موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر الثلاثاء، ١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٣
لقاء البابا والبطريرك يازجي رسالة دعم من أجل السلام والوحدة والعيش مع الآخر

بيار عطاالله :

نقلاً عن "النهار" اللبنانية

اللقاء الذي جمع رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس وبطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي ليس عادياً. في الاساس ثمة حوار بين الكنيستين الارثوذكسية المسكونية والكاثوليكية العالمية في كل ما يتصل بحاضر المسيحيين ومستقبلهم ووحدتهم وسبل التعامل مع القضايا المعاصرة التي يواجهونها. والبطريرك الانطاكي الراحل اغناطيوس الرابع هزيم اقام علاقات وثيقة مع الكنيسة الكاثوليكية محلياً واقليمياً وعالمياً، وتصدى لبقايا التيار الارثوذكسي المتزمت المتشبث بمواقفه، واثمرت روح الانفتاح هذه بين هزيم ومن عاصروه من بابوات روما الكثير من المودة والتفاهمات التي اراحت المؤمنين، الى درجة ان البابا السابق بندكتس السادس عشر وفور تلقيه خبر وفاة البطريرك هزيم قرر الاختلاء بنفسه حزناً.

ويذكر الاب بيتر مدروس في جردة له على مدونته على الانترنت، ان القطيعة بين الكنيستين الكاثوليكية والانطاكية الارثوذكسية انتهت عام 1964 ومن مدينة القدس بالذات حين أزال كل من الراحلين البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس الأوّل الحرمان الذي كانت الكنيستان الشقيقتان قد تراشقتا به عام 1054. ويعدد مدروس بعض انجازات التقارب بين الكنيستين، ومنها:

- امكان ان تعلن الكنيسة الكاثوليكية الإيمان بـ"روح القدس ... المنبثق من الآب" ، إمكانات أوفر وأكثر بتوزيع التناول في الكنيسة اللاتينية تحت الشكلين كما في كلّ الطقوس الشرقية الأرثوذكسية،

- توحيد تاريخ الأعياد أي اتّباع الكاثوليك للتقويم اليولياني (الذي تتبعه الكنيسة الأرثوذكسية في الشرق الأوسط) لعيد القيامة،

- اعتراف الكنيسة الكاثوليكية بزواج أبنائها أو بناتها بطرف من الكنيسة البيزنطية الأرثوذكسية، مع تحفّظ الكنيسة الكاثوليكية عن موضوع الطلاق،

- المشاركة الكبيرة خصوصاً في بطريركية إنطاكية للروم الأرثوذكس مع الكنيسة الكاثوليكية في المعمودية والإكليل وتشييع الجثمان انتظاراً لإمكان إقامة القدّاس معاً، وصولاً الى الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات بين البابوات وبطاركة الكنيسة البيزنطية الأرثوذكسية من روما إلى اسطنبول وبالعكس، زيارة البابوات للبطاركة في الاسكندرية ودمشق وبيروت والقدس وسواها،

- فتح المدارس الكاثوليكية للطلاب الارثوذكس والأرثوذكسية للطلاب الكاثوليك بشكل منهجي كبير،

- استضافة بطاركة وأساقفة أرثوذكس في المجامع والسينودسات واللقاءات الكاثوليكية واستضافة الكاثوليك في المحافل الأرثوذكسية،

- إعطاء المؤمنين الأرثوذكس وكهنتهم في غرب أوروبا كنائس كاثوليكية إمّا موقتاً أو بشكل دائم لإقامة القداس وسائر شعائر الكنيسة الارثوذكسية.

وبالعودة الى لقاء روما الاخير بين البابا فرنسيس والبطريرك يازجي تقول اوساط كنسية ان اللقاء الذي تم ترتيبه ببساطة وعفوية بخلاف التحضيرات الكثيرة التي تسبق مواعيد رأس الكنيسة الكاثوليكية، إنما زخر بتبادل الافكار والنقاش والتواضع وفي ذلك كثير من التقدير لموقع البطريرك الانطاكي ودوره. والرأي ان استقبال بابا روما للبطريرك الآتي من باب توما والبلمند وشمال سوريا انما يحمل رسالة دعم للمسيحيين والكنائس الشرقية في الشرق الاوسط، والبابا فرنسيس لم يكتف بالدعوة الى الصلاة من أجل السلام في سوريا فحسب بل يريد تأكيد عنايته بهذا الملف واهتمامه به من خلال استقبال يازجي.

وتشرح الاوساط الكنسية ان يازجي الذي يحمل صليب السلام والطمأنينة في منطقة الشرق الاوسط وايضاً صليب خطف شقيقه مطران حلب بولس يازجي، يدرك تماماً مدى النفوذ والتأثير اللذين يملكهما بابا روما عالمياً على محافل عدة، لذلك تجاوز الاعراف والتقاليد التي تقتضي ان يزور كنائس روسيا الشقيقة والبطريرك المسكوني برثلماوس اولاً ومن ثم روما من اجل لقاء البابا، وفي ذلك عربون شكر وتقدير للمواقف التي يتخذها فرنسيس في دعم الكنائس في الشرق الاوسط والتي تعاني الكثير من القهر والضغوط في صراعها من اجل البقاء وحفظ التنوع.

تنقل الاوساط الكنسية عن البطريرك ارتياحه الى اجواء اللقاء مع البابا فرنسيس وحفاوة الاستقبال، والواضح ان فرنسيس ويازجي، وكلاهما من اصحاب الفكر التنويري ودعاة التواضع والبساطة والالتزام بقضايا المؤمنين، إنما يبحثان عن الجوهر وليس عن القشور، وتكريس التفاهم بين الكنيستين على العناوين الرئيسية في السلام والوحدة وصمود مسيحيي الشرق والتآخي مع كل مكونات المجتمع في الشرق الاوسط وخصوصاً الاسلام، وهي عناوين تتفق عليها الكنيستان والبابا والبطريرك.