موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
ميلاد المسيح رسالة دافئة في ليلة باردة

د. حنا عيسى :

رسالةُ السيد المسيح هي رسالةُ السلام، فقد أرسى دعائِمَ السلامِ الحقيقي بين الله والإنسان، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وفي عظتِهِ على الجبل قال السيد المسيح: "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناءُ الله يدعون".

المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة هذه هي القصيدةُ اليتيمةُ الفريدة، التي نظَّمتها السماءُ ولحنتّها، وأنشدتها الملائكةُ معلنةً بذلك بهجَتَها بميلادِ السيد المسيح، الذي هو ميلادُ السلام، وبدءُ العملِ بميثاقِ المصالحة بين السماءِ والأرض، وفَتْحِ باب الملكوت أمام المحرَّرين من الخطيّة.

ففي الليلةِ التي وُلدَ فيها المسيح يسوع مخلّصَ العالم، ابتهجت السماءُ وتهلّلت، ابتهاجَ الصادقِ الوفيِّ، وهو يبرُّ بوعده. ووقفَ ملاكُ الربِّ برعاةٍ بسطاء، فخافوا خوفاً عظيماً، فهدّأ الملاك روعَهم بقوله لهم: "لا تخافوا، ها أنا أبشركم بفرحٍ عظيم يكون لجميع الشعب، أنه وُلدَ لكم اليومَ في مدينة داود مخلصٌ هو المسيحُ الرب".

أجل تجسَّد الإلهُ الكلمةْ، من الروحِ القدسِ ومن مريمِ العذراء، وَوُلدَ في ملءِ الزمان، بل صارَ زمانُ ميلاده تاريخَ التواريخ، وابتدأ بميلادِهِ عهدُ النعمةِ والرحمةِ والحنان، عهدُ الحقِّ والمغفرةِ والقداسة.

عيد ميلاد سيدنا يسوع المسيح له المجد يعتبر من اهم الاعياد المسيحية بعيد عيد قيامة المسيح من بين الاموات وصعوده الى السموات، ويمثل تذكار ميلاد يسوع المسيح وذلك بدءًا من ليلة 24 كانون أول ونهار 25 كانون اول في التقويمين الغويغوري واليولياني غير انه ونتيجة اختلاف التقويمين ثلاث عشر يومًا يقع العيد لدى الكنائس التي تتبع التقويم اليولياني عشية 6 كانون ثاني ونهار 6 كانون ثاني.

يترافق عيد الميلاد باحتفالات دينية وصلوات خاصة للمناسبة واجتماعات عائلية واحتفالات اجتماعية أبرزها وضع شجرة الميلاد وتبادل الهدايا واستقبال بابا نويل وتناول عشاء الميلاد، علمًا أن اعدادًا كبيرة من غير المسيحيين تحتفل بالعيد ايضًا، وهو عطلة رسمية في اغلب دول العالم وفي الوطن العربي يعتبر عطلة رسمية في فلسطين والاردن وسوريا ولبنان ومصر ولابناء الطائفة في العراق.

نعم، أعياد الميلاد المجيدة تذكرنا كفلسطينيين منذ زمن طويل كمسيحيين ومسلمين بأننا جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الفلسطيني، وحضارتنا وتاريخنا المشترك يمليان علينا دوماً أن ننقل ما لدينا من ثقافة وحضارة للعالم أجمع، لأن قوة فلسطين تكمن في عمقها الحضاري ومكوناته المسيحية والإسلامية، وفي قوة الإنسان الفلسطيني واستمراريته عبر التاريخ، وانه لا يوجد لدينا كفلسطينيين أي مشكلة بين الأديان كي نتحاور لأنها أديان توحيدية، إنما المشكلة لدى البعض الذين لا يفهمون جوهر الأديان.

في الخامس والعشرين من شهر كانون اول من كل عام بحسب التقويم الغويغوري يحتفل المسيحون الغربيون بعيد الميلاد المجيد وفي السابع من كانون ثاني من كل عام يحتفل المسيحيون الشرقيون بعيد الميلاد المجيد.. هذا العيد الذي يحمل في معانيه وطياته الكثير وخاصة في فلسطين حيث فيها ولد السيد المسيح ونشر تعاليم ومبادئ الديانة المسيحية، وصلب وقام من بين الأموات وصعد إلى السموات من اجل خلاص البشرية.

فميلاد المسيح له المجد هو ميلاد المحبة، فالمحبة ينبوع القوة والوحدة والتقدم. لذا، حيث وجدت المحبة وجدت الحياة المشعة بالخير والبركة، وحينما فقدت المحبة ساد الشر والخطيئة.

نعم إننا كمسيحيين في فلسطين وكجزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني نحتفل بميلاد المسيح تعبيرا عن إيماننا وعقيدتنا الراسخة بان سيدنا المسيح سيكون دائما بجانبنا حتى نتخلص من الاحتلال وبطشه، وعلى يقين أكيد من محبة يسوع لنا تخفف عنا أوجاعنا نتيجة الظروف القاسية والصعبة التي نعيشها في فلسطين، وان يفك عنا الحصار التي تفرضه إسرائيل على شعبنا بحرمانه من التنقل من مكان إلى اخر. إننا في فلسطين ندعو الله أن يستجيب لأبناء الشعب الفلسطيني الذي على مدار عشرات السنين الماضية يعيش حالة الظلم والاضطهاد والفقر.. هذا الشعب الذي يطمح كباقي شعوب المعمورة للحصول على استقلاله وحريته.. هذا الشعب الذي قدم الكثير لان يتحرر من براثين الاحتلال.

إننا في أيام أعياد الميلاد المجيدة نطلب من الرب مخلصنا أن يعيد اللحمة الوطنية لأبناء شعبنا، وأن يبقى أبناء الشعب الفلسطيني موحدين تجاه قضيتهم الاسمي "فلسطين"، وان تتحقق الوحدة الوطنية من خلال بناء جسور الثقة المتبادلة لأبناء الوطن الواحد الموحد.

ها هو العيد من جديد يطل علينا في كل سنة وفي مثل هذا اليوم تخضر شجرة الميلاد وتتلاءلىء نجمة السماء.. تدعونا لنفتح قلوبنا للنور.. تدعونا للمحبة.. تبحث عن قلب صادق.. ليكون مغارة ليسوع المسيح..في مثل هذه اليوم نحتفل بميلاد المحبة.. تقرع أجراس العيد.. مرنمين فرحين بولادة المخلص يسوع المسيح.

المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة.

حبيبتي مدينة بيت لحم: هنيئا لك ميلادك ، فأنت رمز الجنة على الارض.. وجعلت الجنة لمن أحبك. أعادَ الله أعيادَه المقدسة عليكم جميعًا، باليمنِ والبركات، ووطَّدَ أمنَه وسلامَه في أقطارِ المسكونَةِ قاطبةً، وخفّفَ عن الناسِ ويلاتَ الحروبِ والنزاعات والمجاعات بنعمته تعالى آمين. وكل عام وأنتم بألف خير.