موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٨ مايو / أيار ٢٠١٨
كيف نحمي مقدساتنا

د. رحيل محمد غرايبة :

القدس وما فيها من مقدسات اسلامية ومسيحية, وأوقاف مقدسية تمثل تراث الأمة عبر ما يزيد على قرن وأربعمائة عام ونيف أصبحت في أكثر أوضاعها خطورة وتهديدا, وهي تمر بلحظة تاريخية مفصلية, وسوف تشكل محطة لها ما بعدها في ظل التغيرات السياسية والإقليمية الخطيرة التي تمر بها.

الكيان الصهيوني اتخذ قراره بتوحيد القدس وتهويدها بعد الاحتلال وجعلها عاصمة أبدية, ووضع خطة وبرنامجا زمنيا لتنفيذ قراره، وبدأ مشروع تغيير معالم المدينة وطمس الآثار الاسلامية والمسيحية وشرع باطلاق أسماء جديدة عليها، وقد أظهرت دراسة جديدة أن الكيان أقدم على تغيير أسماء ( 667 ) موقعاً تراثياً وأثرياً اسلاميا ومسيحيا في مدينة القدس حيث غير أسماءها العربية الأصيلة، من أجل تغيير هوية المكان واظهار هوية يهودية جديدة مختلفة.

وفي مواجهة هذا الحدث ينبغي الاستنفار بكل ما اوتينا من قوة في أهم المسارات الضرورية على الصعيد الأردني والفلسطيني ابتداء، ومن ثم على الصعيد العربي والاسلامي والدولي, حيث ينبغي الاستمرار بالتنسيق بين الطرفين الأردني والفلسطيني في تنفيذ برامج حماية الأوقاف المقدسية ومواصلة مشوار إعمارها وصيانتها وترميمها وتجديدها, وتعزيز دور المؤسسة الوقفية وتقويتها وارفادها بالكوادر البشرية ومختلف الامكانات المطلوبة من أجل القيام بدورها المأمول في إعمار الأقصى بالحضور وتكثيف الوجود الاسلامي عن طريق المصلين والركع السجود وحلقات العلم, وهذا يحتاج من العلماء إلى إعادة النظر في الفتاوى التي كانت تمنع زيارة المصلين المسلمين من مختلف بقاع العالم الاسلامي للقدس, وضرورة الموازنة بين السلبيات والايجابيات لهذه الفتوى, حيث ان حضور اعداد كبيرة من المصلين والزائرين من الدول العربية والاسلامية يشكل دعماً للمقدسيين والفلسطينيين في زيادة الحضور في الأماكن المقدسية.

على الصعيد الدبلوماسي ينبغي تكثيف التواصل الأردني مع الأشقاء العرب والمسلمين من أجل بلورة موقف عربي اسلامي موّحد حول وصاية الأردن والهاشميين على القدس والمقدسات، وينبغي أن نضرب جميعا عن قوس واحدة في هذا السياق بعيداً عن الاختلاف والتنافر, وينبغي أن تكون القدس عاملا من عوامل وحدة الصف العربي والاسلامي وليست عاملاً من عوامل الاختلاف, وبعد ذلك ضرورة حشد موقف فعلي مساند للحق العربي ومواجهة الاحتلال على الصعيد العلمي والأكاديمي ايضا حيث ينبغي تعريف الأجيال والشباب العربي والاسلامي حول مقدساتهم وتراثهم الأصيل في القدس المحتلة، وضرورة تنبيههم بما يحدق بها من أخطار عن طريق الندوات والمؤتمرات العلمية وحلقات البحث, وعن طريق طرح المساقات والبرامج التعليمية في الجامعات, وكذلك العمل على تفويج الطلاب لزيارات القدس والأراضي والأقصى على مدار أيام السنة عن طريق بوابة الاردن بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية, وفي هذا الصدد يمكن العمل على انشاء أكاديمية مختصة بالقدس ومراكز دراسات ومعلومات وابحاث من أجل التفرغ لدراسة هذه القضية بطريقة علمية موثقة وعدم الاكتفاء بالشحن العاطفي.

وعلى صعيد آخر ينبغي تشجيع شعوب العالم العربي والاسلامي على ضرورة انشاء وقفيات مقدسية في مختلف بقاع العالم الاسلامي من أجل تسخيرها لدعم صمود المقدسيين ورعاية المقدسات ويمكن انشاء شبكة وقفية عربية اسلامية ممتدة برعاية وزارة الأوقاف الاردنية.

ينبغي ان يتم الالتفات الى مسار اعمار الانسان العربي عقلا ومعرفة وتربية ووجدانا وتهذيبا وروحا من اجل امتلاك القوة المكتملة القادرة على القيام بمهمة اعمار المقدسات وحمايتها لان العدو ما كان له ان يقدم على هذه الخطوة الظالمة المخالفة لكل شرائع الارض والسماء لولا الهوان العربي وهشاشة البناء الانساني لديها.

(الدستور الأردنية)