موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
نداء البابا فرنسيس في اللقاء من أجل السلام: لا أحد يَخلُص بمفرده، سلام وأخوة

أبونا :

 

شارك البابا فرنسيس، عصر الثلاثاء، في لقاء الصلاة من أجل السلام، بروح أسيزي، بعنوان "لا أحد يَخلُص بمفرده: السلام والأخوة"، والذي نظّمته جماعة سانت إيجيديو، في بازيليك القديسة مريم في أراتشيلي في روما، بحضور بطريرك القسطنطينية المسكوني برثلماوس الأول، ورئيس مجلس الكنيسة الانجيليّة في ألمانيا، وعدد من رؤساء الكنائس وممثليها.

 

وبعد الصلاة من أجل السلام، توجّه قداسة البابا فرنسيس ورؤساء الكنائس إلى ساحة الكابيتول في روما، حيث شاركوا في لقاء دولي من أجل السلام، بحضور رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا، بالإضافة إلى عدد من ممثلي الأديان حول العالم. وفي ختام لقاء الصلاة الدولي من أجل السلام، تمّت قراءة نداء مشترك وجّهه ممثلو الكنائس والأديان إلى رؤساء الأمم.

 

وفيما يلي نصّه الكامل:

 

التقينا في روما "بروح أسيزي"، متحدين بالرّوح مع مؤمني العالم أجمع، ومع النساء والرجال ذوي النوايا الحسنة، وصلَّيْنا جنبًا إلى جنب نسأل نعمة السلام على أرضنا هذه. تَذكّرنا جراح البشريّة، وحملنا في قلوبنا الصّلاة الصامتة للعديد من المتألمين، وهم في أكثر الأحيان لا اسم لهم ولا صوت لهم. ولهذا نلتزم بأن نعيش بحسب هذا النداء إلى السلام الذي نوجهه رسميًا إلى مسؤولي الدول ومواطني العالم.

 

في ساحة الكامبيدوليو هذه، أيامًا قليلة بعد أعظم صراع عرفه التاريخ، أبرمت الدول التي تقاتلت ميثاقًا قام على حِلم الوَحدة، الذي تحقق في ما بعد: أوروبا الموحدة. اليوم، في هذا الوقت من البلبلة، والمُبتلَى بنتائج جائحة كوفيد -19، التي تهدد السلام إذ تزيد من عدم المساواة والمخاوف، إننا نقول بقوة: لا أحد يستطيع أن يخلُص وحده، لا شعب، ولا أحد!

 

الحروب والسلام، والجائحة ومعالجتها، والجوع والحصول على الغذاء، والاحترار العالمي والتنمية القابلة للبقاء، وهجرة السكان، والقضاء على الخطر النووي، والحد من عدم المساواة، كل ذلك لا يهم كلّ دولة وحدها فقط. نحن نفهم هذا بشكل أفضل اليوم، في عالم مليء بالروابط، لكنه يفقد مرارًا معنى الأخوّة. نحن، كلّنا، إخوة وأخوات! لنصلِّ إلى الله العلي لكي يعبر زمن المحنة هذا، ولا يبقى بعده مَن نرى فيهم أنّهم "الآخرون"، بل نبقى كلُّنا "نحن"، كبارًا معًا وأغنياء بتنوعنا. هذا وقت لكي نحلم فيه من جديد، ونحلم بجرأة أنّ السلام ممكن، وأنّ السلام ضروري، وأنّ العالم بدون حروب ليس يوتوبيا. لهذا السبب نريد أن نقول مرة أخرى: "لا حرب بعد الآن!".

 

للأسف، عادت الحرب وبدت للكثيرين أنّها وسيلة ممكنة لحل النزاعات الدوليّة. الأمر ليس هكذا. نريد أن نذكّر الجميع، قبل فوات الأوان، بأنّ الحرب تجعل العالم دائمًا أسوأ مما كان. الحرب هي فشل السياسة والإنسانيّة.

 

نناشد الحكام لكي يرفضوا لغة الانقسام التي غالبًا ما تدعمها مشاعر الخوف وانعدام الثقة، ولا يسلكوا طرقًا لا رجعة منها. لننظر معًا إلى الضحايا. ما زال هناك الكثير الكثير من الصراعات التي ما زالت مفتوحة.

 

إلى قادة الدول نقول: لنعمل معًا على بناء هندسة جديدة للسلام. لنوحّد قوانا من أجل الحياة والصحة والتربية والسلام. حان الوقت أن نستخدم الموارد المسخرة لإنتاج أسلحة فيها مزيد من الدمار، صانعة الموت، من أجل خيار الحياة، والعنايّة بالبشريّة، وببيتنا المشترك. لا نضيِّعْ الوقت! لنبدأ بأهداف قابلة للتحقيق: لنوحّد الجهود اليوم لاحتواء انتشار الفيروس إلى أن نجد اللقاح المناسب وعلى متناول من الجميع. تُذكرنا هذه الجائحة بأننا أخوات وإخوة بالدم.

 

إلى جميع المؤمنين، إلى النساء والرجال ذوي النوايا الحسنة، نقول: لنكن صناع سلام مبدعين، ولنبنِ صداقة اجتماعيّة، ولنجعل ثقافتنا ثقافة حوار. إنّ الحوار الصادق والمثابر والشجاع هو مضاد لانعدام الثقة والانقسامات والعنف. الحوار يقضي على الجذور وأسباب الحروب التي تدمر مشروع الأخوّة المثبَّت في دعوة العائلة البشريّة.

 

لا أحد يستطيع أن يشعر بأنه خارج الموضوع. جميعنا مسؤولون معًا. جميعنا بحاجة إلى أن نغفر وأن يُغفَر لنا. لا تتعافى المظالم في العالم والتاريخ بالكراهية والانتقام، بل بالحوار والمغفرة.

 

ليلهمنا الله جميعًا هذه المُثل وهذه الطريق التي نسيرها معًا، وليصوِّر قلب كلّ واحد منا، وليجعلنا رسل سلام.