موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٤ يوليو / تموز ٢٠١٦
مدرسة مار يوسف في الزرقاء؛ حيث يتعلم المسيحيون والمسلمون سوية

تقرير: كريستينا أوغوشيوني ، ترجمة: منير بيوك :

<p dir="RTL">&quot;في هذا المكان، الدين ليس عامل فرقة، فالطلاب مرتبطون بعلاقة صداقة واحترام. كما يدرك الأولاد المسلمون أن هذه هي مؤسسة كاثوليكية، وأنهم سيجدون رفاقًا مسيحيين. عندما يبدأون بحضور الحصص الدراسية، فإنهم يدركون أنه لا توجد اختلافات في كيفية التعامل معهم، وأن كل واحد منهم يتلقى نفس الاهتمام الذي يعطى للآخرين. وفي نهاية المطاف، فهم جميعًا يرون أنفسهم ببساطة كطلاب القديس يوسف (أو مار يوسف)&quot;. هذه هي كلمات الأستاذ عصام شولي، البالغ من العمر 52 عامًا، الأرمل والأب لستة أطفال. إنه مسلم، ومدرس للغة العربية بخبرة تمتد لثلاثين عامًا. عمل بالتدريس لمدة ثماني سنوات في مدرسة القديس يوسف. فهذه مدرسة مهنية للبنين أسسها آباء دون أوريونه عام 1984 على مشارف مدينة الزرقاء الأردنية. تقع المدينة على بعد أربعين كيلومترًا إلى الشمال الشرقي من العاصمة عمّان. يبلغ عدد سكانها حوالي مليون شخص، في حين يتبع 6 بالمئة من سكانها الإيمان المسيحي. ولا تبعد المدرسة عن مخيم الزعتري، المخيم الأكبر والأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلاد.</p><p dir="RTL">يروي تاريخ هذه المدرسة الدور الاستراتيجي والحاسم الذي تلعبه المؤسسة في إقامة روابط اجتماعية. إنها روابط أخوية متينة قادرة على الإستمرار، كما أنها محمية من تجاوزات الهوية أو التآكل التي تتعرض له خصوصًا في عصرنا &nbsp;الحالي.</p><p dir="RTL"><strong>ملامح المدرسة</strong></p><p dir="RTL">تقدم مدرسة القديس يوسف مجالات مختلفة من الدراسة (تخصصات علمية، وأدبية، وحاسوبية، وفندقية، وصناعية، وميكانيكية، وتقنية، إضافة إلى النجارة). يلتحق بها حاليًا 650 طالبًا، تتراوح أعمارهم بين سن الثالثة عشر والثامنة عشر، بينهم 550 من الطلبة&nbsp; المسلمين والباقي من المسيحيين. يقول الأب هاني بولس جميل، البالغ من العمر سبعًا وثلاثين عامًا، وهو عراقي ومسؤول عن مزار ملكة السلام المريمي ومعلم الدين في المدرسة: &quot;هناك خصوصية جميلة في مدرستنا تتمثل بوجود طلاب من مختلف البلدان الذين يتعلمون أن يعيشوا معًا، ويحترموا بعضهم البعض بمحبة. فهناك أردنيون، وأردنيون من أصل فلسطيني. كما هناك أيضًا عراقيون وسوريون فروا من الحرب ومن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>التزام المدرسين</strong></p><p dir="RTL">يقول الأستاذ عصام أنه سعيد بالعمل في مدرسة القديس يوسف لعدة أسباب: &quot;أنا أقدر إدارة المدرسة المنظمة، وحقيقة أن بلد منشأ الطلاب لا يحمل أي وزن. فلا يمارس التمييز هنا، بينما في المجتمع الأردني تؤخذ هذه الاختلافات في كثير من الأحيان بالاعتبار. كما يتم إيلاء الاهتمام بالجميع، حتى الأولاد الأقل مهارة. ففي نظام المدارس الخاصة التنافسية، المتمثل بالنظام الأردني، فإننا نشعر بالسعادة للنتائج الأكاديمية الجيدة، لكن هدفنا الأساسي هو توفير نفس المستوى من الإلتزام نحو جميع الطلاب. ويتشارك المعلمون جميعًا في تحقيق هدف المدرسة وفلسفتها. فالجو بيننا سلمي وانتماءاتنا الدينية المختلفة تسمح لنا بالتعرف على قيمنا وقوتنا&quot;.</p><p dir="RTL">يردد الأب هاني هذه المشاعر قائلاً: &quot;إن المدرسين المسيحيين والمسلمين يعملون معًا بروح كبيرة من التعاون، وبهدف واحد وهو التدريب المهني والإنساني للطلاب. في العام الماضي أطلقتُ أنا ومدرس الدين الإسلامي مبادرة مثيرة للاهتمام. ففي بعض الأحيان قمنا بدمج طلاب صفوفنا، وأعددنا قائمة من الموضوعات التي ينبغي معالجتها من وجهة النظر المسيحية والإسلامية. أصيب الطلاب بالدهشة، وسعوا للحصول على فرصة للتحدث! إنها تجربة نود تكرارها&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>تم بناء السلام</strong></p><p dir="RTL">يعتقد الأستاذ عصام أن المدرسة تلعب دورًا حاسمًا في بناء العيش السلمي والمثمر بين الناس من مختلف الأديان. فهو يقول: &quot;لا ينشأ الترحيب، والاحترام، والتعاون بصورة عفوية في قلوب الناس من مختلف المعتقدات والأصول. فالأولاد يتعلمون ما يلقنه لهم المربون وهو: &rsquo;تم بناء السلام، وتم تدريس السلام&lsquo;&quot;. ويضيف الأب هاني قائلاً: &quot;يتعلم الأولاد في مدرستنا مهنة من خلال العمل مع المعلمين جنبًا إلى جنب: أعتقد أن العمل هو عامل رئيسي في بناء الروابط الاجتماعية&quot;.</p><p dir="RTL">كل من الشخصين مقتنع بأن الناس الأتقياء يستطيعون بحق، من خلال العمل سويًا، أن يقدموا شهادة بارزة أمام العالم. &quot;يستطيعون أن يقدموا مثالاً يحتذى، وأن يبينوا أنه من الممكن بناء أشياء جيدة سويًا، وأن يشتركوا في الأهداف والقيم في ضوء التنمية البشرية الأصيلة. كما يستطيعون أن يظهروا أن الدين يحفز الإنسان على أن يلزم نفسه بتقديم أفضل ما لديه، مما لا يسبب انقسامًا للعائلة الإنسانية العظيمة، إنما، إذا ما تم فهمه بشكل صحيح فإنه يؤدي إلى حياة جيدة&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>اللاجئون السوريون والعراقيون</strong></p><p dir="RTL">يقدم الأب هاني واثنان من زملائه قصارى جهدهم لمساعدة اللاجئين. فقد بدأوا بتقديم أقصى ما لديهم لمساعدة اللاجئين، وبذلك بدأوا بتقديم المساعدات بالقليل الذي يمكنهم أن يقدموه في وقت لم يتمكنوا من تقديم المساعدة للجميع كما أرادوا. وقد أعدوا مشروعًا عام 2013، وتم تقديمه إلى مختلف المؤسسات. رحب مجلس الأساقفة الايطاليين بالمبادرة، وبفضل الأموال التي وردت تمكن آباء دون أوريونه من تقديم المساعدة إلى أربعة عشر ألف لاجئ، معظمهم من السوريين. وفي وقت لاحق، بدأوا من خلال منظمة &quot;الأيدي المتحدة&quot; غير الحكومية في مشروع ثانٍ لدعم اثني عشر ألف لاجئ معظمهم من العراقيين.</p><p dir="RTL">قال الأب هاني &quot;لقد كانت مهمة هائلة. فالأسر التي تغادر مخيم الزعتري وتستقر في الزرقاء تحتاج إلى كل شيء. نحن نقدم لهم كوبونات لشراء مواد غذائية من السوق، وفرشات الأسّرة، والتدفئة للشتاء، والبطانيات وغيرها من الحاجيات التي قد يحتاجونها مثل العلاجات الطبية. وبالنسبة للعديد من المسلمين السوريين، كنا المسيحيين الأوائل الذين التقوهم بصورة شخصية. فقد كرروا أكثر من مرة واحدة عن دهشتهم لاهتمامنا بهم، واقروا بأنهم لم يعتقدوا أن المسيحيين هم هكذا. إنهم الآن يحترموننا ويحبوننا، كما نحن سعداء للغاية. إننا نبحث حاليًا عن منظمات أخرى نستطيع من خلالها مواصلة هذا العمل، لأن الأموال قد بدأت تنفذ في الآونة الأخيرة، كما لم يعد لدينا القدرة على ضمان المساعدة اللازمة&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>النزوح من سهل نينوى</strong></p><p dir="RTL">يدرك الأب هاني جيدًا المعاناة والحرمان والألم الذي لحق باللاجئين، ومحنة الشعب العراقي في سهل نينوى الذي غزاه مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية صيف عام 2014. &quot;أجبرت عائلات إخوتي الثمانية وكلا من والدي المسنين (يبلغ والدي من العمر مئة سنة) على ترك قرقوش فجأة، في الليل، وفي غضون بضع ساعات، جنبًا إلى جنب مع الآلاف من الناس الذين انطلقوا نحو كوردستان، بعضهم بالسيارات، والبعض الآخر سيرًا على الأقدام. لقد كان نزوحًا ضخمًا وتجربة قاسيه للغاية. ما زالت عائلتي في كردستان. تمكن بعض أفرادهم من الهجرة. يرغب اللاجئؤن العراقيون في العودة إلى قراهم، ولكن الخوف يسود. فهم مقتنعون بأنهم لن يكونوا آمنين. لهذا السبب يسعون، بكل وسيلة، للوصول إلى دول أخرى&quot;.</p>