موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ١ أغسطس / آب ٢٠١٩
من عوائق السياحة البينيّة العربية

د. صلاح جرّار :

ما الذي يبحث عنه السائح العربي عندما يريد أن يقضي إجازته خارج بلده؟ إنّ أوّل ما يبحث عنه هو الراحة: راحة الجسد وراحة الأعصاب وراحة الفكر، فضلاً عن الاستمتاع بالمناظر الجميلة من خضرةٍ ومبانٍ وآثار وبحار وأنهار وشلالات وغير ذلك، وما من شيء من هذه الأشياء إلاّ وهو موجودٌ في الوطن العربي الشاسع المساحة من المحيط إلى الخليج ومن أقصى شماله إلى أقصى جنوبه، فبعض بلدان هذا الوطن مشهور بآثاره، وبعضها مشهورٌ ببحاره وأنهاره ومياهه وسواحله، وبعضها مشهورٌ بمبانيه الرائقة الفخمة وصناعاته المختلفة ومنتجاته النوعية المتميّزة، وبعضها مشهورٌ بأطعمته وأشربته وفنادقه وخدماته، وبعضها مشهورٌ بغاباته وحدائقه وبساتينه وثماره، وبعضها مشهورٌ بمسارحه ومتاحفه ومكتباته، وبعضها مشهورٌ بنظافته ونظامه وجماله، وبعضها يمتلك عدّة ميّزات ممّا ذكرت. إلاّ أنّ المواطن العربيّ –مع كلّ ذلك- عندما يخطط لقضاء إجازته سائحاً، فإنّه كثيراً ما يفكّر ببلدانٍ غير عربيّة في الشرق أو في الغرب، إلاّ إذا كان غير قادرٍ على تحمّل تكاليف قضاء إجازته في بلد أجنبي، فعند ذلك يختار بلداً عربيّاً قريباً وقليل التكاليف، ونتيجة لذلك فإنّ كثيراً من المال العربي يتدفق خارج الوطن العربيّ بدلاً من إنفاقه في البلدان العربيّة واستخدامه في التنمية وفي الارتقاء بالخدمات السياحية والمحافظة على المعالم السياحية العربيّة. وتوجد أسباب عدّة لهذا التقصير في جذب السائح العربي للسياحة داخل الوطن العربي، أهمّها ما يعانيه المواطن العربي من شقاء وتعب وإهانة في سفارات البلدان العربيّة عند تقديمه طلباً للحصول على تأشيرة لدخول بلدٍ عربيّ آخر، إلاّ ما ندر ومن رحم ربّي، فمنذ اللحظة التي يدخل فيها المواطن العربي سفارة بلدٍ عربي آخر للحصول على تأشيرة أو عند وصوله إلى حدود بلدٍ عربيّ آخر سواءً أكانت حدوداً بريّة أم بحريّة أم مطارات، فإنّه يعامل معاملة المتهم والمشبوه، وإذا كان الأمر كذلك فأيّ راحةٍ نفسية وجسديّة وفكريّة تلك التي يسعى إليها من خلال سياحته إذا كان سيلاقي تلك المعاملة المشينة والمهينة؟!

ومن أهمّ أسباب النفور عن اختيار البلدان العربيّة للسياحة من قبل المواطن العربي التوترات السياسية بين أقطار الوطن العربي، فلا يدري السائح في أيّ لحظة يمكن أن يقع ضحيّة للخلافات السياسية بين الأنظمة العربيّة.

ومن تلك الأسباب أيضاً تقصير كثير من الدول العربيّة في توفير الخدمات السياحية من فنادق ومطاعم ومواصلات، وحماية السائح من المتسوّلين وأمثالهم.

وإلى جانب ذلك فإنّ ثمّة تقصيراً واضحاً في الترويج للأماكن السياحية في البلدان العربيّة وتعريف المواطن العربي بها وحثّه على زيارتها وتوفير عروض من وزارات السياحة والشركات السياحيّة تشجّع السائح على اختيار البلدان العربيّة بدلاً من الدول الأجنبية.إنّ السياحة البينيّة العربيّة ذات أهمية بالغة وفوائد جمّة للمواطن العربي وللأوطان العربيّة، على السواء، يجب السعي إلى تعزيزها وتشجيعها والترويج لها وإزالة جميع العوائق من وجهها وتذليل جميع الصعوبات التي تعترضها، والتعاون من أجل إنجاحها والنهوض بها.

(الرأي الأردنية)