موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ١٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠
نشيد عن نوح: «كما حدث في أيام نوح، فكذلك يحدث في أيام ابن الإنسان»

القدّيس رومانُس المرنِّم (نحو 560)، مؤلِّف أناشيد :

 

نشيد عن نوح

 

أبحرَ نوح العاقل والحكيم في السفينة بناءً على أمرٍ من الله مع أولادِه ونسائهنّ، وكانوا ثمانية أنفس. وكان هذا الخادمُ يصلّي بدون أن يتوقّف عن الأنين: "لا تدعني أهلِكُ مع الخاطئين يا مخلّصي لأنّني بتّ أرى الفوضى تتملّكُ الخليقةَ والعناصرُ ترتجف ذعرًا... السماءُ ملبّدةٌ، والغيومِ مستعدّة، والملائكةُ أتوا بسرعةٍ في مقدّمة غضبك". وبعد هذه الكلمات أغلق الله السفينة فيما راح المؤمن به يصرخُ: "يا مخلّص الكون أنقذ البشر كلَّهم من الغضب بالحبِّ الذي تحفظه لنا".

 

ومن أعلى السماوات أصدر القاضي أمرًا؛ فانفتحت الأقفال وانهمرت الأمطارُ سيولاً من الماء والبرَد في جميع أنحاء العالم. أظهر الخوفُ منابعَ الهاوية مغرقًا الأرضَ كلَها... وهذا كان أثر غضب الله لأنّ البشر ثابروا في العناد ولم يتردّدوا في مناجاته بإيمانٍ: "يا مخلّص الكون، خلّص البشرَ كلّهم من الغضب بمحبّتِك التي تحفظها لنا".

 

ثمَّ رأت مجموعةُ الملائكة هلاك الأشرار وصرخت: "فليملك الأبرار على الأرض كلّها!" لأنّ الله يحبّ رؤيةَ من خلقهم على صورتِه (تك 1: 26)؛ لذلك وضع قدّيسيه في مأمنٍ ليخلّصهم. "أَطلَقَ نوح الحَمامةَ مِنَ السَّفينَة فعادَت إِلَيه الحَمامةُ وَقْتَ المَساءِ وفي فَمِها وَرَقَةُ زَيتونٍ خَضْراء" (تك 11: 7-8) وهذا يرمزُ إلى رحمة الله. وخرج نوح من السفينةِ، بعد أن تلقّى الأمرَ، كمن يخرج من قبرِه... ولم يتصرّف كآدم الذي أكل قديمًا من الشجرة التي تعطي الموت بل أظهرَ نوح ثمرةَ التوبة قائلاً: "يا مخلّص الكون، خلّص البشرَ كلّهم من الغضب بمحبّتِك التي تحفظها لنا".

 

مات الفسادُ والظلم؛ أمّا الإنسان ذو القلب الصادق فخَلُصَ بإيمانِه لأنّه قد وجدَ النعمة... فقدّمَ نوح البارّ (تك 6: 9) ذبيحةً غير مدنّسة لله...؛ فتنشّق الخالقُ رائحتها اللذيذة فأعلنَ قائلاً: "لن يغرق العالمُ في طوفانٍ أبدًا، مهما كانت عيشةُ البشر سيّئةٌ. واليوم أبرم معهم عهدًا لا يزول. سأري سكّانَ الأرضِ جميعَهم علامةً فيتضرّعون إليّ: "يا مخلّص الكون، خلّص البشرَ كلّهم من الغضب بمحبّتِك التي تحفظها لنا".