موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر الخميس، ١٠ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٦
ما فوز دونالد ترامب برئاسة أعظم دولة في العالم؟

لوس انجلوس - سامح مدانات :

انتهت حملة الانتخابات وأظهرت النتائج فوز المرشح الجمهوري الملياردير دونالد ترامب على منافسته المخضرمة هيلاري كلينتون بنسبة كاسحة وصلت إلى 289 لصالحه مقابل 218 لمنافسته الخاسرة.

استطاع ترمب دخول البيت الأبيض من أوسع أبوابه رغم كل الترهات والعقبات التي اعترضت طريقه خلال حملة الانتخابات الشرسة التي خاضها الطرفان، والتي كما وصفتها وسائل الإعلام الكبرى بطريق قذر طفح بالاتهامات والفضائح سواء أكانت حقيقية أم ملفقة.

يجدر بنا في هذا السياق أن نشير إلى النقطة الرئيسية ذات الأهمية في الانتخابات الأمريكية ألا وهي "أصوات المجمع الانتخابي"، وهذه تختلف عن عدد الأصوات التي ينالها المرشحين، رغم أنها تعتمد على ذلك العدد. هي بالحقيقة عدد الأصوات المخصصة لكل ولاية من الولايات الأمريكية، وهذا العدد يعتمد على عدد ممثلي تلك الولاية في الكونغرس (مجلس الشيوخ ومجلس النواب). فمثلاً، تعلب ولايتا ميشيغان وبنسيلفانيا دورًا مهمًا جدًا في نتائج الانتخابات، فولاية ميشيغان لديها 16 صوتًا، بينما خصص لولاية بنسيلفانيا 20 صوتًا، فيما تنحصر حصص بعض الولايات على أربع أو ستة أصوات فقط. وإذا أخذنا بالاعتبار أن على المرشح أن يفوز بأغلبية 270 مقعدًا، يصبح هنا التركيز على بعض الولايات أكثر من غيرها في الحملات الانتخابية، بالاعتماد على هذه النسب.

لا يخفى على القارئ الكريم تفاصيل الانتخابات ونتائجها، فالجميع كان يتابع سير الانتخابات عن كثب في جميع أنحاء العالم، لما لهذا الأمر من أهمية في سائر دول العالم. ولكن ما يهمنا كمسيحيين في هذا المضمار نقاط رئيسية ليس لها دخل بالسياسة ونذكر منها: كانت المرشحة كلينتون تشجع "عمليات الإجهاض" دون تمييز في عمر الجنين. الأمر الذي نعتبره في عقيدتنا جريمة كبيرة ضد مخلوقات الله غير القادرة على الدفاع عن نفسها، رغم أن مشجعيها يسمون هذه الجريمة بأسماء مزيفة ومموهة تغير وتخفي معالمها الحقيقة، مثل "التظيم العائلي" أو "حق المرأة بالاختيار" دون الاكتراث بالجنين الذي خلقه الله.

نذكر على سبيل المثال السيدة إيليس هوغ، رئيسة مؤسسة Pro Choice America التي أعلنت أنها حامل دون سابق تخطيط بتوأمين، ومضى على حملها 36 أسبوعًا، فتعرضت لهجمات عنيفة على مواقع التواصل الاجتماعي متسائلين: "هل ستقومين بإنهاء حملك الآن؟"، "الآن تدركين ما هو الوضع بالنسبة للحامل لأنك تختبرين التجربة بنفسك!". وتواجه إيليس منتقديها وتجيب: "إن حملي لا يزيدني إلا قوة وثباتًا في موقفي. مازلت أدعم وأشجع حقوق المرأة في الاختيار، سواء أن تقرر إنهاء حملها أو تختار بأن تكون أمًا".

ونقطة اخرى نود ذكرها في هذا المضمار. صرح الرئيس الجديد لأمريكا أثناء حملته الانتخابية بما يلي: "أنا أحب عيد الميلاد. ماذا حصل لتهنئة عيد الميلاد المعتادة ’عيد ميلاد مجيد‘؟ لماذا استبدلت بكلمة ’عطلة سعيدة‘؟ أنا أحب ’عيد ميلاد مجيد‘. لا مانع لدي أن يحتفل كل بمناسباته على هواه، لكن عيد ميلاد السيد المسيح هو عيد الميلاد. وعندما أشاهد وأنا أتسوق مع عائلتي جملة على المحلات التجارية تقول ’عطلة سعيدة‘ أقول لزوجتي: لا تدخلي هذا المحل. إذا تم انتخابي سأعيد هذه التهنئة في كل محل. عيد ميلاد مجيد".

وفي استفتاء للناخبين قبل فوز المرشح بالرئاسة أجابوا على السؤال التالي: لماذا ستنتخب ترمب، فكانت الأجوبة لأنه "رجل أعمال ناجح، وسوف ينهض بالاقتصاد الامريكي". وقد لاحظنا ليلة الانتخابات أن جميع البورصات المالية العالمية كانت تشير إلى هبوط في مؤشراتها، وما إن أعلنت نتائج الانتخابات بفوز ترمب حتى عادت جميعًا إلى الارتفاع، وبشكل كبير.

وهذه نقطة أخرى لا تقل أهمية عن السابقة: لو أتيح لكلينتون فرصة الفوز بالرئاسة الأمريكية كانت ستطيح بنظام المحكمة العليا في أمريكا، والتي بدأت في الآونة الأخيرة بفرض ضغوطات كبيرة على الكنيسة الكاثوليكية بشكل خاص، لإجبارها على قبول قانون الإجهاض وتحديد النسل لدرجة أنها كانت ستفرض ذلك على نفقة الكنيسة، مما سيؤدي إلى ضعف كبير في ميزانية الكنيسة، وبالتالي كان سيؤدي إلى إغلاق الكثير من الكنائس وبيع مبانيها لتغطية تلك النفقات. أما بالنسبة للمدارس الكاثوليكية، فكان الأمر سيؤدي إلى كارثة أكبر بفرض سياسة الإجهاض وتحديد النسل والثقافة الجنسية على المدارس، بكل ما تحمله هذه السياسة من إفساد للطلاب ذكورًا وإناثًا.

أما الملاحظة الأخيرة في هذا المضمار فهي جمال أمريكا رغم بشاعتها، فأثناء الحملة الانتخابية لم يتوان أي من الطرفين المرشحين للرئاسة من "نشر غسيل" الطرف الآخر وبأبشع الصور. لا بل وصل ذلك إلى درجة الاتهامات الخطيرة الملفقة والتهديدات بالملاحقة القانونية. والأخطر من ذلك دعم السلطات ذات الصلة لمرشح دون الآخر، كما حصل مع ترامب. ولكن ترامب كان لهم بالمرصاد حين فند إدعاءاتهم بقوله: "كيف يمكن لأي جهة ما أن تقوم بتفحص 640 ألفًا من الرسائل الإلكترونية خاصة موضوع النقاش في مدة يوم أو يومين من الزمن؟". هذا الموقف دفع بالناخبين المترددين في الاختيار بين المرشحين إلى تفحص الأمر مليًا وإدراك اللعبة التي كان مكتب المخابرات الفيديرالية يلعبها، لإقناعهم تلفيقًا ببراءة المرشحة كلينتون في موضوع الرسائل الإلكترونية التي أثارت ضجة كبيرة في السابق حين تم اكتشافها عن طريق ويكيليكس. ولكن حالما تم إعلان النتائج بفوز ترامب، أعلن الجميع وقوفهم إلى جانبه من أجل أمريكا ومستقبل أمريكا، بما فيهم المرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون، والرئيس الأمريكي الحالي براك أوباما، الذي طلما وصف ترمب بأنه غير مؤهل لرئاسة أمريكا.

على كل حال، لنصلّ من أجل أميركا ومن أجل كل أنحاء العالم، ليكون هذا الاختيار الديمقراطي حاملاً أخبار سلام لكل بقاع الأرض.