موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١٨ مارس / آذار ٢٠١٨
والله وكتبه ورسله يشهدون

محمد داودية :

يحمل بروتكول تنصيب شيخ مشايخ الكرك دلالات ورمزيات وقيما دينية ومدنية وأمنية واعتزازا بالتنوع والتضامن والتكافل واحتفاء بالاخوة والمودة واخلاصا للعهد وحرصا على وحدة المجتمع.

فعندما تم تنصيب الشيخ قدر المجالي شيخا لمشايخ الكرك عام 1900 وبعد التوافق عليه بمباركة جميع مشايخ الكرك، جاء اكبر رجال الدين المسيحي منزلة في الكرك، وفي يده منديل احمر جديد طوق به عنق شيخ المشايخ الجديد. وكان الحال قبل ذلك ان يأتي ويبارك التنصيب ويتممه اكبر رجال الدين المسيحي منزلة في القدس.

هذا التطويق له رمزية واضحة هي ان كل عشائر الكرك، مسلمين ومسيحيين، قد جعلت دماءها ومصالحها امانة في عنق شيخ المشايخ. قال لي الشيخ عاطف عطوي المجالي الذي تم تنصيبه عام 2007 شيخا لمشايخ الكرك، ان نسبة المسيحيين كانت 60% من سكان الكرك منذ نهاية 1700 الى نهاية 1800 تقريبا. ومعلوم ان شيخ المشايخ قدر المجالي هو قائد هيّة الكرك عام 1910 ضد الظلم التركي.

بعد ان يطوق رجل الدين المسيحي عنق شيخ المشايخ يرد بقوله:

1. انتم منا ونحن منكم، و كلٌّ منا الله يعينه على دينه.
2. الذي يؤذي احدا منكم يؤذينا والله على هذا شهيد.
3. تبنون كنائسكم مثلما نبني مساجدنا وجوامعنا.
4. عيالنا عيالكم في الخير والشر.
5. بناتنا من بناتكم وعرض الكركيات واحد.
6. لا فرق بين النصارى والمسلمين. والله وكتبه ورسله يشهدون على ما نقول.

بعد ذلك يتم ابلاغ السلطات بالتوافق على شيخ المشايخ لتعتمد هذا الزعيم وتعين له من الموازنة العامة راتبا شهريا او يأخذ من مخصصات ما يسمى سابقا (الصرة) وهي المبلغ الذي كانت الدولة العثمانية توزعه لغرض حماية الحجاج، وهذا اجراء خاص بالكرك؛ لان الكرك سابقا هي مركزية قبائل وبلدان الاردن كلها.

و من بروتكول التنصيب تخصيص قطعة ارض واسعه له بالتوافق بين الشيوخ ليستعين بما تغله؛ لتكريم ضيوفه ولشراء هدايا من خيل وسلاح وملابس لزعماء القبائل المجاورة والموالية للكرك من الحضر والبدو.
كان اخلاص الزعيم الشيخ قدر المجالي وانتماؤه للكرك عجيبا. قال له اصحابه لماذا لا تتزوج لتنجب نسلا يرث اسمك؟ فآجاب هل تعتقدون ان نسلا يغنيني عن الكركية. اعلموا انه كلما ولدت سيدة من الكرك طفلآ شعرت انه ولدي مسيحيا او مسلما. فمالي والنسل!

هذه هي اخلاقنا. بهذا الوضوح وهذا الحسم وهذه الرحابة وهذه الحدة وهذا الايمان، ما تزال وستظل.

نحن كلنا مواطنون اردنيون حسب المادة 6 من دستورنا التي تفيض جمالا ونضجا وتطورا:

الأردنيون أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين.

إذن ليس في الأردن اقلية او أكثرية. الأقلية هم ابناؤنا الأغنياء فقط والأكثرية هم نحن الشعب بكل مكوناته الأبدية الجميلة. الأردنيون مواطنون لا رعايا ولا ذمّيون، يمضون كتفا الى كتف لإعلاء البنيان وتصليب الجبهة الداخلية ومكافحة وباء الفساد والدفاع عن قوت المواطن وحقه في العمل والعيش الكريم وحماية المنجزات والالتفاف حول العرش والجيش والأجهزة الأمنية.

نحن لا نتعايد فحسب، نحن نتبادل الدم في المستشفيات ونقدمه معا في الملمات والازمات.

تحية الى الكرك العريقة والى الاردن الجميل العامر بالاخوة والوعي واليقظة والمحبة.

(الدستور الأردنية)