موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأربعاء، ٧ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
كيف تتغلب على ’المتنمر‘ بداخلك؟

إسراء الردايدة - الغد :

لا شك، بأننا لا نستطيع الوقوف مكتوفي الأيدي حينما نرى شخصا "نهتم لأمره" يتعرض لانتقاد حاد من قبل الآخرين، ونبذل جهدنا لإيقاف ذلك!، وهذه استجابة طبيعية للمعاملة السيئة التي يتعرض لها من نحب، فكيف هو الحال عندما نتبع ذات الأمر مع أنفسنا، بتوجيه النقد الذاتي بشكل مبالغ فيه و"حاد".

وبحسب سيكولوجي توداي، فإن الدراسات والبحوث أكدت أن المبالغة في النقد الذاتي يسبب أمراضا عقلية ترتبط بالإكتئاب والقلق، لأن آرائنا حول ما يدور في حياتنا وما تعنيه لنا عادة تخلق ووتتولد من الحوار الداخلي، ويمكن لتلك الآراء والأحكام أن تغدو اخفاقات مصورةـ وهي نابعة من الطفولة وتستمر حتى البلوغ، ومن أبرز هذه الحوارات الداخلية التي تعبر عن "التنمر" الذي يقوم به الفرد ضد نفسه:

"أنت غبي، كيف تفعل هذا؟"، كان بمقدورك أن تقوم بذلك بشكل أفضل، أنا فاشل ولا استحق هذا العمل، أنا لست جيدا بما يكفي، لا أحد يرغب بوجودي ولا يمكن لأحد أن يحبني، لا استحق هذا الاحترام، أنا شخص سيئ، وأنا أم/ أب سيئ ولا أستحق أولادي.

فحين نكرر النقد الذاتي بشكل مفرط لأنفسنا، يتحول لـ "تنمر داخلي" يتوجب مواجهته وإيقافه، فهذه المواقف تزيد من المعاناة الداخلية، وتعزز القلق والاكتئاب، وأحيانا يتحول الأمر لوضع أسوء، وما يساعد في التغلب على شخصية المتنمر بداخلك هو تعلم التعاطف الذاتي، ويختلف هذا عن فكرة حب الذات، بل تشمل بناء تعاطف ذاتي شامل حيث أن التعاطف الذاتي يرتبط عكسيا في علم النفس بـ "النرجسية"، أي أن لها أثر إيجابي على رفاه الصحة النفسية.

- ما هو التعاطف الذاتي؟

التعاطف الذاتي هو قدرة الفرد على فهم ونقل مشاعر دافئة لنفسه، في الوقت الذي يواجه فيه اخفاقات الحياة. فالتعاطف بالأصل يعني الرغبة بتخفيف معاناة الآخر، أما التعاطف الذاتي هو توجيه تلك المشاعر نحو نفسك، بدلا من الحكم القاسي لإنتقاد الذات.

وهو مهم للصحة العقلية، فمن ينقدون أنفسهم بشكل قاس، يعانون من القلق، أما من ترتفع لديهم نسبة التعاطف الذاتي تنخفض لديهم العواطف السلبية مثل: القلق وعدم الرضى عن النفس.

لأن التعاطف الذاتي يحقق سعادة أكبر وكفاءة أعلى ورضا أفضل عن الحياة، ويخفف من الشعور من الخوف من الفشل، وهو أمر يمكن تعلمه، ويزيد من الاستجابات الفسيولوجية التي تصارع الاجهاد ومشاكله، والقضاء على ذلك المتنمر داخلك، وما يترتب عليه من آثار إيجابية.

- بداية، عليك معرفة ما تقوله لنفسك وكيف تخاطبها، فحين توجه لذاتك "أنا أحمق أو فاشل.. لأنني" يعني وضع حد للتوقف، كعلامة "ممنوع المرور" الصارمة.

- زن قيمتك، إذا كانت قيمتك تعتمد على إسعاد الآخرين من حولك، سينتهي بك المطاف إلى أن تتحول إلى شخص فارغ، فمهما فعلت للآخرين لن يكون كافيا أبدا، ولن تشعر بقيمتك وبتقديرك كما ينبغي. فمعرفتك لقيمتك الحقيقية، يجب أن تنبع من الداخل، وبالطريقة التي تعامل بها، والتي تتوقعها لنفسك، وليس بحجم ما تمنح وتعطي من ذاتك.

وقياسيا لا يمكن أن تكتسب أي مهارة تطويرية لذاتك إن كنت تتوقع من الآخرين أن يكونوا متساهلين معك، لتبني نجاحك وشعورك بالأفضلية.

- راع مشاعرك، واعتبر ذلك بمثابة "نداء يقظة"، فكما تولي اهتماما لمشاعر أصدقائك وتراعيها، يجب أن تراعي مشاعرك بالقدر نفسه. فجزء مهم من التعاطف الذاتي ليس فقط باستبدال الأفكار السلبية، ولكن أن تدرك فعليا ضرر تلك الأشياء.

- تحدث مع نفسك بطريقة لطيفة، ردد ما تحب أن تسمعه من الآخرين على مسامع نفسك، أفعل ما بوسعك للتعبير عن الحب والامتنان لذاتك، فلن يحبك أحد أبدا كما تحب نفسك، وقم بتغيير حوارك الداخلي واجعله متوازنا، فالطريقة التي تتحدث بها مع نفسك تلعب دورا كبيرا في نظرتك لذاتك، فبدلا من أن يكون حوارا سلبيا، وبأنك لا تستحق شيئا، فكلما رددت بأنك بدون فائدة، ولا تجيد شيئا تحول الحوار لحقيقة وفعل.

- الوصول لحكمة العقل، فالعقل الحكيم هو مزيج من المنطق والعاطفة تجاه قيم الحقائق الفعلية وما قمت به، فهل الفعل الذي حدث يستحق أن تعنف نفسك لهذا الحد. وهل يستحق كم الغضب والكراهية التي توجهها لذاتك بكلام وأفعال كي تشعر بالخزي والذنب. بدلا من كل هذا ابحث عن نقاط قوتك ومميزاتك ونقاط القوة لديك، واستعن بها لتوازن الصورة، فربما يخف عن كاهلك عبئا ثقيلا.

وثق أنك تستطيع النهوض بذاتك، فتلك القوة التي تختفي وراء أفكار "مسمومة" يمكن أن تظهر على السطح بمجرد إفساح المجال لها، فتشجع واظهر لنفسك بعضا من الحب والرأفة.