موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١٨ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
كلمة الشيخ عبد العظيم سلهب خلال احتفال كنائس المملكة بعيد الميلاد

:

فيما يلي كلمة رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية سماحة الشيخ عبد العظيم سلهب، خلال احتفال كنائس المملكة بعيد الميلاد:

سيدي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.

فخامة الرئيس محمود عباس،

صاحب السمو الملكي ولي العهد المحبوب الأمير الحسين بن عبدالله الثاني،

قبل أيام احتفلنا واحتفل المسلمون في شتى بقاع الأرض بمولد خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الأيام يحتفل المسيحيون بمولد سيدنا عيسى عليه السلام، فأنتهز هذه الفرصة وأقول لأهلنا المسيحيين: كل عام وأنتم بخير.

نحن وإياكم أهل وعشيرة تقاسمنا لقمة العيش سويا في الأرض المباركة نواجه ظروف الحياة حلوها ومرها مستندين بعيشنا المشترك إلى العهدة العمرية منذ ألف وأربعمائة عام، عهدة أساسها وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي توجب علينا كمسلمين الدفاع عن كنيسة القيامة والحفاظ عليها للمسيحيين وحدهم كما نحافظ ويحافظ المسيحيون على المسجد الأقصى المبارك للمسلمين وحدهم، وهذه القاعدة هي أساس العدل والسلام، وما عداه من محاولات الادعاء بالشراكة أو التقسيم أو الاحتلال فهي اعتداءات مرفوضة لن تجلب إلا الكراهية والحرب الدينية.

قدمنا، يا جلالة الملك، من بيت المقدس من رحاب المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف إلى الأردن أرض الحشد والرباط، نحمل معاناة وهموم أهل القدس الذين صبروا ورابطوا وتصدوا وقاوموا الاحتلال أكثر من خمسين عاما ولا زالوا يدافعون عن مقدساتهم، فما لانت لهم قناة ولم تنكسر لهم إرادة.

إننا في بيت المقدس مسلمين ومسيحيين في حالة اشتباك يومي حياتي مع ما تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من ادعاء سيادة على جميع أنحاء المدينة المقدسة بقوة السلاح، فهي تحاصر المدينة بسور عنصري يحاول عبثا أن يفصلها عن فلسطين، وتطوقها بالمستوطنات داخل المدينة وخارجها وتستولي على العقارات بطرق الغش والتزوير، وتفرض المناهج التهويدية على أبناء القدس العرب، وتهود المدينة بتغيير أسماء الشوارع والأحياء فيها، وتنفذ الحفريات أسفل المدينة وتحت جدران المسجد الأقصى المبارك، ناهيك عن الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك التي تقوم بها أذرع الأمن الإسرائيلية ومن توظفهم من غلاة المتطرفين اليهود وأعضاء التنظيمات الإرهابية، وكان آخرها اقتحام مسجد قبة الصخرة المشرفة، ومحاولة المتطرفين اليهود إقامة صلوات تلمودية على الجدار الشرقي للمسجد الأقصى في مقبرة باب الرحمة التاريخية التي تضم رفاة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعلماء والصالحين ومن بينهم شهداء جيشكم العربي الأردني الذين رووا بدمائهم الزكية ثرى القدس وجدران الأقصى الطاهرة.

إن هذه الاعتداءات تضع المسجد الأقصى في مخاطر غير مسبوقة وهي تعبير واضح عن سياسة عدوانية ممنهجة لحكومة يمينية متطرفة مدعومة من قبل الصهيونية العالمية والحركة الإنجيلية المتصهينة. إن اسرائيل تريد تحويل قضية الاحتلال إلى صراع ديني من أجل فرض حوار ديني تروج له بعض الجهات الصهيونية وغيرها، وموقفنا واضح من أن أي حوار ديني مع المحتل حول القدس وفلسطين خط أحمر لا يقبل به إلا من يقبل بالاحتلال.

يا صاحب الجلالة، إن ما تحاول إسرائيل فرضه على المسجد الأقصى المبارك من أوامر وقوانين صادرة عن محاكمها وبرلمانها لن يكسبها أي حق في المسجد الأقصى وهي قرارات باطلة مرفوضة. ونؤكد على أن الأوقاف الإسلامية الأردنية تحت وصاية جلالتكم الهاشمية هي صاحبة الحق والمسؤولية في إدارة المسجد والقيام بواجب إعماره وصيانته وترميمه.

صاحب الجلالة

ثقوا أننا على العهد باقون، نلتف حول المسجد الأقصى ما دام فينا عرق ينبض ونتمسك بالرعاية الهاشمية على المسجد الأقصى والمقدسات، نثمن عاليا جهود جلالتكم الدولية المخلصة بالتنسيق مع دولة فلسطين ومن نتائجها مجموعة قرارات اليونسكو الداعمة لحقوقنا الثابتة في المسجد الأقصى ومدينة القدس. ولإن إسرائيل تضرب بهذه القرارات عرض الحائط، فهذا يتطلب منا تكثيف الجهود محليا ودوليا للتصدي لهذا العدوان والالتفاف حول المسجد الأقصى المبارك والصلاة والرباط فيه في كل الأوقات، وتشجيع المسلمين من كل أقطار الدنيا لزيارة الأقصى وتكثير سواد المسلمين فيه، والأمل معقود على جلالتكم بأن تقودوا جهداً عربيا إسلاميا لحماية المسجد الأقصى ونصرة قضيته التي هي أنبل وأقدس قضية، نصرة حقيقية تتجاوز بيانات الشجب، وتترجم دعم صمود أهل القدس إلى واقع حياتي قبل فوات الأوان.

إننا ندعوكم يا صاحب الجلالة إلى استمرار العمل والدعوة للتواصل مع أهل القدس واستمرار الحث على زيارة المدينة المقدسة والتعبد في المسجد الأقصى المبارك وزيارة كنيسة القيامة لمجابهة التهديد والتزييف والتزوير الإسرائيلي لتاريخ القدس وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه وعاصمتها القدس، وسيبقى الأردن الحصن المنيع للدفاع عن القدس ومقدساتها، أسأل الله العلي القدير أن يحفظ جلالتكم ويحفظ الأردن واحة أمن واستقرار.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.