضوع السجلات، موضحاً أن السجلات ليست فقط معلومات راعوية وإنما هي وثائق قانونية يترتب عليها حقوق وواجبات، كما أنها ارث كنسي ووثائقي لتاريخ الرعية والقرية والمدينة. أما الوثائق الراعوية وأية شهادة تعطى يجب مراعاة الأصول الإدارية والقانونية في تبين المعلومات والتأكد منها قبل إعطاء أية شهادة رسمية موقعة ومختومة بختم الرعية، كما لا يجوز التلاعب والتهاون في حفظ البيانات والسجلات والأوراق الرسمية والاختام.

أما المحامي عصام ابو نصار، أمين سر اللجنة القانونية المنبثقة عن مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة، فقدم موضوعي الإرث والوصية، شارحاً المبادئ الاساسية لهما ومذكراً كاهن الرعية أنه ليس صاحب الاختصاص للافتاء في موضوع الوصية ولا يجوز له التطوع بصياغة الوصية، وإنما يجب توجيه المؤمنين إلى كاتب العدل أو إلى محام مختص للاهتمام بترتيب إرادة الموصي وفقاً للقانون المرعي حيث يستطيع بعدها إعلام وحفظ الوصية في المحكمة الكنسية أو مسجل الوراثة في وزارة العدل ومن ثم بعد الوفاة تثبيتها علماً بأن المؤمن يستطيع مراجعة مسجل الوراثة لإصدار قرارات حصر الإرث أو تنفيذ الوصية. أما بخصوص الإرث فمهمة كاهن الرعية هي في إعطاء الشهادات الرسمية المطلوبة من الرعية، عدا ذلك يوجه المؤمن لمراجعة محام لإعداد الوثائق اللازمة وفقاً للقوانين المدنية التي تلزم العودة للمحامين لتسجيل طلبات الإرث ويتم التوقيع أمامه أو أمام المحكمة على صلاحيات المحكمة وصكوك الانسحاب أو التخارج. وهنا لا بد من تحذير كهنة الرعايا من عدم أخذ هذه الأمور ببساطة خوفاً من التبعات القانونية التي ممكن أن تنشأ بسبب جهالة أو اهمال من قبل كاهن الرعية.

أما المحامي خضر حبش، المستشار القانوني للمحكمة الكنسية اللاتينة في القدس، بالنيابة عن المحامي يعقوب الفار، الذي لم يتمكن من الحضور من عمّان فقد قدم ورقة قانونية حول الارث والوصية في قوانين الكنيسة والأحوال الشخصية والقوانين المدنية المرعية وفقاً لمناطق تواجد المؤمنين و/أو مكان تواجد الملك المنقول و/أو غير المنقولة. المبدأ العام أن قانون الكنيسة لم يعالج موضوع الإرث أو الوصية، تاركاً كل ذلك للقوانين المدنية، إلا أنه وعبر التاريخ أعطيت الجماعة المسيحية المؤمنة صلاحية تنظيم أمور رعاياها الداخلية لاسيما من خلال قانون الأحوال الشخصية.

هذا ولاقت الورشة استحسان جميع المشاركين الذين طلبوا أن يتم تكرار مثل هذه الورشة والمؤتمرات، وأن يتم صياغة توصيات عملية واتخاذ خطوات عملية لمتابعتها.