موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٥ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٠
نحن في بطن الحوت

أشخين ديمرجيان :

 

يونان النبي (يونس) بن أمتّاي من مواليد إسرائيل، عاش في القرن الثامن ق.م. دعاه الله ليحمل رسالة التوبة إلى مملكة أشور وعاصمتها نينوى، وهي عدوّة بني قومه. لذلك أبى أن يبشّر بالخلاص أُمّة وثنية، فحاول الهرب من الله -على ظهر سفينة- إلى ترشيش. أمّا الرب فأعدّ حوتًا عظيمًا ليبتلع يونان، وبقي يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ... ثمّ نجّاه الربّ وأمر الحوت بأن يقذف يونان عند شاطىء البحر. وهكذا رضخ يونان إلى أمر الربّ، وانطلق إلى نينوى يبشّر أهلها بالخلاص (يو 17:1؛ 10:2) (متّى 12: 38 وتابع؛ 16: 4) (لوقا 11: 29 وتابع).

 

في العصر الحاضر، هاجت على  معظم الأمم والشعوب عواصف الشرّ، وصعدت أمام الربّ. ورغبوا في الهروب من وجه الربّ ومن الخلاص الأبدي على ظهر سفينة "أمراء الظلام" الذين يعدونهم بلقاح لا يشفي بل يحصد الأرواح. ونرجو بشفاعة أهل الصلاح والتقوى الذين يرفعون الأدعية ليل نهار، أن يحفظنا الله من هذا الشرّ وأن يعود الناس من المعصية إلى التوبة وأن يحذروا من السيئات.

 

كما كان يونان في بطن الحوت هكذا ابتلعنا اليوم الحوت الأعظم في جوفه، ولكن ليس بأمر الله. ابتلع الحوت كلّ الكون... ابتلع البشريّة بأسرها وتجارتها واقتصادها وصناعتها وثقافاتها وحضاراتها وعلومها وكنوزها وثرواتها. ولا يريد أن ينهل الأطفال والشباب من مَعين العلم، أو أن يمارس المؤمن تقواه في الكنائس أو الجوامع. وينتظر هذا الحوت اللعين اللحظة المناسبة كي يُطبق علينا بفكّه المفترس، لا سمح الله. مسدودة أمامنا جميع الطرق ولا أمل في خلاصنا إلاّ بالتوبة كي يحمينا الربّ من فكّ الحوت وفيروساته المصنّعة، وكي يقذفنا من جوف الحوت إلى برّ الأمان والسلامة. أمّا مَن يحلم بالخلاص على أيدي "أمراء الفساد" واللقاح المزعوم فسوف يخسر الدنيا والآخرة. يريد لنا الله كلّ خير وهو العليّ القدير، وما من شفاء وما من دواء إلاّ منه تعالى لأنّه يتحكّم بقوى الطبيعة بأسرها.

 

خاتمة

 

ينبغي أن نهرب من وجه الشرّ الطاغي ولكن بفرح وإيمان، مثلما هرب المسيح الطفل إلى أرض مصر هربًا من بطش هيرودس الذي أراد قتله، تحقيقًا للنبوات: "من مصر دعوت ابني" (من سفر النبي هوشع 11: 1). حدث ذلك عندما تراءى ملاك الربّ ليوسف مربّي الطفل في الحلم وقال له: "قُم فخُذ الطفل وأمّه واهرب إلى مصر وأقِم هناك حتّى أُعلمك، لأنّ هيرودس سيبحث عن الطفل ليُهلكه" (متّى 2: 13 وتابع). ولكن إلى أين نهرب؟ وقد بلعنا الحوت؟ - نهرب إلى نقطة لقاء وجداني معه تعالى ونسعى لعيش الملكوت والحياة الأبدية. تمامًا كما ورد في رسالة بولس رسول الأمم الإناء المختار إلى العبرانيين: "لأنّه ليس لنا هنا مدينة باقية، وإنّما نسعى إلى مدينة المستقبل" (عبر13 : 14).