موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٦ أغسطس / آب ٢٠١٥
موقع أبونا: 12 عاماً من المحبّة في الاعلام

رئيس التحرير :

مع إطلالة فجر السابع والعشرين من آب، يضيئ "موقع أبونا" شمعته الثانية عشرة، وسط غابات من المواقع الإلكترونية التي تطرح في كل نهار ألوف الأخبار والتقارير والمقالات والتحليلات. وبعيداً عن التوقف عند الأعداد: أعداد المتابعين والقراء والكتّاب والمقررين... وهذا شأن المواقع الحديثة العهد، وبعيداً عن الشوفينية والنرجسية والنظر إلى الأمور من باب المفاضلة والتحيّز والتباهي كحلم يوسف بأننا الكوكب الثاني عشر والكواكب الأحد عشر تسجد له، لا سمح الله، لكن، يحق لنا في هذا العام أن نشكر الله تعالى، على نعمة الثبات في المحبة. وما دخل المحبة في الأمر؟ لأنها الكل في الكل وهي السحر الذي يضفي الجمال والروعة على كل شيء.

والمحبة في الإعلام هي أن يكون العامل في هذا الحقل من أتباع "ثقافة اللقاء" التي يتكلم عنها البابا فرنسيس، كما تكلم عنها أسلافه الأعزاء وبالأخص بندكتس ويوحنا بولس الثاني الذي ما زال شفيعاً للموقع والقائمين عليه. والثقافة هذه قد تبدو سهلة الاتباع والقيادة، إلا أنها وفي تطور الأحداث السريع في بلداننا العربية والعالمية، تزيد صعوبتها يوماً بعد يوم، وتضمحل إمكانية تبنيها كسياسة حياة وإعلام. فالثقافة اليوم –إن كان حقاً تسميتها ثقافة– هي الانغلاق والتحزب والإلغاء –أي إلقاء الآخر أرضاً– وهي التعصب الديني والاثني وفي بلداننا العشائري والطائفي، وما ولادة الحركات المتطرفة في كل مكان، ورغبتها في إلقاء الآخر خارجاً عن حساباتها إلا مثال بل نتيجة حتمية للثقافة السائدة هذه الأيام.

إلى ذلك، ولما كان التحزّب والتعصّب الدينيين من سمات العصر اليوم، وبتنا كما قلنا في السابق: "قد تطوّرنا تقنياً وتكنولوجياً، وتأخرنا حضارياً"، لا نستطيع أن نطلق على كل ما هو "إلكتروني" لقب الحضاري والتقدمي، بل هو فقط الوعاء الذي علينا أن نضع فيه المحبة، بكافة أشكالها وألوانها، حفاظاً على ألوان الشرق المتعددة، بعيداً عن الانغلاق والاستماتة في نشر ثقافة "اللون الواحد".

وسط هذه "الميمعة أو "الطعة وقايمة" على قولنا الشعبي في الأردن، ووسط هذه الفوضى التي بالمناسبة ليست خلاقّة (كما كان رئيس أميركا السابق يقول) بل هدامة، يستمر موقع أبونا الذي انطلق قبل اثنتي عشرة سنة، من بلدة السماكية جنوب الأردن، ليكون دائماً مسلطاً الضوء على ما يسميه البابا فرنسيس الأطراف والضواحي، وليس التركيز على المركزي وأبناء الذوات وأصحاب السلطات والجاهات والوجاهات... إنما ومنذ نشأته، يبقى أبونا مدافعاً عن الحق الإنساني في العيش الكريم، والانفتاح على الآخر وعلى كل المكونات التي تشكل ليس فقط المجتمع المحلي أو العربي، وإنما كذلك الإنساني على اتساع رقعة تواجده في هذا الوجود. لذلك، كان الشعار وما زال: إعلام من أجل الإنسان.

هذه السنة مميزة، فهي السنة الثانية عشرة، وهو رقم عزيز في الكتاب المقدس، وإن كان موقع أبونا قد وصل إليه، فإنه بفضل الجهود الكبيرة التي بذلت فيه، وبفضل الأقلام التي سطرّت على صفحاته الرقمية، وبشكل يومي، أبلغ التعابير والنفس الإنساني، بالرغم من قوى الشد العكسية وسوء الفهم من عدة جهات. وتطل هذه الذكرى بعد عام من تهجير الإخوة العراقيين، وهم أحباؤنا وإخوتنا، ليس فقط في الدين، وإنما في الإنسانية وفي الألم الذي تعاني منه شعوب المنطقة برمّتها. وبعد عام كذلك من إنطلاقة اللغة الإنجليزية في الموقع، وهو كذلك متابع بشكل حثيث وبالأخص من قبل إخوتنا وأصدقائنا في الخارج، وقد تكوّنت في العام الماضي، شراكة قوية مع عدة مواقع إلكترونية دولية واسعة الانتشار، مثل صحيفة لاستامبا الإيطالية وموقعVatican Insider وغيرهما...

والعام الماضي تم اختيار مراسلنا في أربيل "ستيفان شاني "رجل العام، كونه عمل مراسلاً لأبونا من أربيل، وبالأخص مع الأخوة المهجّرين، فكان أبونا نافذتهم للعالم. وهذا العام يطيب لي أن أشكر شخصين، الأول مقيم في الأردن، وهو الشاب ماثيو شمامي، وهو عراقي الجنسية، إلا أن تقاريره التي يكتبها بشكل متواصل، تلاقي القبول والرضى والإعجاب من قبل ألوف القراء. والثاني هو السيد سامح مدانات، في لوس انجلس، والذي بالرغم من تعرضه لوعكة صحية ألمّت به، وما زلنا نطلب له الشفاء التام منها، إلا أنها لم تمنعه من مواصلة العمل وارسال الأخبار والتقارير والترجمات لموقعه أبونا.

والشكر طبعاً للبطريركية اللاتينية المالكة للمركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الذي يصدر عنه الموقع، وكذلك لحراسة الأراضي المقدسة - الفرنسسكان، ولجميع شركائنا في الأردن والوطن العربي والفاتيكان والعالم أجمع.

أما وقد وصل أبونا إلى سنته الثانية عشرة، فإن ما نتمناه هو أن يكون العام المقبل خيراً من هذا، وأن نحتفل بالذكرى الثالثة عشرة، وقد تبدّلت أحوال الأمم والشعوب والأوطان العربية الممزقة إلى الأفضل، بإذن الله.. وكذلك فما نتمناه على المواقع الشقيقة، وبالأخص حديثة العهد، هو أن تكون المحبة هي أساس العمل، وأن تكون الأمانة العلمية سيدة للموقف، وهذا أقل ما يطلب من المواقع ذات الصبغة الدينية والإنسانية.

نحييكم في هذه الذكرى الثانية عشرة...
راجين أن تذكرونا بصلواتكم وأدعيتكم...
ودائماً المحبة في الإعلام هي التي تعطيه النكهة والألق في الحضور...
وبدونها لا إعلام، ولا ما يحزنون!..

أسرة موقع أبونا
عنهم الأب رفعت بدر، رئيس التحرير