موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٩
لقايا

منال الفانك :

بين حين وآخر نسمع عن أحدهم بأن أحواله الماديَة (مادِّياته) قد تحسنت فجأة وانقلبت رأسًا على عقب!! والسبب أنه وجد (لقيِّة) أثناء الحفر بمنطقة ما...

ومن منا بمقدوره الإنكار بأن تلك الصدفة قد تكون الأجمل على الإطلاق من كل ما قد تهب الحياة، خصوصًا إن استطعنا مداراتها لأجل الإستفادة منها، بعيدًا عن أعين هواة جامعيها!

إنما، هل يقتصر مسمى (اللقيّة) على الكنوز المدفونة منذ عصور، أم هل هناك منها حولنا ومعنا، على هيئة بشر؟

نبحث عن المال ظنًا أنه الوسيلة الوحيدة للراحة، وسرعان ما نكتشف بأننا لم نصب! لأننا ما زلنا نشعر بنقص ما، ولا ندري ما هو!

نصادف يوميًا الكثير من النوعيات والنفسيات، كثيرًا من (الجِرار) إنما مغلقة، تسلبنا أحيانًا جمالية شكلها وعراقة تشكيلها، نحتضنها ونحتمل وزنها على أكتافنا، لكن ما أن ترفع غطاءها حتى تنصدم بمحتواها، فذلك الشخص ما هو إلا (جرَّة) من الفخار المُكَسَّر، يؤذي ويجرح، بقدر ما أنت أحببت!

وأحيانًا أيضًا، تجد (لقيّة) محكمة الإغلاق، وكأنها أُقفلت لترافقك إلى الحياة الأبدية، وما أن تحتاجها في ضيق، حتى تتفاجىء بأن الحشوة مخلوطة من تراب وفخار وذرات تبر، أنت بغنى عنها، فـ(الجرَّة) هنا هي الشخصية متقلبة المزاج، معك تارة وضدك تارة أخرى، وتتصرف حسب مصلحتها أولا!

إذن، أين هي (اللقيّة) المملؤة ذهبًا خالصًا؟

موجودة يا عزيزي، إنما أنت لم ترها، أنت من أغلقت ناظريك عن بريق ذهبها، أنظر من حولك، كم من مرة رفضت أحدهم بسبب ما سمعت دون المخالطة؟ كم من (جرَّة) كسرت من وراء ظهرك بقسوة ولم تسأل عن حطامها وعمَا احتوت؟

اللقايا الحقيقية هي من تخصُك ببريق ما بداخلها دون أن تكلفك عناء التقصي، قد تكون على هيئة صديق قديم، أو حتى جديد، قد تكون ممن تعاشر يوميًا، أو قد تكون ممن معهم تتواصل يوميًا من خلف الشاشات، ولم لا؟ فكم من شخص كسبته عن طريق الفيسبوك ولا تفرط به مهما حصل؟ أفلا نعتبره من نفائس الكنوز؟

فالخبايا منوعة، قد تأتيك على هيئة حبيب مخلص، فحذارِ أن تخسره، أو على شكل قامة أدبية وهي كنز نفيس، وقد تحسد عليه! ممكن أيضًا أن تكون جرَّتُكَ فكاهية، ومن الأشخاص الذين يجلون الهم عن القلب...

ما أكثر (اللقايا) هذه الأيام، إنما من الحذاقة التمييز بين هذه وتلك، لا تحكم أو تجزم قبل أن تزيل بأسلوبك الخاص غطاءها، كيما تتأذى، مع خالص أمنياتي لكم بمصادفة (لقايا وجِرار) مكتزة بالمحبة والود.