موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر الأحد، ١٦ يونيو / حزيران ٢٠١٩
لا ثلاثة ولا شِرك ولا عجب، بل الله وكلمته وروحه

الأب د. بيتر مدروس :

<p dir="RTL">قالها الرّاهب إبراهيم الطّبراني (بداية القرن التّاسع الميلاديّ) إلى الأمير عبد الرّحمن الهاشميّ (فقرة 234- 235): &quot;ليس الأمر كما تفكّرون: إنّما نعرف الله بكلمته وروحه&quot;. والحقّ هذه المرّة على المسيحيّين (كما في تعريب &quot;الغفرانات&quot; الخاطىء!) إذ يعبّرون باليونانيّة والعربيّة مثلاً عن &quot;الوحدة الإلهيّة الثّلاثيّة&quot; بلفظة &quot;ثالوث&quot; التي لا تدلّ مع الأسف إلاّ على ثلاثة، &quot;ونحن لا نقول: ثلاثة&quot; بل إله واحد بكلمته وروحه. وما توفّق العرب بلفظة &quot;أحد&quot; لأنها تطلب مضافًا إليه كقولك &quot;أحد الأرباب&quot; (حاشى) أو أحد المعلّمين، ولعلّها نقل حرفيّ للنعت العبريّ &quot;إيحاد&quot; (تثنية 6: 4) الذي يعني &quot;واحد، الأحد&quot;. أمّا اللاتين فقد وُفقوا هذه المرّة في لفظة واحدة مركّبة هي &quot;ترينيتاس&quot; (ومنها الإنكليزية ترينيتي <span dir="LTR">Trinity</span> من &quot;تراين يونيتي &quot;<span dir="LTR">Trine Unity</span>&quot;) أي الوحدة الثلاثيّة.</p><p dir="RTL"><strong>أفكار تتكرّر: &quot;الثالوث&quot; أكبر مشكلة للمسلمين مع المسيحيّة&quot;!</strong></p><p dir="RTL">هذا ما أعلنه، أحد &quot;أمراء الجماعة الأحمديّة&quot;، على فضائيّته من لندن، في برنامج &quot;الحوار المباشر&quot;، مع أنه ليس مباشرًا بما أنّ أربعة أحمديّين في الأستوديو في حين لا يشارك سواهم إلاّ عن طريق الهاتف. صحيح أنّ الإسلام لا يعترف بالأحمديّة أي &quot;القديانيّة&quot; التي أسّسها ميرزا غلام أحمد (الهنديّ) سنة 1906. ولكنها في هذا الأمر تشترك مع الإسلام ليس فقط في رفض &quot;الثالوث&quot;، بل في حسبانه &quot;أعظم مشكلة مع المسيحيّين أو النّصارى&quot;. أوّلاً، ليس الكلام صحيحًا إلاّ في نصّ قرآني واحد ينهى المسيحيين &quot;أن يقولوا ثلاثة&quot; (سورة النساء 4، آخر 171). والنصوص القرآنية الأخرى التي تقول &quot;كفر الذين قالوا أنّ الله ثالث ثلاثة&quot; (سورة المائدة 5، 73) فلا تنتقد موقف المسيحيّة التي تؤمن بإله واحد بكلمته وروحه، وثانيًا لأنّ &quot;الثّلاثية&quot; التي يلحد إليها القرآن هي الله وعيسى ومريم. وهذه &quot;الثّلاثية&quot; ليست الإيمان المسيحيّ.</p><p dir="RTL">ثالثًا، أجاب أحد الكهنة، على الهاتف، بدقائق معدودة، ردّ على &quot;أمير الجماعة في فلسطين&quot; فورًا: &quot;لا يا حضرة الأمير! ليس &quot;الثالوث الأقدس&quot; أكبر مشكلة بيننا معشر المسيحيين وبينكم أيها المسلمون والأحمديّون (لاحظ التّمييز!) فهذه قضيّة قديمة جدًّا بيننا وبين &quot;أولاد عمّنا&quot; اليهود منذ عشرين قرنًا&quot;. وفعلاً، هكذا هو الأمر.</p><p dir="RTL"><strong>لماذا تكلّم المسيح عن &quot;الأب والابن&quot;؟</strong></p><p dir="RTL">في قراءة اليوم وفي الفصول 14&ndash;16 من إنجيل يوحنا يذكر يسوع &quot;روح القدس&quot; أو &quot;الباراقليط، روح الحقّ، &quot;والحقّ&quot; هو الله. وهنالك غلطة شائعة عند المسيحيين النّاطقين بالضّاد (وحتّى الآن لا سبيل إلى إصلاحها!&quot;) يقولون &quot;الروح القدس&quot; كأنّ &quot;القدس&quot; صفة أو نعت، في حين أنها اسم كقولك &quot;مدينة القدس&quot;. والأصل العبري والآراميّ هو &quot;رواح هقودش&quot; و&quot;روحا دي قودشا&quot; ويجب نقله &quot;روح القدس&quot; أي &quot;روح القداسة&quot; بالامتياز والكمال أي روح الله القدوس.</p><p dir="RTL">استخدم يسوع تشبيه &quot;الأب&quot; وهنا أيضًا غلطة شائعة عند المسيحيين بتأثير السّريانية &quot;آبو&quot; والكلدانية &quot;آبا&quot; فالعربيّة لا تعرف &quot;آب&quot; إلاّ بمعنى رجع (بطرس البستاني &quot;قطر المحيط&quot;). نعم، استخدم يسوع تشبيه &quot;الأب&quot; لتعوّد الشّعب العبريّ على أنه تعالى أب له (وله وحده، فهو الطّفل المدلّل!) وأنّ الشّعب اليهوديّ ابن لله (إرميا 31: 20). وكان صعبًا على السيّد المسيح، له المجد، أن يعلن لهم: &quot;أنا تجسّد كلمة الله الأزليّ&quot;!</p><p dir="RTL"><strong>خاتمة: الله وكلمته وروحه تعالى: إله واحد!</strong></p><p dir="RTL">عندنا أيضًا، نحن المسيحيّين، الله هو الأحد، &quot;لم يلد ولم يولد&quot; جسديًّا بل روحانيًّا معنويّا مجازًا، كقولك عن أحدهم &quot;أبا المكارم&quot; وعن الكلمة &quot;بنت الشّفة&quot; وعن العابر &quot;ابن السّبيل&quot;... وفي العهد الجديد، عند الرسول الحبيب يوحنا الذي تلقّى الوحي الإلهام، كآخر الرّسل أي الحواريّين زمنًا وأصغرهم سنًّا، تعريف آخر يُكمِل العنصر ثلاثي الوحدة هو: &quot;الله محبّة&quot;. ولعلّ قواعد اللسان اليونانيّ الكلاسيكيّ ثم الهليني اللاّحق، تفرض علينا أن ننقل العبارة بالتّعريف في الخَبَر: &quot;الله هو المحبّة&quot;، المطلقة الربّانيّة المُحبّة المحبوبة (وهذا أحد معاني لفظتَي &quot;الرحمن الرحيم&quot; في الأدب المسيحيّ حسب اللّسان الآراميّ). وتقول الفلسفة: &quot;المحبة تنشر نفسها&quot;، ففي الله الوحدة ليست وحشة، وفيه تعالى المحبة لذاته الإلهيّة ولكل مخلوقاته.</p><p dir="RTL">&quot;يا ربّ، اجعلنا واحدًا كما أنت واحد!&quot;.</p>