موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٦ يناير / كانون الثاني ٢٠١٩
مسيحيو أندونيسيا يعدّون مواضيع ’أسبوع الوحدة‘ لهذا العام

أبونا :

ينظم أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، من 18 وحتى 25 كانون الثاني من كل عام. وقد أعدّ موضوع الصلاة لهذه السنة 2019 مسيحيو أندونيسيا، من خلال فريق محلي يُمثّل مختلف الجماعات المسيحية الإندونيسية (مُنتدب من قبل كنائس إندونيسيا ومجلس الأساقفة الكاثوليك فيها)، بالتعاون مع ’مجلس الإيمان والدستور‘ التابع لمجلس الكنائس المسكوني، والمجلس البابوي لإعلاء وحدة المسيحيين في الفاتيكان.

أندونيسيا: الوحدة في التنوّع

يبلغ عدد سكان أندونيسيا حوالي 265 مليون نسمة، ويقدر عدد المسلمين فيها 86 بالمئة. وتعرف أندونيسيا كأكبر بلد من حيث كثافة السكان المسلمين. والمسيحيون الأندونيسيون يشكلون 10 بالمئة بتقاليد متنوعة. فعلى صعيد السكان، كما على صعيد المساحة، تعد أندونيسيا أهم بلد في منطقة جنوب شرق لآسيا. إنها مؤلفة من أكثر من 17 ألف جزيرة، و من 1240 إثنية مميزة، وأكثر من 740 لغة محلية، ولكن، ضمن هذه التعددية، تتحد فيما بينها بلهجة وطنية واحدة: الـbahasa Indonesia. وترتكز الدولة على خمسة مبادىء تدعى هي: الإيمان بإله واحد، إنسانية عادلة ومتحضرة، وحدة أندونيسيا، ديمقراطية مؤسسة على الحكمة مُعبّر عنها بالإجماع في التشاور بين المنتخبين، والعدالة الاجتماعية لكل شعب أندونيسيا. كما ترتكز على شعار: "الوحدة في التنوّع". ومن خلال هذا التنوّع الإثني، واللغوي، والديني، يمارس الاندونيسيون مبدأ "حياة تعاون وتضامن"، وهذا يعني أنهم يتقاسمون كل جوانب الحياة، والعمل، الحزن والفرح، وأنهم يعتبرون كل الأندونيسيون إخوة وأخوات.

لكنّ هذا التناغم السريع العطب على الدوام، يواجه حاليًا تهديدات جديدة. قسط مهم من النمو الاقتصادي الأندونيسي، نتج عن نظام مركّز على المنافسة، الأمر الذي يتناقض بصورة غريبة مع مبدأ التضامن. فالفساد يظهر بطرق مختلفة، يطال السياسة وعالم الأعمال بنتائج مشؤومة. كما أنه يؤثر بشكل خاص على العدل وعلى تطبيق القوانين. وغالبًا، أولئك الذين يفترض بهم أن يطبّقوا العدالة ويحموا الضعفاء، يفعلون في الواقع العكس. وهذا يؤدي إلى اتساع الهوّة بين الأغنياء والفقراء، وهكذا، يعرف هذا البلد المزدهر بالموارد فضيحة عدد كبير من السكان يعيشون حالة فقر. كما يعبّر عن ذلك مثل أندونيسي قديم: "فأرة تموت جوعًا في مستودع مليء بالأرزّ".

"اتبع البرّ، ولا شيء سوى البرّ"

وفي هذا الإطار، استدركت الجماعات المسيحية أهمية وحدتها، إذ اهتمت معًا بهذه الحالة الجائرة، وقدّمت لها جوابًا مشتركًا. وفي الوقت عينه، وبما أنهم في مواجهة مع هذه المظالم، فهم ملتزمون، كمسيحيين، بأن يبحثوا في تواطئهم معها. فلا يمكنهم تقديم شهادة للوحدة المعاشة في التنوع، إلا من خلال اعتمادهم على صلاة يسوع: "ليكونوا واحدًا". فباتحادهم مع المسيح يستطيعون محاربة الظلم، وتلبية حاجات من هم من ضحاياه.

يتأثر المسيحيون الإندونيسيون بهذه المواضيع، ويعتبرون أن هذه الكلمات من كتاب تثنية الاشتراع: "اتبع البرّ ولا شيء سوى البرّ" (تث 16: 18-20)، تعرض تمامًا وضعهم وحاجاتهم. فقبل أن يدخل شعب الله أرض الميعاد، جدد التزامه نحو العهد الذي قطعه الله معه. يدخل هذا المقطع في فصل يتكلم أصلاً عن الأعياد التي كان يتوجب على شعب العهد أن يحتفل بها. فإليك ما ان يتوجب على الشعب أن يعمل بعد كل عيد: "وافرح في عيدم هذا أنت وابنك وابنتك وخادمك وخادمتك واللاوي والمهاجر واليتيم والأرملة، الذين في مدنك" (تث 16: 14 و16: 11). والمسيحيون الأندونيسيون يسعون أن يسترجعوا روح العيد الحقيقي هذا، والذي عرفوه قديمًا في جماعاتهم.

في نهاية هذا الفصل الطويل من تثنية الاشتراع، قد يبدو مستغربًا وجود آيتين اثنتين تتكلمان عن القضاة، ولكن في الإطار الأندونيسي، فإن العلاقات بين مفاهيم الأعياد للجميع وبين العدالة هي جليّة. كشعب عهد قائم بيسوع، ندرك أن بهجة المائدة السماوية تُعطى للجائعين، وللمضطهدين من أجل البرّ، لأن "ملكوت السموات لهم" (متى 5: 6، 10).