موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٢ فبراير / شباط ٢٠١٧
لأول مرة في الأردن، خدمة صلاة مشتركة بين الكاثوليك واللوثريين

تقرير : ايفا حبيب ، تصوير: أسامة طوباسي :

ترأس رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية في القدس والمطران منيب يونان، مطران الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، في كنيسة الراعي الصالح الإنجيلية اللوثرية في عمان، مساء الأحد صلاة وخدمة الشكر المشتركة الكاثوليكية واللوثرية، تحت عنوان "من النزاع إلى الشراكة: معاً في الرجاء"، بمشاركة السفير البابوي المطران ألبرتو أورتيغا مارتن، والمونسنيور روبيرتو كونا، وكهنة وقساوسة من الكنيستين وعدد من السفراء.

في بداية الاحتفال رحب راعي الكنيسة القس سامر عازر بالحضور: "يسرني أن أرحب بكم في عمانَ عاصمةُ مملكتنا الأردنية الهاشمية في ظل عميد آل البيت جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، وفي رحاب الكنيسة اللوثرية والتي تحمل اسم الراعي الصالح، الذي يشير حقاً إلى أننا أبناء راع صالح، ومدعوون نحن بدورنا أن نكون رعاةً صالحينَ متصالحينَ مع أنفسنا وبعضنا مع بعض ومع الله لخدمة الرعيةِ وكلِّ الناس.

وأضاف القس عازر، بينما العالمُ اليومَ يتجهُ نحو النزاع.. نحو الطائفية.. نحو التشرذم يتجه الكرسي الرسولي في روما والإتحادُ اللوثري العالمي في جنيف نحو الشراكة. ولقد كان ذلك ممكناً بفضل الحوار اللاهوتي الجاد والاستعداد الثنائي والمضني بمعونة الروح القدس وإرشاده للوصول إلى لقاء مصالحة تاريخي وإلى تقارب يمهد الطريق للشركة الكاملة بين الكنيستين. وأضاف، شكراً لله وشكراً لمن سخَّرَهم اللهُ في الوصولِ إلى هذه الخطوة التاريخية بعد خمسمائة عام من الانقسام، لنعطي عالمناً شهادة إنجيلية حية مشتركة بأنَّ الحوارَ أفضلَ وسيلةٍ للتفاهم وبناءِ جسور الشراكةِ، "وأنْ نكونَ معاً في الرجاء" قوةً وشهادةً للعالم.

واشار الى تبني شعار الصليب للفنان السلفادوري Christian Ayala والذي صمَّمه خصيصاً للاحتفالية المشتركة اللوثرية الكاثوليكية بالذكرى الخمسمائة للإصلاح اللوثري، والمعلق على جدارية المذبح في عمّان، مضيفا: تأملوا فيه، فما أبهى ألوان هذه الإيقونة، وما أجمل معانيها، إنها تنطق، فهي عظةٌ بليغةٌ عن عملِ الله الثالوث الأقدس في الخلقِ والفداء والتقديس. فنرى عن اليسار وعن اليمين الجدران الفكرية والروحية والإقصائية والعدائية قد تهدمت، والناسُ من كلِّ عرق وجنس ولون وإثنية مجتمعين بشكرٍ حول مائدة الرب التي يترأسها المسيح في الوسط ليغذي أرواحهم ويثبتهم في شركة القديسيين ويقويهم في مسيرة حياتهم.

وقال المدبر الرسولي بيتسابالا في عظته: كان يسوع على وشك المغادرة عندما تبادل مع رسله كلماته الأخيرة في الفصول الواردة في إنجيل القديس يوحنا قبل آلامه وموته. أنهى يسوع دربه وفي هذه الليلة سوف يُسلّم ويمثل أمام الحاكم وغدا سيتم صلبه، ليموت من أجلنا حتى تكون لنا الحياة. وأضاف في الصلاة الاولى من نوعها في الاردن: غادرنا يسوع بالجسد، ولكنه يريد أن نفهم أننا بدونه نضحي أمواتاً. مثل أغصان الكرمة نحن بحاجة إلى أن نكون متحدين معه اتحاداً متيناً، ومثل الأغصان في الكرمة، نتلقى منه رحيق الحياة، الغذاء المحي الذي نحن بحاجة إليه. لهذا يجب أن نبقى متحدين معه. نحن رسل، أرسلنا إلى العالم لمواصلة عمل خلاصه، إلا أننا رسل في حاجة مستمرة لنعود ونجثو عند قدميه.

وتابع المدبر الرسولي: بالرغم من العمل الصالح الذي نقوم به علينا أن نهيء أنفسنا للتقنيب من أجل أن نحمل مزيداً من الثمر. إن انقساماتنا كمسيحيين يجب أن تنبهنا إلى خطايانا. الانقسام يعني أننا لسنا مرتبطين بشكل كامل بالكرمة. الانقسام يعني أن رحيق الحياة لا يمر بنا. الانقسام يعني أننا لا نحمل الثمر الذي يريده يسوع. لنستمع إلى كلمة الله، كلمة هي صلاة: "اجعلهم كلهم واحداً ليكونوا واحداً فينا، أيها الآب مثلما أنت فيّ وأنا فيك، فيؤمن العالم أنك أرسلتني" التقنيب والتنقية يجب أن تقربنا أكثر فأكثر بعضنا من بعض حتى لا نُقطَع وننفصل عن الكرمة. إذا ما قنبتنا ونقتنا كلمة الله، امتلأنا بالروح القدس وأصبحنا واحداً".

وقال المطران منيب يونان في عظته: هذا هو يوم الوحدة. هذا هو يوم فرح وابتهاج، يقودنا الروح القدس لنتابع مسيرة لوند التاريخية. إن خدمة الصلاة المشتركة هي عين الخدمة التي قمنا بها لوند وتحتوي على ثلاثة عناصر أساسية، عددها بقوله: أولاً: إنها خدمة شكر، أننا نشكر الرب يسوع الذي أصغى إلى صلواتنا ودعانا إلى مسيرة الوحدة وإلى خدمة المصالحة التاريخية بين الكنيستين الشقيقتين. ولأنه سمح لنا أن نتذوق قيمة الوحدة المسيحية المرئية في هذا الوقت بالذات. ونشكر الرب يسوع بأن كل من كنيستينا اللوثرية والكاثوليكية قد التزمتا عبر العصور بتبشير إنجيل المحبة.

ثانياً: إنها خدمة توبة وغفران، لقد اعترفنا وتبنا في لوند وفي هذه الخدمة عن خطية انقسامنا وأخطائنا والألم الذي سببناه أحياناً لبعضنا البعض. ثالثاً: إنها خدمة التزام، اشتملت الصلاة المشتركة في لوند مع قداسة البابا على التزام مشترك للمستقبل. وسر المعمودية المقدسة يلزمنا كإخوة وأخوات مغروسين في جسد المسيح الواحد أن نشهد معاً ونعمل معاً ونتحدى الظلم والقمع وانتهاك كرامة الإنسان معاً. ونخدم الإنسان معاً".

وأضاف رئيس الاتحاد اللوثري العالمي: إن الحركة المسكونية اليوم هي ليست مبنية على الحوار اللاهوتي الذي هو ضروري وأساسي فحسب، إنما هي مبنّية على الصداقة والثقة. وعبر الخمسين عاماً للحوار بين الكنيستين أزلنا جدار الخوف من الآخر والشك في نواياه، وبنينا معاً الثقة والصداقة المتبادلتين.

وقام أطفال بإضاءة شمعة بعد تلاوة كل التزام ، وباشارة تحمل معنى رمزيا.

ويأتي هذا الاحتفال تعبيراً عن المصالحة التاريخية بعد خمسمائة عام على الإصلاح، خمسين عاماً من الحوار المسكوني، وامتداداً للصلاة المشتركة لإحياء ذكرى خمسمائة عام للإصلاح التي تمت في كاتدرائية لوند في السويد في تشرين أول العام الماضي بين قداسة البابا فرنسين رأس الكنيسة الكاثوليكية وسيادة المطران منيب يونان رئيس الإتحاد اللوثرية العالمي والقسيس مارتن يونجه الأمين العام للإتحاد اللوثري العالمي.

وقد التزمت الكنيستان بخمس تعهدات علنية قال فيها الكاثوليك واللوثريون: أولا، نحن الكاثوليك واللوثريين، علينا التعامل معاً من منظور الوحدة، وليس من منظور الانقسام. وثانيا، نحن مدعوون إلى التجدّد المستمر، من خلال اللقاءات بيننا والشهادة المتبادلة للإيمان. وثالثا، نلتزم البحث عن الوحدة المنظورة، وأن ندرس معاً ماذا يعني ذلك عملياً، وأن نجتهد لتحقيق هذا الهدف. ورابعا، علينا أن نعيد معاً اكتشاف قوة إنجيل يسوع المسيح لعالمنا المتألم. وخامسا، علينا أن نشهد معاً لرحمة الله من خلال نشر الكلمة وخدمة العالم.