موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الأربعاء، ٨ مايو / أيار ٢٠١٣
مسيحيو القدس تحت الاحتلال

د. عايدة النجار :

نقلا عن الدستور الاردنية

لم يستطع آلاف المسيحيين الفلسطينيين العرب دخول القدس للاحتفال بيوم “سبت النور “المقدس عند المسيحيين أو” الجمعة العظيمة “في ذكرى صلب المسيح كما المعتقد المسيحي . تبرهن إسرائيل مرارا أنها مستمرة في سياستها الاستعمارية بشكل مدروس ومرسوم ضد من يرى في القدس مهدا للديانات السماوية . فقد منعت آلاف المسيحيين العرب القادمين من القرى والمدن الفلسطينية لدخول القدس للصلاة في كنيسة القيامة في الوقت الذي تسمح به للحجاج الأجانب لكي لا تكشف عن أهدافها الدفينة لتهويد المدينة وابعاد العرب السيحيين والمسلمين عنها . مفهوم الديمقراطية التي تتشدق بها أمام الغرب بادعائها أنها “ الدولة الديمقراطية الوحيدة “ في المنطقة تبدو واضحة للعالم إذا ما تفهم المراقب لما يجري تحت الاحتلال. ولعل لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة تقوم باضافة ما تقوم به سلطات الاحتلال فى تقاريرها الكثيرة التي وثقتها حول الجرائم التي تقوم بها إسرائيل والانتهاكات الصارخة في أكثر من تقرير منذ عام 1967 ضد المسيحيين العرب .ولا تستطيع إسرائيل أن تنكر هذا الفعل وبخاصة أن الاعلام المحلي والعالمي يظل شاهدا على السياسة الاسرائيلية العنصرية ضد من يمارس معتقداته الدينية من العرب. وليس هذا بجديد إذ تقوم إسرائيل بمنع الفلسطينيين المسلمين أيضا بشكل مستمر من دخول القدس في الأيام العادية لزبارة القدس أو لأداء الصلاة في الحرم القدسي من كل يوم جمعة كما تضيّق عليهم في الأعياد الوصول للقدس من أنحاء فلسطين المحتلة . وقد قامت ببناء معابر التفتيش وجدران الفصل العنصري التي تقطع أوصال الأرض الفلسطينية لتصبح كانتونات متفرقة .

مسيحيو القدس يواجهون مشاكل جمة و جادة في ظل الاحتلال , فالكنائس المسيحية تعاني من المضايقات التي تهدد الحفاظ على ترميمها و صيانتها ،بالاضافة لاعاقة سير نشاطات رجال الدين .و تشير مقالة نشرت في جريدة(كريستيان ساينس مونيتر) 4 ايار، 2004 ، بأن “السلطات الاسرائيلية لم تجدد التأشيرات وتصريحات الاقامة لمئات من العاملين الدينيين “ . بالاضافة تشكو الجمعيات الخيرية من فرض الضرائب عليها بالرغم أنها كانت تتمتع بالاعفاء الضريبي منذ الحكم العثماني . وتزيد إسرائيل معاناة الكنيسة تحت الاحتلال من بناء جدار الفصل العنصري الذي يقتطع من الأراضي ويسد الطرق أمام المصلين والحجاج .

لقد خلق الاحتلال واقعا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا أليما للفلسطينيين في القدس مما ساهم في تناقص عدد المسيحيين ، إذ لا يتجاوز عددهم العشرة آلاف وهي نسبة ضئيلة .يعاني أهل القدس من المضايقات المستمرة الهادفة لابعادهم عن المدينة وتستهدف أسرائيل المسيحيين الارثوذكس مثل المسلمين .من هذه المعاناةعدم السماح لهم ببناء بيوت جديدة أو ترميم بيوتهم القديمة وتقوم بمصادرة هوياتهم بالاضافة لعدم توفرالجامعات والمعاهد للدراسات العليا . ولعل أهم الأسباب لمضايقتهم يتجلى في تزايد عدد اليهود المستوطنين في القدس والذين يستولون على المنازل ويسكنوها ، وقد تشجع اليهود على السكنى في المدينة القديمة بعد أن تملك( شارون) بيتا فيها ورفع العلم الاسرائيلي بكل وقاحة منذ سنين . بالاضافة فقد نشطت الحركة الصهيونية بتسهيل معاملات هجرة المسيحيين العرب الى كندا واستراليا .

سياسة إسرائيل في التضييق على المسيحيين العرب والمسلمين لتفريغ القدس - وكما هو معروف- من أجل تحقيق حلمها بهدم المسجد الاقصى لبناء هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه. وما تقوم به اليوم من منع المسيحيين من الاحتفال بأعيادهم بحججها الكاذبة ما هو الا من وسائلها المرسومة . مثل هذه الممارسات في الايام العادية أو في أيام الأعياد أصبحت معروفة ليس للعرب المسلمين والمسحيين فحسب بل للعالم الذي يغطي على جرائم الاحتلال . لا بد من رفع الصوت في أوروبا وأمريكا وبشكل خاص أمام العالم المسيحي لفضح إسرائيل التي لا تحترم أي دين إذا كان غير دينهم اليهودي.ولتكشف لهم أنها ضد المسيحية العربية الفلسطينية كما هي ضد المسلمين .هدف إسرائيل من كل هذا هو تفريغ القدس لتصبح المدينة المقدسة عاصمتها الأبدية كما أحلامها الدينية والمدنية . الصورة واضحة ، والعالم يتفرج دون فعل يردعها لايقاف هذه الجريمة التي تعتبر ضد حرية العبادة وحقوق الانسان. وضد الشعب الفلسطيني بكل فئاته و الواقع تحت الاحتلال الذي طال عذابه.