موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٤ مارس / آذار ٢٠١٣
لقاء احتفالي لتقديم الشكر لقداسة بندكتس السادس عشر في لبنان
بكركي - البطريركية المارونية :

رعى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي مساء الأحد 3 آذار 2013 اللقاء الإحتفالي الذي نظمه مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية وشبيبة لبنان، لتقديم الشكر لقداسة البابا بندكتس السادس عشر مع انتهاء خدمته الحبرية ورفع الصلوات على نيته، في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، بحضور السفير البابوي غابرييل كاتشا، القائم باعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور باولو بونجيا، المطارنة: بولس الصياح، جورج بو جوده، شكرالله الحاج، سمير مظلوم، طانيوس الخوري، المونسنيور نبيه الترس، الأباتي أنطوان خليفة، سفير لبنان في ايطاليا شربل اسطفان، لفيف من الأساقفة والكهنة والراهبات، وفود شبابية من مختلف المناطق اللبنانية وفاعليات اجتماعية، دينية وثقافية إضافة الى حشد من المؤمنين.

استهل اللقاء بعرض وثائقي مصور لأبرز المحطات التي شهدتها زيارة قداسة البابا بندكتس السادس عشر الى لبنان في 15 ايلول 2012 والتي استمرت لثلاثة ايام، وقع خلالها الإرشاد الرسولي.

بعدها شكر الأب توفيق بو هدير، منسق مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية، قداسة البابا على "الإلتفاتات العظيمة التي منحها للبنان وعلى الوديعة الكبيرة التي وضعها في قلوبنا وحياتنا. لقد خص شبيبتنا بتحضير الصلوات التي سترفع في الكوليزيه في اسبوع الآلام، وخص لبنان بزيارة على الرغم من الظروف الأمنية وحالته الصحية الصعبة. نشكر قداسته على فيض هذا الحب الذي غمرنا به وروى بواسطته غرسة المسيحية المتجذرة في الشرق الأوسط".

وتابع بوهدير: "شبيبة لبنان من كل الكنائس والطوائف تشكر قداستك على كل العطايا التي خصصت لبنان بها ومنها منح رأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي رتبة الكردينالية ليكون شريكا في اتخاذ القرارات في الكنيسة الجامعة. وفي هذا اللقاء تحمل الشبيبة غبطة البطريرك الراعي في صلواتها عشية سفره الى روما للمشاركة في انتخاب بابا جديد للكنيسة".

وختم: "اليوم نشكر من لم ينزل من سفينة بطرس على الرغم من الأمواج العاتية التي تلطمها. انها سفينة المسيح التي قادها ولم تغرق وهو لن يدعها تغرق ابدا فأبواب الجحيم لن تقوى عليها ابدا. ونحن بانتظار ربيع هذه الكنيسة ربيع المحبة والسلام والرجاء والفرح والقيامة ليعم بلادنا وكل العالم".

بعدها كانت شهادات حية للثنائي الذي القى كلمة باسم الشبيبة خلال لقاء الشبيبة مع قداسة البابا في بكركي، وصفا فيها النعم التي شعرا بها اثر لقائهم قداسة البابا الذي "منحهم القوة والإيمان على الرغم من ضعف قوته الجسدية الأمر الذي عزز من التزامهم بالكنيسة الأم. وأشارا الى ان قداسته قال لهما وبعيون مليئة بالمحبة:" انا اشجعكم يا شبيبة لبنان لتكونوا ملح الارض ونور لبنان والشرق الأوسط والعالم".

وكانت شهادة اخرى للمكفوفة مي مخول التي اكدت انها على الرغم من اعاقتها الا انها شعرت بمحبة قداسة البابا الذي على الرغم من الحشد الكبير، كان حضوره مميزا وقد تمثل ذلك بالصمت الكبير والإصغاء الملفت الذي رافق لحظات توجهه بالكلام الى الشبيبة. ولفتت مخول "ذلك اللقاء في بكركي لن انساه ابدا. لقد طلب مني صاحب الغبطة البطريرك الراعي ان انشد ترنيمة بعدها غمرني وشعرت حينها ان يد الله تغمرني وتغمر شبيبة لبنان".

وفي السياق نفسه استهل السفير البابوي غابرييل كاتشا كلمته للمناسبة بتوجيه شكر الى قداسة البابا لافتا الى انه "من الصعب ايجاز ما يضج به القلب من أمور. ولكنني اود التذكير بالكلمة الأولى والمبادرة الأخيرة خلال حبريته. فالكلمة الأولى لقداسته تمثلت بالرسالة العامة الأولى التي كتبها بعنوان "الله محبة". نعم نشكرك قداسة البابا بندكتس لتذكيرنا بجوهر ايماننا. نحن نبحث عن نور ومعنى لحياتنا وعن نجمة تقودنا وهذه هي محبة الله. والا فما معنى سنة الإيمان التي نعيشها اليوم. وجوابنا هو نعم ايها الرب انا اؤمن بانك تحبني وانك اعطيتني حياتك. وكل يوم في سر الإفخارستيا تقول لي انت مهم بالنسبة لي لذلك اعطيك حياتي. وان نحن آمنا حقا بهذا فان حياتنا ستمتلئ سعادة وسيغمرها فرح الرب".

وأضاف كاتشا: "هنا اود ان اشير الى امرين حدثا خلال زيارة قداسته لبنان. الاول ان قداسته اراد ان يحتفل بالذبيحة الإلهية في معبد سيدة حريصا مع قلة من الناس. فوضع بين يدي العذراء مريم لبنان واللبنانيين وصلى من اجل السلام. اما الأمر الثاني فكانت زيارته غير المقررة مسبقا لراهبات الكرمل وهي لم تكن مدرجة على البرنامج الرسمي للزيارة. لقد اراد ان بزور هذا الدير الذي يعيش وسط صمت وهدوء ملفت. واليوم قرر قداسته تمضية السنوات الأخيرة من عمره في السكون والصلاة. وهنا المس اشارة خاصة جدا وهي ان الصلاة تمثل قوة هائلة. فهو كان يقول انا اشعر بدعم كبير من خلال الصلوات التي ترفع لأجلي وترافقني في الأديرة والكنائس. انها القوة. واعتقد انه يمكن الحفاظ على قوة الروح هذه بالصلاة وبالطلب منه ان يصلي من اجلنا فهو لايزال ابا لنا ويحب كنيسته ويصلي لها ونطلب منه ان يذكر في صلواته كل من يحبه. ونحن ايضا علينا الإلتزام بالصلاة لأجله ودعمه كما قال في كلمتاته مؤخرا "انا اليوم اصبحت حاجا بدأ مسيرته الأخيرة في انتظار الحياة الأبدية".

وختم كاتشا: "لابد من الإشارة الى شعاره الذي ملأ لبنان"سلامي اعطيكم" وهذا هو سلام الله يعطيه رسول الله. نشكرك ربي على منحنا السلام وعلى منحنا البابا بندكتس السادس عشر".

ومن ثم رفع البطريرك الراعي صلاة الشكر والتسبيح على نية قداسة البابا وعلى نية انتخاب بابا جديد للكنيسة. وكانت قراءة لنص من الإرشاد الرسولي شركة وشهادة الخاص بالشرق الأوسط، لترفع النوايا الخاصة بالمناسبة. بعد تلاوة الإنجيل المقدس، رفع المؤمنون الشموع المضاءة " لتكون هذه المرحلة عنصرة جديدة يستنير منها مجمع الكرادلة وتتم ارادة الروح القدس لإنتخاب البابا الجديد، واعلن عن بدء تساعية صلاة ابتداء من هذه الأمسية تمت فيها دعوة المؤمنين لرفع الصلوات كل يوم عند الثامنة والنصف مساء لترافق الكرادلة في مجمعهم المقدس".

وفي الختام وجه غبطة البطريرك الراعي كلمة شكر لقداسة البابا لافتا الى ان "كلمة شكرا هي اجمل كلمة في الحياة ولذلك فان الرب يسوع وقبل مغادرته العالم الأرضي اسس سر الإفخارستيا اي صلاة الشكر. واعطانا فرصة نحن الكهنة ان نرفع يوميا صلاة الشكر باسم البشرية جمعاء على نعمه التي لا تحصى. وهكذا تلتقي الجماعة يوم الأحد لتشكر الرب".

وتابع غبطته: "اولا اشكركم جميعا واخص بالذكر الأب توفيق بو هدير ومكتب الشبيبة والشبيبة في لبنان، لأنكم جمعتمونا في هذا اللقاء لنوجه شكرنا لقداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس المحبوب، ولأنكم ساهمتم بشكل اساسي في ان يحب قداسته لبنان من خلال اللقاء الذي نظمتموه في بكركي، وقداسته لم ينسه ابدا والبرهان انه اراد منكم ان تهيئوا مراحل درب الصليب. لاشك انكم مثلتم له ثروة كبيرة. لقد شارك قداسته في عدد كبير من لقاءات الشبيبة حول العالم ولكنه وصف لقاءه بشبيبة لبنان بانه الأعظم. ولذلك طلب من شبيبة لبنان ان يحضروا تأملات مراحل درب الصليب وهذا مؤثر جدا. كذلك الأمر بالنسبة لمنحي رتبة الكردينالية فلقد ابلغت انه لشدة تأثر قداسته بلقاء الشبيبة في بكركي قرر منحي هذه الرتبة. واليوم انا اشكركم ايتها الشبيبة لأنكم انتم من احبكم المسيح وكنمتم موضوع محبته وموضوع محبة البابا الطوباوي يوحنا بولس الثاني، الذي انشأ ايام الشبيبة العالمية وقال: عند الشباب الكثير ليقولوه للكنيسة، كذلك عند الكنيسة الكثير لتقوله للشبيبة. فانتم الفجر والمستقبل ايها الشباب انتم امل الكنيسة وحياتها".

واضاف غبطته: "غدا نتوجه الى روما مع بداية اعمال مجمع الكرادلة وسوف اقدم لقداسة البابا الفيلم المصور عن هذا اللقاء مع الشبيبة. نطلب صلاتكم في هذه الليلة مع الكنيسة لكي يعطينا الروح القدس بابا جديد للكنيسة كما سبق واعطانا البابا بندكتس السادس عشر الذي نشكره على محبته الكبيرة وعلى الإرث الذي تركه للكنيسة وعلى عمله البطولي الذي اتخذنا منه امثولة. فلقد كتب هذا المعلم الكبير الى جانب كل النشاطات التي قام بها اربع رسائل اساسية: بدأها بالله محبة، ثم "بالرجاء خلصنا"، الثالثة "باب الإيمان"، والرسالة الرابعة غير المكتوبة هي الصلاة فهو قد قال: "خدمت الكنيسة بالعمل ودوري اليوم ان اخدمها بالصلاة". انها الأسس الأربعة في الحياة المسيحية والتي نتخذها كبرنامج لنا. حياة الإنسان لا تبنى من دون ركائز. وهذه الركائز الأربع ضرورية لبناء الحياة المسيحية والكنسية وهي المحبة، الرجاء، الإيمان والصلاة. نشكر قداسته على هذا التعليم هو الذي ترك لنا فرصة التوسع في كل ما تركه من رسائل وخطابات، بهذه الفضائل الأربع الأساسية. وعلينا مع الشبيبة التعمق بهذه الفضائل الأساسية لنبني عليها حياتنا ومجتمعنا. ولنعرف انه اذا احب البابا بنديكتس لبنان وشبيبته، فهذا يعني انه كان مؤمنا بالدور الذي على لبنان ان يلعبه بمسيحييه ومسلميه في الربيع العربي لهذا الشرق. هذه هي مسؤوليتنا والتزامنا فالإيمان ليس بكلمة وانما هو بطولة وتحدي كبير. وهذا ما تعلمناه من هذا الرجل الكبير الذي اراد ان يقدم ذاته محرقة من اجل الكنيسة".

وختم غبطته: "يقولون عادة ان الاهل يهيئون مستقبلا لأولادهم ولكنهم لا يرونه. وانا اعتقد ان البابا بندكتس هو هذا الاب الكبير الذي اعطى المواعيد وهيأها على الرغم من تفكيره بالتخلي عن حبريته منذ وقت طويل. ومع ذلك قرر الذهاب الى لبنان ربما لانه اراد ان تكون وصيته الاخيرة لنا بان هذا اللبنان يجب الحفاظ عليه. وآخر لقاء شبيبة له كان في لبنان كذلك القداس الإحتفالي الكبير له كان في لبنان اضافة الى اخر ارشاد رسولي وقعه في لبنان. لقد حدثنا بهذه الطريقة ليشعرنا بالمسؤولية. وكما الأهل يهيئون مستقبلا لأولادهم لا يرونه كذلك قداسته هيأ الأمور واراد ان يحرم نفسه من فرح لقاء الشبيبة في درب الصليب. لقد علمنا ان الحياة قيمتها بعطاءاتها ولا وجود للمقامرة فيها او التجارة. وفيها اما ان تحب من كل قلبك او لا. واي عمل يطلب منك قم به كاملا ولو انك لن ترى نتائجه. وهكذا فعل قداسته هذا البابا الكبير الذي نشكره بمحبة كبيرة وانا متأكد ان صلاته ستساعد الكنيسة وستلهم الكرادلة لاختيار راعي للكنيسة يريده الرب. وسنرى كيف ان الروح القدس وصلوات البابا بندكتس سيعطوننا اجمل بابا".