موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٦ سبتمبر / أيلول ٢٠١٦
كنيسة شهداء الأردن.. تحية لكل من ما زال يتألم اليوم بسبب إيمانه بالمسيح
عمّان - أبونا :

<p dir="RTL"><span style="color:#006699;">فيما يلي النص الكامل لعظة البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين السابق، في القداس الاحتفالي الحاشد الذي ترأسه لمناسبة تدشين أول كنيسة في الأردن تحمل اسم &quot;كنيسة شهداء الأردن، وهم الذين رووا بدمائهم الطاهرة التراب الأردني، في العصور الأولى للمسيحية، إبان الاضطهادات الرومانية:</span></p><p dir="RTL">بالأمس احتفلت الكنيسة المقدسة بعيد ارتفاع الصليب، وهو من الأعياد المحببة على قلب مؤمنيها الأحباء، ويحظى هذا العيد بتعبد روحي وعادات شعبية كبيرة. إلا أنّ الجوهر هو الذي نركز عليه وهو حقيقة الصليب، علامة الاستشهاد، منارة المحبة، وطريق الفداء والدرب المؤدي إلى القيامة.</p><p dir="RTL">الصليب علامة الاستشهاد بالمحبة، وما إشعال النار في هذه المناسبة سوى صورة عن اشتعال المحبة في قلب الفادي: &quot;أحب خاصته الذين هم في العالم، أحبهم إلى أقصى الحدود&quot; (يوحنا 1:13). ويقول القديس بولس في رسالته إلى أهل روما: &quot;إنّ الله قد أظهر حبه لنا نحن الخطأة، إذ مات المسيح من أجلنا&quot; (روما 8:5)، هذا هو الحب الحقيقي الذي احتفلت به الكنيسة يوم أمس.</p><p dir="RTL">أما اليوم، فليس بعيدًا عن الأمس. إذ تحتفل الكنيسة بمريم، الأم الصابرة، والصامتة، والمتألمة، هي الحافظة أقوال الرب في قلبها، وهي كذلك المتألمة الشاهدة على ألم ابنها وعطائه ومحبته غير المحدودين. إنها شهيدة كذلك بتأملها وتألمها، إذ أن &quot;سيف الحزن قد اخترق جنبها&quot;، تمامًا كما اخترقت الحربة جنب ابنها. وإن جسد المسيح &ndash; أي الكنيسة &ndash; لم تكن غائبة أبدًا على مدار السنين والقرون والألفيتين عن آلام المسيح وعن اشتهاد المحبة الذي قام به في سبيلنا.</p><p dir="RTL">إن خلفاء السيد المسيح وأتباعَه، كما تبين القراءة الأولى اليوم، قد تألموا وأهينوا من أجل &quot;اتباع الاسم&quot;. فبعد ان صعد المسيح من جهة، ابتدأت الاضطهادات تنهال عليهم، من جهة أخرى، وهم فيها يكملون إلى اليوم ما &quot;نقص من آلام السيد المسيح&quot;. إن الله كما قال أمير الرسل بطرس: &quot;أحق بالطاعة من الناس&quot;... ونحن شهود على قتل المسيح وصلبه. وهنا أيها الأحباء، وفي لغتنا العربية تقارب جميل بين أن تكون شاهداً لموت المسيح وقيامته وأن تكون شهيداً من أجل محبته.</p><p dir="RTL">إلا أنّ المسيحي في حمله الصليب والشهادة، عبر القرون كلها، لم يتّكل على قواه الخاصة والشخصية، ولم يتكئ على أصحاب النفوذ والمال والمناصب والعظمة، إنّما على نعمة الرب الذي لا يتوانى عن سماع صراخ شعبه، لذلك صلينا في المزمور: &quot;الرب قريب من منكسري القلوب، ذا البائس دعا الربَّ فسمعه&quot;. وفي الإنجيل كذلك، يتحدث السيد المسيح مع نيقوديمس، أحد العلماء الذي أتى إليه ليلاً من قبل، أنّ الشهادة تتطلب أن تعترف حقًا، وأن تؤمن ببنوة السيد المسيح وبرحمة الآب التي نحتفل بها هذا العام.</p><p dir="RTL">أيها الأحباء، مؤثر جداً أن تُسمي البطريركية اللاتينية هذه الكنيسة الجديدة &ndash; بل الكاتدرائية - بكنيسة شهداء الأردن. وهذا يدل على أنّ بلدنا هو بلد القداسة. فالسيد المسيح تعمّد هنا على يد يوحنا المعمدان. وهذا المعمدان استشهد هنا في مكاور. وبعدهما، عاش هنا شهود وشهداء مستعدين لإعطاء حياتهم وسفك دمائهم في سبيل الإنجيل والمسيح والكنيسة، إنّهم شهداء الإيمان الذين تكرمهم الأجيال. إنهم من قال عنهم ترتليانس: الذين قدموا &quot;دم الشهداء كبذار للمسيحية&quot;.</p><p dir="RTL">ولكن تكريمنا لشهداء الأمس، ليس بمفصول عن إعجابنا وتضامننا مع شهداء اليوم. وهم كل إنسان بريء يقتل ويشرّد من بيته ومدينته وبلده بسبب إيمانه. وفي ظلال هذه الكنيسة في مرج الحمام عاش إخوة لنا من الموصل، كانوا يراقبون ارتفاع هذه الكنيسة، كنيسة الشهداء، وهم مطرودون من بلدهم بسبب ذات الإيمان الذي مات من أجله المعمدان وزينون وزيناس وغيرهم من شهود وشهداء الأردن. فتحية لكل من ما زال يتألم اليوم بسبب ايمانه بالمسيح.</p><p dir="RTL">أحيي أمامكم كل من أسهم في رفع هذه الكنيسة. كل من قدّم مالاً، ممّن ما زالوا على قيد الحياة وحاضرون منا، أو من غادرونا للسكن إلى جوار شهداء هذه الكنيسة. أحيي راهبات مار يوسف وكافة فعاليات الرعية الذين هبّوا لتنظيف وغسل الكنيسة قبل أشهر، لتكون مثل العروس الجميلة النقية. وأحيي أمامكم وبكل عرفان بالجميل، كاهن هذه الكنيسة، الذي تعب وكدّ وناضل من أجل أبنائها، تحية خاصة مني ومنكم لحبيبنا الأب حنا كلداني. جزاك الله كل خير وبركة.</p><p dir="RTL">أيها الأحباء، من المعمدان إلى الأم تريزيا التي أعلنت قداستها قبل أيام، هنالك صليب، وهنالك مصلوب، وهنالك أم المصلوب تشاركه آلامه. وهنالك شهود وشهداء يسقطون يومياً، وهنالك شهداء الحياة اليومية ، نضع كل شيء أمام الرب، فليساعدنا لكي لا نخاف بل نبقى متطلعين عبر شهادة حياتنا اليومية إلى يوم اللقاء بكنيسة السماء.</p><p dir="RTL">نطلب ذلك بشفاعة الأم البتول والقديسين الشهداء. آمين.</p>