موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٩ مايو / أيار ٢٠١٩
كلمة الأخت كارولين بدر في حفل نهاية العام الدراسي: عمّان مصباح السلام

عمان – أبونا :

رعت سمو الأمير عالية الطبّاع الاحتفال الذي أقامته روضة ومدرسة راهبات الوردية في المصدار، وسط عمّان، بمناسبة عيد الاستقلال وتخريج أطفال الروضة الكبرى. وتم خلاله عرض أوبريت بعنوان: "عمّان مصباح السلام".

وفيما يلي كلمة الأخت كارولين بدر:

حضرةُ صاحبةِ السموِّ الملكيِّ الأميرةِ عاليةِ كريمةِ توفيق الطبّاع حَفِظَها اللهُ،
أخواتي الراهباتُ الفاضلاتُ، إخوتي الكهنةُ الأفاضلُ،
الضيوفُ الأعزّاءُ، أيّها الحفلُ الكريمُ:

صباحُ اليومَ يشرقُ من ابتساماتٍ صغيرةٍ، ويبعثُ معها حكاياتٍ غُزِلَتْ من إرادةٍ وحبٍّ، صباحٌ أيّاريٌّ مريميٌّ يشكّلُ من قُدسيتِهِ هالةٌ من السّكينةِ، ففيهِ يتزاحمُ الفرحُ وتـنمو على عَتَبَاتِهِ قصائدُ تسافرُ كلماتُها إلى أرواحِنا لتزهرَ فيها السّعادةُ. صباحُ أيارَ الّذي نحتارُ فيه بأيِّ أبياتِ القصيدِ نعبّرُ، وكيفَ للأرواحِ التي فُطِرَتْ على حبِّ الوطنِ وقيادتِهِ أن تسافرَ بكلماتِها إلى البعيدِ لتفيَ بقيمتِهِ، وبقيمةِ يومٍ عظيمٍ كاستقلالِ مملكتِنا الحبيبةِ، الاستقلالُ الذي نَظَمَ على صفحاتِ التّاريخِ العربيِّ عامّةً والأردنيِّ خاصّةً حكايةً مَهِيبَةً تتجلّى في كلِّ عامٍ مُعَنوَنةً بالفخرِ، وتثيرُ في عروقِنا دماءَ العزّةِ، وتجدِّدُ الوعدَ للحفاظِ والنهوضِ بوطنِنا الغالي.

وما يزيدُ هذا الصّباحَ نشوةً هو تشريفُ صاحبةِ السّموِّ الملكيِّ الأميرةِ عاليةِ -حفظَها اللهُ- لحفلِنا اليومَ، نتنفّسُ اليومَ النّقاءَ الذي يقطرُ سلافًا صافيًا من مبادراتِكِ التي ما انفكَكْتِ تقدّمينها للأسرةِ الأردنيةِ الواحدةِ، مُتمسّكةً بمنهجيّةٍ تربويّةٍ إنسانيّةٍ تسمو بالإنسانِ وترتقي به، وتمسحُ الحزنَ عن وجوهِ الأيتامِ والمساكينَ، وتضيفُ قوةً في طريقِ الشبابِ الواعدِ ببناءِ أردنٍّ مترفّعٍ عن الضعفِ والهوانِ ومتشبّثٍ بقيمِ الوحدةِ الوطنيةِ ويغدو متمثّلًا بأجيالٍ سبقتْهُ قدمتْ أسمى معاني البَذلِ والتّضحيةِ، نحاولُ أن ننهلَ من اللغةِ ما يعبرُ عمّا يختلجُ في صدورِنا المفعمةِ بالفرحِ والسعادةِ وما يكتسي أرواحَنا من إحساسٍ بالغِبْطَةِ. فأهلًا بسموّكِ ضيفةً وصاحبةَ دارٍ في كَنَفِ الورديةِ.

أيّها الحفلُ الكريمُ:

صباحُنا اليومَ سيتزينُ أيضًا بياسمينٍ نما وزهّرَ في قلوبِ أطفالِنا الخريجينَ، وستُنثَر معهم حكاياتُ الطموحِ التي تولّدتْ في عقولِهم منذ التحاقِهم بركبِ الورديةِ. هؤلاءِ الأطفالُ الذين يبحرونَ معنا في رحلةٍ تغذّي طفولتَهم، وحواسُّهم عَطشى نحوَ المستقبلِ الذي نريدُه لهم، هذا هو استثمارُنا واستثمارُكمُ الأهمُّ ورأسُ مالِنا ومالُكم الأعظمُ، فمن أهدافِ الورديةِ "تنشئةُ أجيالٍ عالميةٌ مداركُها، أردنيةٌ هويتُها".

إنّ التزامَ الورديةِ بمسؤوليةِ تسليحِ أبنائِكم بالعلمِ والمعرفةِ وتجهيزِهم لمواكبةِ العصرِ، هو بحجمِ الالتزامِ والتفاني الذي ننتظرُه منكم، فلكلِّ منّا دورٌ وعلى عاتقِ كلٍّ منّا مسؤوليةٌ. وما هذا الدورُ إلا جزءًا من الدورِ الأعظمِ الذي تستظلُّ تحتَه الورديةُ وهو وزارةُ التربيةِ والتعليمِ الأردنيةِ التي تتوزّعُ أهدافُها في تربيةِ الجيلِ وتعليمِهِ بوسائلَ تنسجمُ مع احتياجاتِ العصرِ، ومرحّبةً بالانفتاحِ الإيجابيِّ لعقولِ الطلبةِ وجعلِهم المحورَ الفعّالَ والمفكّرَ، وتدريبِ المعلمينَ ليكونوا على قَدْرِ هذه المسؤوليةِ والأمانةِ التي بينَ أيديهم ليؤدّوا واجبَهم على أكملِ وجهٍ.

ولن نغفلَ عن دورِ رئيسةِ هذا الديرِ الأختْ غلوريا الربضي، هذه الأختُ العظيمةُ التي تعلِّمُنا من عطائِها معنى الهبةِ دونَ مقابلٍ، دورُها في ورديتِنا كموسوعةٍ تزخرُ بمرادفاتٍ غنيةٍ بالتواضعٍ والتسامحٍ، ومتجسّدٌ في نبعِ علمٍ يروي الأجيالَ بثقافةٍ سخيّةٍ في جوانبَ شتّى، لكِ منّا أيتها الأختُ والأمُّ جلَّ التقديرِ وأسمى معاني الشكرِ، أنتِ وكلُّ أَخواتي الراهباتِ الفاضلاتِ اللاتي نعملُ وإياهنَّ يدًا بيدٍ لخدمةِ صرحِنا الورديِّ وإعلاءِ شأنِه.

المعلماتُ الفاضلاتُ:

لا شيءَ يضاهي نُبْلَ عملِ المعلمِ، ولا كلمةً تُنصِفُ صبرَه وتفانِيَه، دوركُنُّ محوريُّ فأنتنُّ صاحباتُ المهنةِ التي تنبثقُ عنها جميعُ المهنِ، أفكاركُنُّ خلّاقةٌ وأحلامُكُنَّ وطموحاتُكُنَّ وابتكاراتُكُنَّ في تطويرِ روضِنا كانتْ ولا زالتْ تلدُ حلولًا من عمقِ التّحدي، هنيئًا للورديةِ وأطفالِها بكُنَّ.

أيها الحفلُ الكريمُ:

يأتي هذا الحفلُ منطلقًا من عمانَ وإليها، فعمانُ عاصمةُ العراقةِ، وعمانُ شِريانٌ يَنبِضُ في قلبِ كلِّ أردنيٍّ، وربةُ عمونَ هي المشهدُ الهاربِ من الجنةِ الذي يظلّلُ أعينَنا دومًا، فيلادلفيا المحبةُ التي يتحرّرُ سحرُها من سلالمِ الموسيقى وبحورِ الشعرِ وتُرسَم بألوانٍ مقتبَسًةٍ من النجومِ. وهي الأسطورةُ الحقيقيةُ التي تضمُّ في طيّاتِها حوارٌ لا ينقطعُ بين الماضي العريقِ والحاضرِ المتألقِ، ويصافحُ المستقبلَ الذي نَنْشُدُهُ مشرقًا بإذن الله وبهمةِ أبنائِه، وهي العاصمةُ التي تحاكي الحضارةَ والحداثةَ وتدفعُ إرادتَنا دومًا للاستمرارِ في طريقِ الطموحِ والنهضةِ. وعمانُ السلامُ الذي أضاءَ مصباحَهُ جلالةُ الملكِ عبد الله الثاني حفظه اللهُ ورعاه.

وانطلاقًا من حرصِ الورديةِ على تنشئةِ جيلٍ مثقّفٍ واعٍ محافظٍ على أصالتٍه وشرقيّتِه بل ومعتزٍّ بها، ومنفتحٍ على ثقافاتِ الأممِ الأخرى ارتأيْنا أن نغنيَ عمانَ اليومَ، وتغنّينا، "فالتي أرختْ جدائِلَها فوقَ الكتفينِ" تستحقُّ أنْ "يهتزَّ لها المجدُ" وأنْ نقومَ نحنُ بتقبيلِها بينَ العينين. فمنْ غيرُها يستحقُّ أنْ تتغنى بها نجاة قائلةً: "اختالَيْ بجمالـِك وازدادِي تيِهًا بدلالِكْ" كيفَ لا وهي حتمًا "الفرسُ الذي لا تُثنيهِ الريحُ"، ندعو لكِ يا عاصمةَ الحبِّ والسّلامِ "سلمْتِ لعينيْ خيّالِكِ" الذي ما فتئَ هذا الخيّال جلالَةُ الملك عبد اللهِ الثاني بزرعِ روحِ الوِحدةِ فيها والتمسكِ بالعيشِ المشتركِ. وهذا ما نؤكدُهُ حين نغني "تباهَيْ بصمودِ رجالِك" الذين يعرفونَ كيفَ يكونُ الانتماءُ للوطنِ.

اليومَ نرحلُ مع مدينةِ الحبِّ الأخويِّ في حِقْباتِها التاريخيةِ المختلفةِ، ونعيشُ الحياةَ الاجتماعيةَ التي عاشَها العمّانيونَ على مدى تاريخِها، نقتبسُ من ضِحْكاتِهم التي نسمعُها في كلِّ ركنٍ وفي كلِّ زاويةٍ نقتبسُ منها الوفاءَ لعمّانَ، ونتعلّمُ من لَكنتِهمِ البسيطةِ عمقَ المعنى، والفخرَ بلهجتِنا الأردنيةِ العريقةِ. ولن ننسى تقديمَ شكرٍ من ذهبٍ إلى كلِّ القائمينَ على هذا الحفلِ، وتلكَ الأيدي الّتي صَهرتْ صوتَ أطفالِنا مع الموسيقى ليكونَ الناتجُ عراقةً بطعمِ الطفولةِ.

لكلِّ مَن ساهمَ في أيِّ مشاركةٍ أو تفصيلٍ أو كلمةٍ لإقامةٍ هذا الحفلِ لكمْ منّا الشكرُ الذي يليقُ بعطائِكم. ونخصُّ بالشكرِ موقعَ أبونا .org الذي صاحبَنا للتصويرِ الخارجيِّ فازدادَ المشهدُ تألقًا وجمالًا بلمستِهم. نجدّدُ الترحيبَ بكم، و بكلِّ وسائلِ الإعلامِ التي تنيرُ مسرحَنا اليومَ راديو مريم، وقناةِ نور سات الفضائيةِ المتميزةِ في الإعلامِ المحليِّ.

أمدنَا الله وإياكم بالقوةِ والقدرةِ على تنشئةِ هذا الجيلِ وتعليِمه وتثقيفِه والحفاظِ على هويتِنا العربيةِ الأصيلةِ تحتَ ظِلِّ صاحبِ الجلالةِ الهاشميِّ الملكِ عبدالله الثاني ابن الحسينِ أطالَ اللهُ بعمرِه... كلُّ عامٍ والوطنُ وأنتم بألفِ خيرٍ، وكلُّ عامٍ وأجيالُنا في ورديتِنا تتجددُ لخدمةِ الوطنِ.

للمزيد من الصور:
https://www.facebook.com/pg/www.abouna.org/photos/?tab=album&album_id=2…