موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٧
كنائس الرقة خالية من الالغام لكن مهجورة مع حلول عيد الميلاد

الرقة - أ ف ب :

تجري الاستعدادات لاستقبال كنيستي مدينة الرقة التاريخيتين الميلاد بعدما فقدتا اجراسهما واصبحتا عبارة عن أبنية مدمرة جراء المعارك وستكونان بحلول العيد خاليتين من الالغام التي زرعها المسلحون رغم عدم عودة المسيحيين للاحتفال.

ويعمل فريق من ستة اشخاص من منظمة "روج" التي تعنى بازالة الالغام على ازالتها من الكنيستين لكي تكون جاهزة قبل عيد الميلاد، لكن مسؤولي الكنيستين يقولون لوكالة فرانس برس انه بسبب الدمار الجزئي لن تنظم صلوات في هذا العيد.

وهذه ليست المرة الاولى التي يتم فيها البحث عن ألغام حيث ان فريقا سابقا أزال ثلاثة الغام من الكنيسة، ولكن للتأكد من خلوها تماما قبل الاعياد. وأقدم عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في أيلول 2013 على إنزال الصلبان عن الكنيستين وأحرقوا محتوياتهما وألحقوا بهما أضرارًا كبيرة. وحولوا كنيسة البشارة إلى مقرًا "للدعوة الإسلامية"، وكنيسة الشهداء إلى سجن.

وأصبحت كنيسة الشهداء للأرمن الكاثوليك، الواقعة وسط مدينة الرقة بالقرب من حديقة الرشيد، عبارة عن جدران مدمرة بعدما فقدت ملامحها الدينية. وحفر تنظيم الدولة الاسلامية في قبو الكنيسة نفقا طويلا يقود الى حديقة الرشيد. ويبحث عناصر من فريق روج عن الالغام داخل الكنيسة عبر أجهزة كشف تقليدية مثل عصا طويلة بلاستيكية مزودة بلاقط حاد يتمكن من التقاط الخيوط.

وأمام كنيسة الشهداء، يقول المستشار التقني للمنظمة عبد الحميد أيو (33 سنة) "نحن حاليًا موجودون ضمن مدينة الرقة وعمليات الكشف وازالة الألغام مستمرة من قبل فريق عملنا في المنظمة". واضاف "هدفنا عودة الإخوة المسيحيين لممارسة طقوسهم مع اقتراب الأعياد". ويتابع ان "الالغام في المدينة بالآلاف وتمكنا حتى الآن من الكشف عن نصف المدينة وأزلنا 1300 لغم حتى اللحظة والمدينة ملغمة بشكل كامل".

من جهته، يقول الكاهن بطرس مراياتي، من ابرشية الكنيسة الارمنية الكاثوليكية في حلب التي تشرف على كنيسة الشهداء في الرقة "لا شيء نهائيا بالرقة. الكنيسة مخربة"، مضيفًا "يذهبون للزيارة لكن لا احد يقيم هناك". وقد عادت بعض العائلات الى منازلها رغم عبارات التحذير المنتشرة على الجدران وفي الشوارع. ويسجل بشكل شبه يومي سقوط ضحايا جراء انفجار الغام.

وخلف كنيسة الشهداء، يتفقد نايف المدفع (65 سنة) منزله. ويقول لفرانس برس "دمروا الكنيسة وفقدنا البهجة في كل شيء. لم يكن هنا في الرقة فرق بين المسلم والمسيحي. كنا نعيش جميعنا سوية وسعيدون". ويوضح وهو يشير بيده الى منازل جيرانه المسيحيين "كل المسيحيين هجروا الرقة".

وأمام الكنيسة، يستعيد ذكريات ما قبل اندلاع النزاع قائلاً "في هذه الزاوية كانت توضع شجرة الميلاد ويدخل الأطفال الى الكنيسة مع أهاليهم. كانت الفرحة في كل مكان وتشردنا كلنا.. تشردت كل العالم". ويتذكر كيف كان أحفاده يقصدون الكنيسة ويحصلون بدورهم على هدايا الميلاد، مضيفًا "أشعر بالحزن حين لا أرى شيئا هنا سوى الخراب والدمار".

وبعد انهاء عملهم في كنيسة الشهداء، انتقل فريق نزع الألغام إلى كنيسة سيدة البشارة الكاثوليكية في حي الثكنة. ولم يبق من الكنيسة إلا جدران مدمرة وبقي على جانبها الأيسر مظلة رخامية، يوضع فيها عادة تمثال لمريم العذراء ولكنه غير موجود، ومكتوب عليها "الله أكبر والعزة لله". وعلى جدران الكنيسة المدمرة من الخارج لا يزال جزء من العبارات التي كتبها التنظيم موجودة جزئيًا.

ويتوقف محمود الجمعة (23 سنة) مع صديقه على دراجته النارية بالقرب من الكنيسة ويقول لفرانس برس "جعل داعش هذه الكنيسة مستودعًا للأسلحة اثناء المعارك وحرق كل الكتب والأناجيل التي كانت داخلها". وأضاف "حين اشتدت المعارك فجروها وهم يقولون الله أكبر على الكفار وسوف نفجر الكنيسة لكي لا يصلي ترامب فيها" في اشارة الى الرئيس الأمريكي.

وعلى جدران قبو مدمر في الكنيسة، لا تزال صور لعازفين على الآلات الموسيقية ورسومات دينية تم تلوين وجوهها بالسواد. ويوضح الجمعة أنه قبل سيطرة التنظيم على المدينة، "كان القبو عبارة عن روضة للأطفال يعزفون فيها على الآلات الموسيقية". ويضيف "كنا جيران الكنيسة وكنا نعايد الاخوة المسيحيين وهم يعايدوننا في أعيادنا، لكن الأن لم يبق مسيحيون، سافروا جميعهم وذهبت معهم الاحتفالات وأعياد الميلاد الجميلة".