موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الأحد، ٢٨ ابريل / نيسان ٢٠١٣
مصادرة سافرة لحرية العبادة للمسيحيين

د. ندى الحايك خزمو :

هل هناك من شيء أسوأ من أن يحرم انسان من حقه في العبادة وفي الدخول الى بيت الله للصلاة والتعبد؟ هل من قانون في العالم يقر حرمانه من هذا الحق؟ أم أن اسرائيل بقيادتها تمتلك أن تغير كل قوانين الدنيا لتتلاءم مع مصالحها، بل مع حقدها الدفين على الفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين.. بل لتأكيد "حقها" في كل شبر من فلسطين وبخاصة القدس، فتستخدم كل الوسائل والأساليب للاستيلاء على كل شيء حتى على الأماكن المقدسة!!

ففي كل عام في فترة عيد القيامة المجيدة، وخلال أسبوع الآلام وهو الأقدس لدى المسيحيين العالم أجمع، فما بالك لمواطني القدس التي شهدت آلام وموت وقيامة السيد المسيح له المجد ، يُمنع المسيحيون من حقهم في التواجد في كنيسة القيامة للقيام بشعائرهم الدينية التي ينتظرونها بفارغ الصبر طوال العام ليسيروا على درب الآلام، ويعيشوا معاناة السيد المسيح ويحتفلوا بقيامته.. حيث ينصب الاحتلال الحواجز في البلدة القديمة، وبخاصة على كل طريق يؤدي الى كنيسة القيامة، ولا يكتفون بذلك بل وينصبون الحواجز أيضاً داخل ساحة الكنيسة بل ويحولونها الى ثكنة لأفراد الشرطة المسلحين، الذين يقومون بكل همجية بمنع المصلين من الدخول اليها بكافة الطرق والوسائل ومنها استخدام العنف، والذين أيضاً يستبيحون قدسية الكنيسة نفسها بأعمالهم التي لا تمت لاحترام حرمة الأماكن المقدسة بأية صلة، يمضغون اللبان ويسمعون الأغاني ويتحدثون بالهواتف النقالة ويضحكون ويصرخون على المصلين و... الأهم من ذلك تواجدهم بأسلحتهم داخلها الأمر المحرّم في أي مكان مقدس.

في هذا العام بالذات ارتكبت شرطة الاحتلال أعمالاً منافية لكل المبادئ وتحدّت، بل وانتهكت كل قوانين حقوق الانسان الدولية وغير الدولية، وبخاصة في يوم الجمعة العظيمة بحسب التقويم الغربي.. فهل من عاقل يرضى بأن تنتهك حرية العبادة بهذا الشكل السافر ولا تحرك ساكناً، وأين قادة العالم المسيحيين، وبخاصة الرئيس اوباما الذي يُفترض بأنه مسيحي، مما يحدث في الأراضي المقدسة من انتهاكات لحرية العبادة للمسيحيين والمسلمين أيضاً . وكيف يرضى على نفسه بأن تتحول كنيسة مقدسة، بل هي الأقدس في العالم بأجمعه الى ترسانة للمسلحين، بينما يُحرم الفلسطينيون المسيحيون من الدخول اليها.. وهل الحفاظ على الأمن داخل الكنيسة – الذي يدعي الاحتلال بأنه يقوم به- يعطيهم الحق بأن يدنسوا كنائسنا ؟

وهنا نتساءل أيضاً أين رؤساء الكنائس من هذا الذي يحدث، وليست هذه هي المرة الأولى بل هي تتكرر كل عام، فلماذا يكتفون برسائل استنكار توجه لقادة الاحتلال أو بيانات شجب، ولا يقومون باجراءات فعلية وعملية لمنع تكرار هذه الاعتداءات السافرة على المصلين والكنائس.. ألا يكفي منع الاحتلال لمعظم مسيحيي الضفة والقطاع من الوصول الى القدس،فالتصاريح التي تعطى هي لنسبة قليلة من المسيحيين، ورغم ذلك فهم لا يستطيعون الوصول الى كنيسة القيامة للقيام بالشعائر الدينية ، ألا يكفي ذلك فيُحرم أيضاً مسيحيو القدس من حقهم في العبادة في كنيستهم بينما يُسمح للأجانب وحتى لليهود أيضاً للتواجد فيها. فأين أنتم يا رؤساء الكنائس وهل من اجراءات ستتخذونها لايقاف هذه الانتهاكات السافرة والمخزية والاستباحة لحرمات مقدساتنا التي يقوم بها الاحتلال ، هل ستكتفون برسالة احتجاج خجولة؟!

الصهاينة يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عند أي كلمة بحق اليهود، وكلمة "اللاسامية" هي سلاحهم الذي يلوّحون به ويتهمون به كل شخص يقول كلمة حق تناقض تطلعاتهم ومصالحهم .. ونتساءل هنا ماذا سيفعل رؤساء الديانة اليهودية لو أن المصلين من اليهود منعوا من الوصول الى أي كنيس لهم في أي مكان في العالم، هل سيصمتون؟! لا وألف لا بل انهم سيستخدمون كل الطرق والوسائل الشرعية وغير الشرعية، وحتى سيتوجهون الى الأمم المتحدة، بل وربما سيستخدمون الحلول العسكرية من أجل القيام بحقهم في العبادة، فلماذا نحن نصمت على كل انتهاك بحقنا ولا نستخدم كل الأساليب والطرق للحيلولة دون تكرار مثل هذه الانتهاكات المتواصلة؟!

ربما تقولون يا سيادة رؤساء الكنائس الأكارم بأنه ليس بأيدينا شيء نفعله سوى الاعتراض برسائل احتجاج واستنكار.. ونحن نقول لكم هناك الكثير تستطيعون القيام به فمثلاً:

- ان كانت الحجة هي المحافظة على الأمن والنظام داخل الكنيسة، فلماذا تعطونهم هذا المبرر ولا تقومون بأنفسكم بالحفاظ على النظام، ان كان ذلك باستخدام لجان من مختلف الكنائس تقوم بهذه المهمة، أو باتفاقيات فيما بينكم لمنع أي احتكاك بين الطوائف المختلفة.. فهكذا لا يكون هناك من مبرر للاحتلال لدخول كنيسة القيامة وانتهاكها بهذه الصورة.

- فيما لو اعترض الاحتلال على الحل الأول فيكفي الاعلان عن اغلاق كنيسة القيامة خلال فترة الاحتفالات احتجاجاً على الانتهاكات بحق الكنيسة المقدسة ، فان ذلك سيكون بمثابة السهم القاتل للاحتلال أمام العالم المسيحي بأجمعه، لأن جميع أنظار المسيحيين في كل أنحاء المعمورة تتجه خلال الأسبوع المقدس الى كنيسة القيامة لمتابعة الاحتفالات فيها، وسيكون اغلاق الكنيسة أكبر ضربة توجه للاحتلال الذي يتغنى باحترامه لحرية العبادة لكل الأديان، فان مثل هذه الخطوة ستعرّيه أمام الرأي العام العالمي، وستؤدي الى احتجاجات دولية ستجبر الاحتلال على التوقف عن مثل هذه الممارسات والانتهاكات السافرة..

نريد أن نصلي في كنائسنا وليس لأحد الحق، كائن من كان، أن يمنعنا من ذلك.. هذا هو الشعار الذي يجب أن تتمسكوا به، وأن تعملوا بكل جهودكم من أجل ممارسة هذا الحق.

· كاتبة وصحافية في مجلة البيادر المقدسية