موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢٥ يونيو / حزيران ٢٠٢٠
نرضى بالهمّ حتى لو لم يرضَ بنا!
الإيمان قوّة هائلة والصبر طاقة عظيمة في داخلنا

الإيمان قوّة هائلة والصبر طاقة عظيمة في داخلنا

أشخين ديمرجيان - القدس :

 

طفح الكيل لدى الغالبية العظمى من الناس، ولم يبقَ لديهم أيّ بصيص من الأمل في تنفّس هواء الحريّة الطلق بسبب جائحة الكورونا. لقد أتعبهم التباعد الاجتماعي وأعياهم الحزن فلم يعد لديهم طاقة للتحمّل. كانوا يحلمون ليل نهار ويرجون فكّ أسرهم من الرعب واطلاق سراحهم من طغيان الأبالسة كي ينجلي عنهم الغمّ. 

 

ولكن مرّة أخرى حذرت منظمة الصحة العالمية من موجة ثانية من فيروس كورونا يمكن أن تضرب العالم هذا الخريف لذلك تطلب رفع القيود بعناية. كلّ تصريحاتها جائرة بحقّ الشعوب لأنها تتآمر مع مركز القوى المهيمن على العالم ضدّ الإنسانية جمعاء. لذلك فقدت هذه المنظمة مصداقيتها وكشفت عن نواياها التي تسبّب الأذى لصحة الإنسان لأنّها هي الأخرى مسيّرة همّها أن يُلازمنا القيد والأغلال والقهر إلى ما لا نهاية. ما الذي يجعلها متأكّدة من الموجة الثانية؟ كما وحدّدت وقت حدوثه في الخريف منذ أشهر!

 

أرجو ألاّ يفقد المؤمن إيمانه بالله وأن يحاول التقرّب منه عزّ وجلّ وجدانيًا، لأنّ الحلول لديه تعالى وكذلك العلاج والمصل الواقي! ينبغي أن يطلب الإنسان الصالح المعونة الالهيّة القادرة على كلّ شيء ليحفّز عزيمته ويستقي القوّة والصبر والحكمة من لدنه تعالى. وأن يكون الله القدير مرجعًا له في قراراته وأفكاره. حينئذ يباركه الله ويستجيب لندائه ويغيّر حياته رأسًا على عقب.

 

محاولة التمرّد على الكورونا والبلاوي والمصاعب والعوائق والمصائب التي فُرضت علينا والتي نعجز عن تجنّبها يزيد من إحساسنا بالمرارة ويُضاعف من صعوبة الوضع المأساوي الدرامي. وإذا أردنا أن نقيّم الأمور تقييمًا يتناغم مع الحقيقة والأمر الواقع فالمنطق يوصينا بأن نركب العاصفة، لا أن نتململ فوقها بضعف وتردّد أو شكّ وريبة كي لا نغرق.

 

ولكن كيف نركب العاصفة؟ بمحاولتنا الارتقاء بالمشكلات والصعوبات، والسير خطوة واحدة جريئة باتّكالنا على الله، فتُصبح طاقة احتمالنا ومقدرتنا على الصبرأعلى ممّا تحتمله الطبيعة البشريّة، وذلك كلّه يُساعدنا على تقبّل المصائب بإيمان وتسليم.

 

من الطبيعي أن يتقرّب الانسان وجدانيًا من الله أكثر لدى احساسه بالمعاناة، كما ويُصبح شعوره قويًّا بأحزان غيره ويُشارك الآخرين آلامهم وآمالهم. ذلك أنّ النفس تزداد شفافيّتها لدى مواجهة الضيقات وتتضاعف رغبتها في تحقيق الأفضل وتتوق الى تحسين حياتها الروحانيّة وأيضًا تُبدي حاجتها إلى بناء الذات بناءً ايجابيًّا بفضائل خاصّة تفتقر اليها وتسعى للحصول عليها بلهفة.

 

علينا أن نتمتّع بالاتّزان والتعقّل لمواصلة السير في الطريق الشائك. لأنّ أعظم معلّم للانسان هو الألم. ولنقرّر بحزم معالجة أنفسنا متوكّلين على الله، وأن نوحي لذواتنا بالتغيير الجذري والصبر الجميل والمرونة وهدوء النفس. ولنُدرك أنّ "البليّة لا تقتلنا، بل قلّة صبرنا في تحمّل البليّة" وأنّ التمادي في التحسّر لن يجدي ولن يُفيد بل الدعاء والتوبة باستمرار.


 

خاتمة

 

الإيمان قوّة هائلة والصبر طاقة عظيمة في داخلنا. وتقول أبحاث علم النفس أنّ الصبر وتحمّل ألم الحرمان يزيد من قدرة الجسم على إفراز "الإندورفين" وهي عبارة عن هرمونات تحثّ الدماغ على افراز أفيونات الجسم الطبيعية التي تُخفّض شعور المرء بالألم وتحقّق له الاسترخاء وتمنحه حالة مزاجية عالية!

 

نرضى بالهمّ لو أدركنا مرّة واحدة فقط بأنّ آلامنا تُثمر وأحزاننا تأتي بنتيجة مفيدة حتّى لو لم يرضَ بنا!