موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٤ فبراير / شباط ٢٠١٧
مستشفى كاريتاس بيت لحم: حيث يوحّد الأطفال المرضى المسيحيين والمسلمين

بقلم: كريستينا اغوشوني ، ترجمة: سامح مدانات :

<p dir="RTL">بدأت هذه القصة في الأراضي المقدسة عام 1952: ليلة عيد الميلاد، ارنست شنايدريق، الكاهن السويسري، يقرر زيارة بازيليكا المهد في بيت لحم. وخلال مروره أمام مخيم للاجئين، يرى أبًا مزمعًا على دفن ابنه. ويكتشف أن الابن مات بسبب عدم وجود الرعاية الصحية، وأن نسبة الوفيات بين الأطفال في هذا المخيم عالية جدًا. وبسب تأثره العميق بما رأى، تساءل كيف يمكنه أن يساعد، وفي فترة قصيرة وبمساعدة طبيب فلسطيني، قرر أن يستأجر غرفتين وأن يقدم خدمة العناية بالأطفال. وكان حلمه أن يبني مستشفًا، فقام بالترويج لمشروعه في سويسرا وألمانيا، حيث كان عضوًا في جمعية الكاريتاس.</p><p dir="RTL">وبعد وقت قصير وُلدت جمعية بيت لحم السويسرية الألمانية للعناية بالأطفال (<span dir="LTR">Swiss-German association Kinderhilfe Bethlehem</span>) وبدأت بجمع التمويل الضروري للمشروع بينما استطاع الحصول على قطعة ارض من جمعية حراسة الأراضي المقدسة. وأخيرًا وفي عام 1978 فتح مستشفى الكاريتالس للأطفال أبوابه. وتقوم الحياة اليومية لهذا المستشفى، الذي يعالج ما يزيد عن 35000 طفلاً مريضًا ويأوي&nbsp; ما يقرب من 5000 طفلاً، تقوم الحياة اليومية فيه على التماسك المتواصل والمثمر، وعلى الروابط القوية والتي تبدأ عندما يتحد الجميع كفريق واحد ويدعمون بعضهم بعضًا لإعطاء الحياة والمستقبل للأطفال الضعفاء والجرحى.</p><p dir="RTL"><strong>شعار المستشفى</strong></p><p dir="RTL">مستشفى الكاريتاس للأطفال هو المستشفى الوحيد للأطفال في الضفة الغربية، ويقوم على الدعم القوي والتبرعات السخية من الجهات الخاصة. يضم المستشفى 82 سريرًا، ويستقبل الأطفال المسيحيين والمسلمين على السواء (من سن الولادة إلى عمر 14 سنة) الذين يعيشون في بيت لحم والمناطق المحيطة بها. يعمل في المستشفى 248 &nbsp;شخصًا، معضمهم من النساء، ثلثهم من المسلمين والثلثان الآخران من المسيحيين (كاثوليك وأرثوذكس). ومن بينهم الراهبة كورادين لوسيا، 48 عامًا، المسؤولة عن الجودة وسلامة المستشفى. وهي عضو في رهبنة القديسة اليزابيث الفرنسيسكانية بمدينة بادوفا الإيطالية).</p><p dir="RTL">تقول الأخت لوسيا: &quot;العلاقات بيننا يسودها السلام والتعاون والاحترام المتبادل. ولا يمثل الدين سببًا للانقسام. في بعض الأحيان، عندما يحدث اضطراب خارجي، يدخل البعض في نقاش، ولكن سرعان ما يسود جو من الاحتراف على الجميع، والرغبة في مساعدة الأطفال. وشعور عام بالمسؤولية مما يقلص الفرق في المعتقدات إلى مستوى تافه وغير ذا صلة أبدًا. نحن نشعر بالتزامنا لاحترام شعار المستشفى وهو: &quot;نحن هنا من أجل الأطفال والأمهات&quot;، نعتمد على العمل كفريق واحد. ندعم ونشجع بعضًا البعض مدفوعين بنفس الهدف: تقديم أفضل الرعاية وضمان الدعم الذي تحتاجه الأمهات.</p><p dir="RTL"><strong>الممرضات المسلمات</strong></p><p dir="RTL">يتردد صدى كلمات الأخت لوسيا في تصريح رشا حسن محمد سعيد، 42 سنة، متزوجة ولها ثلاثة بنات، وهي تعمل كممرضة في المستشفى منذ 22 سنة: &quot;أنا أحب العمل هنا، إنه مثل وجود عائلة ومنزل آخر لي. هنا يوجد أناس أشاركهم أفكاري. وقد تعلمت الكثير هنا خلال هذه السنين: كيف أحل المشكلات،&nbsp; كيف أساعد وأبحث عن مستقبل أفضل للجميع، وكيف أجسد الأفكار. علاقاتي مع زملائي المسيحيين ممتازة. هناك علاقة خاصة بيننا. وبشكل عام، أستطيع أن أقول أن لدي علافات ممتازة&nbsp; مع المسيحيين، أقدر احترامهم ودعمهم لي. واعتبر نفسي محظوظة لأن العديد منهم أصبحوا جزءًا من حياتي اليومية. وأنا أعلم أنه لدي عائلة كبيرة&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>التحالف بين الأمهات</strong></p><p dir="RTL">يقدم المستشفى أيضًا الرعاية لأمهات المرضى الصغار. فقد بُني مكان إقامة خصيصًا لهن، حيث يمكنهم البقاء خلال فترة إقامة الأطفال في المستشفى للعلاج، حين يتم توفير خدمة المواصلات والتدريب أيضًا لهن. فمن المهم جدًا أن يستطيع ذوو الأطفال الاستمرار في علاجهم الطبي بعد خروجهم من المستشفى، خصوصًا هؤلاء الذين يعانون من أمراض مزمنة أو خلقية. وتسترسل الأخت لوسيا حديثها قائلة: &quot;لهذا السبب نقوم بدعوة الأمهات إلى اجتماعات فردية أو جماعية، نقوم من خلالها بتزويدهن بالإرشادات الطبية الضرورية. بالإضافة إلى ذلك يقوم بعض العاملين الاجتماعيين بمساعدة العائلات التي تعاني من ظروف اقتصادية غير مستقرة&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>المشاركة بالألم والأمل</strong></p><p dir="RTL">تهدف الاجتماعات مع الأمهات إلى ترويج وتشجيع الصداقات بينهن. &quot;معاناة الطفل وألمه يترك فجوة كبيرة ومؤلمة في نفس أي أم. والمشاركة في الألم، والقلق والأمل يصبح ضروريًا وأساسيًا&quot;، هذا ما قالته الأخت لوسيا. &quot;وقد لاحظت على مر السنين أن الكثير من الأمهات، المسيحيات والمسلمات، خصوصًا اللاتي يعاني أبنائهن من نفس الأمراض، ويعيشن مع بعضهن، ويشاركن في الاجتماعات الجماعية سوية، أصبحن صديقات: يثقن ببعضهن البعض، ويتبادلن النصح والدعم المشترك. كما أنهن يدعين الأمهات الأخريات للمشاركة والعناية بأطفالهن من خلال نشر الحديث عن الموضوع، وبالتالي يصبحن صديقات مع الأمهات الأخريات أيضًا. إنها شبكة جيدة يتسع نطاقها يومًا بعد يوم، ونأمل أن تسهم في نوعية العلاقات بين المسيحيين والمسلمين. العلاقات في مدينة بيت لحم، سلمية، وتحسنت مما لا شك فيه في الماضي&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>نهج وطريق للجميع</strong></p><p dir="RTL">تقول رشا أن&nbsp; لديها العديد من الأصدقاء المسيحيين: &quot;إننا نلتقي في منازل بعضنا البعض بشكل منتظم. ولدى بناتي علاقات وثيقة من الصداقة المخلصة مع الفتيات المسيحيات سواء في المدرسة أو في المنطقة التي نعيش فيها. ومتأملة في أرضها وبلدها أضافت: &quot;لقد عاش المسلمون والمسيحيون هنا معًا منذ مدة &nbsp;طويلة: وقد تعلمنا أن نعامل بعضنا البعض باحترام متبادل ونية حسنة، وأن نجد في بعضنا البعض أمورًا إنسانية مشتركة بيننا بغض النظر عن انتماءاتنا الدينية.</p><p dir="RTL">وتواصل الأخت لوسيا حديثها قائلة: &quot;أعتقد أنه من أجل بناء عالم أكثر عدلاً، فإن الطريق الصحيح الذي يجب أن يسلك، هو الطريق الذي يمكن لأي كان أن يسلكه، وهو بالتحديد أن نركز على الإنسانية المشتركة بيننا، والتي تلقيناها مجانًا. وهي تشمل على سبيل المثال: مقدرتنا على التعاطف مع الآخرين، وحماية الضعفاء. فكلما تعاملنا مع الآخرين بإنسانية، معتبرين أنفسنا مختلفين ولكن ليس اعداء، نسير جنبًا إلى جنب، ونجني علاقات مسالمة ومثمرة بحق&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>الإيمان بالإنسان</strong></p><p dir="RTL">وفي النهاية أعربت كلتاهما عن اعتقادهما واقتناعمها قائلتين: &quot;نحن مقتنعتان بأن المتدينين الحقيقيين (من مختلف المعتقدات)، والذين يعيشون ويعملون مع بعضهم البعض بانسجام، بإمكانهم تعليم العالم كيف أنه بإمكان أي كان &quot;كبشر&quot; أن يعيش بسلام مع الآخرين. نعتقد ونؤمن بأن هذا ممكن لأي شخص يؤمن بالبشر كبشر&quot;.</p>