موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ٩ ابريل / نيسان ٢٠١٣
لغتنا الجميلة .. إلى أين؟

د. علياء إبراهيم :

يتفق علماء الاجتماع على أن اللغات لا تعد فقط أداة تعبير أو وسيلة تفاهم بين أصحابها، وإنما هي أحد أهم عوامل التواصل العقلي والعاطفي بين الأفراد, فاللغة جزء لا يتجزأ من المجتمع, وبالتالي عاملٌ من عوامل وحدته، بل هي الركن الرئيسي لهذه الوحدة.

ويفسر التقليد العربي الذي كان متبعا في شبه جزيرة العرب قديماً، وهو إرسال الطفل الرضيع إلى البادية، حيث ينمو وسط بيئة تمتلك لغة عربية ثرية، فينشأ وقد تكونت لديه البوصلات العصبية الخاصة باللغة الأم، ولا خوف عليه بعد ذلك من تعلم لغات أخرى غير عربية. وهو ما دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إليه الصحابة رضوان الله عليهم، عندما وجههم لتعلم لغات الأقوام الأخرى.

كما يبرز أيضا دور الكتاتيب في تعليم الصغار القرآن الكريم، مما يرسخ لديهم النطق السليم للغة العربية، والذي لا يتأثر مع تقدم عمر الطفل، أو حتى مع تعلمه لغة أجنبية فيما بعد. وهو ما لمسناه في عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الذي حفظ له تعليمه المبكر في كتّاب القرية لسانه العربي المبين، بالرغم من إتقانه بعد ذلك للغة الفرنسية.

وينصح المتخصصون بأنه يجب التحدث مع الأطفال بعبارات سليمة قدر الإمكان، والقراءة لهم دائماً، بغض النظر عما إذا كان الشائع أنهم لا يفهمون، فالأطفال منذ ولادتهم يحللون تراكيب الكلام، ويتمثلونها قبل أن ينطقوها أو يفهموها بالكامل، ولقد أثبتت بعض الدراسات الحديثة أنه على الأم والأب أن يتحدثا إلى أطفالهما وهم لا يزالون في رحم الأم في فترة الحمل.

وتلعب كل من الأسرة والمدرسة دوراً في انبهار الطفل باللغة الأجنية خاصة الإنجليزية اللغة الأكثر شيوعا، واهتمامه بالحصول على علامات مرتفعة في هذه اللغة، خاصة إذا كان يدرس بها أيضا مادتي الحساب والعلوم, وفي نفس الوقت، نجد الأب والأم يفخران بتحدث الطفل الدائم باللغة الأجنبية من باب الوجاهة الاجتماعية، ويكون التليفزيون - وهو الأب الثالث الذي يربي أبناءنا!.

طالما حذر الخبراء من أن يستمع الأطفال للقراءة من التلفاز بدلا من قراءة الكبار لهم من القصص وغيرها. وأوضحت دراسة أخرى شملت 1000 أسرة لديها أطفال صغار ويتم قراءة مواد لهم من الكبار، أنهم يعرفون عدد كلمات أكبر بنسبة ثمانية في المائة عن الأطفال الآخرين، في حين كانت حصيلة عدد الكلمات لدى الأطفال الذين يشاهدون التلفاز أقل بنسبة 20 في المائة.

* خبيرة التنمية البشرية ومدرب مهارات الحياة