موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٣ ابريل / نيسان ٢٠١٤
مركز اللقاء يعقد ندوة حول زيارة البابا بولس السادس وزيارة البابا فرنسيس
بيت لحم - أبونا :

عقد مركز اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقدسة ندوة بعنوان "خمسون عاماً على زيارة البابا بولس السادس وزيارة البابا فرنسيس الأول للأراضي المقدسة"، أمس الاربعاء، في بيت لحم، بحضور المسؤولين وأعضاء المجلس التشريعي ورجال الدين من مختلف الكنائس، ورؤساء المؤسسات.

ورحب السيد جريس خوري، مدير مركز اللقاء، بالحضور مشيراً إلى اهمية الندوة معتبرها فريدة ومهمة بمناسبة زيارة البابا إلى الاراضي المقدسة.

وقال البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك اللاتين، في كلمته ان قداسة البابا فرنسيس يقود حملة مناهضة للحروب والعنف وخاصة في منطقة الشرق الاوسط التي بحاجة الى العدل والمحبة والمصالحة ودعوة للمزيد من التعاون بين شعوب الارض وانه سيدعو لزيارة الارض المقدسة للتعرف على حجارتها الحية وليس حجارتها الصماء وعن زيارة قداسته القادمة، مشيراً إلى أن زيارة حج وصلاة وحوار ودعوة للوحدة المسيحية خاصة مع لقاءه البطريرك المسكوني الارثوذكسي برثلماوس ضمن برنامج عمل موجه للجميع، كما سيدعو الى وقف معاناة اللاجئين الفلسطينيين المشردين عن ديارهم منذ 56 عاماً وتقديم المساعدة اللازمة للاجئين في سوريا وخارجها كواجب كنسي.

وأضاف البطريرك الطوال أن زيارة البابا ستكون دعوة لإحلال السلام العادل في فلسطين تطبيقاً لقرارات الشرعية الدولية وستكون زيارته لمخيم الدهيشة دعوة لانهاء تشريد الملايين من الفلسطينيين عن وطنهم، وأن اللقاءات التي سيعقدها مع قادة ومسؤولي الاردن وفلسطين واسرائيل ستشمل دعوة للحوار، مطالباً إسرائيل باتخاذ مبادرات مثل لم شمل العائلات المشردة عن بعضها البعض.

وكان البطريرك الطوال قد تحدث عن الزيارة الأولى للبابا بولس السادس التي جرت قبل خمسين عاماً مستعرضاً سيرة حياته والانجازات التي حققها.

وأعلن الشيخ عبد المجيد عطا، مفتي محافظة بيت لحم، عن استعداد مدينة بيت لحم لاستقبال قداسة البابا فرنسيس في موطن السيد المسيح. وطالب رجال الدين لمساهمة في حل الصراع المزمن في المنطقة والتطلع الى المعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال وجدار الفصل العنصري ومنع الوصول الى الاماكن المقدسة والحرمان من التواصل والتنقل الحر لابناء الوطن.

وأشار المفتي عطا عن مرور 12 عاماً على مبعدي كنيسة المهد مطالبا البابا العمل لاعادتهم الى بيوتهم واهلهم ووطنهم، وأيضاً دعم تطلعات الشعوب نحو الحرية والازدهار ومحاربة الفقر. وتحدث المفتي عن الوحدة الرائعة في المحافظة بين المسلمين والمسيحيين، داعياً الى تعميمها ومزيداً من الحوار والاعداد الجيد للزيارة.

وقدم الاب د. رفيق خوري شرحاً عن الظروف التاريخية التي جرت فيها زيارة البابا بولس السادس، مبيناً أنها كانت مختلفة كلياً عن الظروف الحالية، وجاءت خلال اجتماع المجمع الفاتيكاني الثاني الذي عقد في 1962-1965 معلناً بذلك انفتاح الكنيسة الكاثوليكية على العالم والكنائس الأخرى والديانات السماوية كلها لمواجهة التحديات الجديدة، كما كانت الزيارة مسكونية بامتياز إذ جاءت في ظل الحرب الباردة والتخوف من حرب نووية وازمة كوبا داعياً للسلام على الارض.

أما على صعيد القضية الفلسطينية فقد كانت راكدة ولم يكن هناك طابع سياسي بارز. وتحدث الأب خوري عن شخصية البابا حيث تميز بثقافة واسعة واحساس بقضايا العالم ومشاكله، والإيمان العميق ودعمه للفقراء والمحتاجين والمرضى، كما كانت أول زيارة للبابا خارج ايطاليا منذ مئة عام.

واستعرض الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، في مداخلة له، مضمون خطابات البابا بولس السادس خلال زيارته التي تحدثت عن السلام العالمي والوحدة المسيحية مع لقاء البطريرك المسكوني برثلماوس، وتوجيه رسالة رعوية للتعاون والمحبة ونبذ الخلافات.

وأشار الأب بدر أن الزيارة اشتملت على 18 خطاباً ضمن تغطية اعلامية واسعة، وقدم الملك الحسين الراحل هدية للبابا هي شجرة زيتون زرعت في حديقة مصايف الفاتيكان وعمرها الآن خمسون عاماً. وتم خلال محاضرته عرض صور لمراحل الزيارة من عمان مروراً بالقدس وبيت لحم والناصرة وطبريا.

وتحدث الأب فرانس بوين عن الأهمية المسكونية لزيارة البابا بولس السادس حيث التقى مع البطريرك المسكوني اثيناغوراس الأول، بطريرك القسطنطينية، وبطريرك الروم الارثوذكس في القدس بينديكتوس الأول، والبطريرك الارمني يغيشه دردريان وكل ذلك تعبير عن مرحلة جديدة، عنوانها الانفتاح على الكنائس الاخرى وكسر الحواجز التي عمرها قرون، ودخول مرحلة تنمية العلاقات والاعتراف المتبادل والدخول في حوار كنسي تمهيداً للوحدة المسيحية.

واستعرض الأب بوين المراحل التاريخية لهذه المسيرة خلال العقود الماضية رغم الصعوبات الكثيرة وصولاً الى التعاون بين رؤساء الكنائس في القدس الذين بدأوا بالتعاون زمن الانتفاضة الاولى حيث اصدروا بياناً مشتركاً عام 1988 مطالبين بوقف معاناة الشعب الفلسطيني ومنحه الحرية والاستقلال واصبح هذا البيان تقليدا ينشر برسالة مشتركة خلال اعياد الميلاد والفصح المجيدة.

وأعرب الأب بوين عن تطلعه لاستمرار الحوار المسكوني خلال زيارة البابا فرنسيس ولقاءه مع البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس والشرق في ظل التغييرات الجذرية التي تشهدها المنطقة.

من جانبه تحدث الأب جمال خضر، مدير المعهد الاكليريكي في بيت جالا، عن توقعات الكنيسة لزيارة البابا القادمة، وهي الأولى له خارج الفاتيكان، حيث ستشهد تواصلاً للحوار اللاهوتي والتعاون بين الكنيستين والمؤمنين لتوحيد الأعياد وزيارة الأماكن التي هي ينابيع واصول وبداية المسيحية، مشيراً إلى اختيار شعار الزيارة وهو الإخوة القديسين بطرس واندراوس على سفينة رمز الوحدة المسيحية. وسيجري التوقيع على بيان مشترك يمثل انطلاقة جديدة للوحدة حيث توجد في القدس 13 كنيسة.

وتحدث الأب خضر عن مواقف البابا الداعمة للفقراء والمضطهدين والمظلومين وخاصة من النظام الرأسمالي، فيما ستكون زيارة مخيم الدهيشة رسالة أمل بمستقبل مشرق وخير للشعب الفلسطيني والتصدي لظاهرة هجرة المسيحيين الناجمة عن الاحتلال وحماية الوجود المسيحي في الارض المقدسة.

وأظهر د. برنارد سابيلا، عضو المجلس التشريعي، عن التوقعات السياسية والاجتماعية من زيارة البابا حيث يسود التعب الروحي وازمة وارهاق نتيجة لانسداد الأفق السياسي وابتعاد الشباب والمتعولمين عن الكنيسة ولذلك فإن الزيارة ستكون لها رسالة اجتماعية داعمة لمواجهة هذه التحديات والعودة الى الايمان الروحي العميق.

وأشار د. سابيلا إلى الخلخلة في البيئة العائلية وارتفاع نسب الطلاق بشكل غير مسبوق والتوجه نحو الفردانية والتفكير بالهجرة وتصاعد التعصب الديني والعرقي والاثني، ولهذا لا بد أن يقوم البابا بتقوية العزيمة والثبات والمساهمة في ايجاد مشاريع تحدث تغييراً وتقدما في الوضع الاقتصادي والاجتماعي وتحارب الفقر والبطالة.

وعلى الصعيد السياسي دعا النائب سابيلا قداسة البابا للعمل الدؤوب من أجل السلام العادل وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية المشروعة ووقف اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه والمتطرفين المتزمتين على الشعب الفلسطيني ومقدساته المسيحية والاسلامية، وكان آخرها الاعتداء على دير رافات بالقدس. وطالب سابيلا في ختام مداخلته بانهاء الانقسام الكارثي الذي ألحق أفدح الاضرار وشعبنا وقضيته العادلة.

من جانبه، أوضح د. ذياب عيوش، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، عن العلاقات الاسلامية المسيحية في فلسطين وتأثير زيارة البابا عليها، معرباً عن أمله بأن تكون خطوة متقدمة لتطوير هذه العلاقات وأن تكون قدوة للأشقاء في العالم العربي. مشيراً إلى المد والجزر الذي يعتري هذه العلاقات إلا أنها تعود الى الاستقرار والتعاون والعيش المشترك لان فلسطين بلد المسيح وفيها كنيسة القيامة وأول القبلتين وثالث الحرمين.

وأضاف أن العلاقات هذه تؤثر في بقية الدول العربية لأن الشعب الفلسطيني هو الرقم الصعب في المعادلة ورغم الأحداث التي تجري في عدد من الدول العربية بتدخل غربي واضح فإن ذلك لم يؤثر على وحدة المسيحيين والمسلمين في فلسطين. وطالب د. عيوش بأن تساهم زيارة البابا في ترسيخ هذه العلاقات وتقويتها لتكون نموذجاً خلاقاً.

واختتم د. عيوش مداخلته بالقول "إن ما يجري في عدد من البلدان العربية ليس صراع ديني وإنما صراع سياسي تتدخل فيه القوى الاستعمارية لخلق صراعات داخلية ضمن نظرية الفوضى الخلاقة".