موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢١ يوليو / تموز ٢٠٢٠
كاتدرائية مار الياس المارونية تعود من جديد علامة رجاء وشعاع أمل لمدينة حلب
كاتدرائية مار الياس المارونيّة بحلتها الجديدة (تصوير: صفحة كنيسة مار الياس المارونيّة على الفيسبوك)

كاتدرائية مار الياس المارونيّة بحلتها الجديدة (تصوير: صفحة كنيسة مار الياس المارونيّة على الفيسبوك)

أبونا ووكالات :

 

وسط حضور رسمي وشعبي كبير، وضمن مشروع إعادة بناء وترميم حلب القديمة، عادت أصوات أجراس كاتدرائية مار الياس المارونية في مدينة حلب، شمال سورية، تدقّ من جديد معلنة عودة إقامة القداديس والصلوات، بعد إعادة تأهيلها وإعمارها.

 

وقدّمت مؤسسة "عون الكنيسة المتألمة" البابوية الجزء اليسير من تمويل إعادة تأهيل الكاتدرائية، والتي تعرّضت لقصف متكرّر بالصواريخ في ثلاث مناسبات على الأقل، بين الأعوام 2012 و2016، كما وتعرّضت لأضرارٍ بالغة عندما دخلت المجموعات الإرهابيّة حي الجديدة، ذات الغالبية المسيحية، عام 2013.
 

جانب من المشاركين في احتفالية الافتتاح

وشارك في الحفل سفير الكرسي الرسولي بدمشق الكاردينال ماريو زيناري، وممثّل البطريرك الماروني المطران بولس مطر، ومفتي الجمهورية السورية أحمد بدر الدين حسون، إلى جانب لفيف من الشخصيات الرسمية والدينية والشعبية. وتمّ في ختام الحفل إزاحة الستار عن نصب العلامة المطران جرمانوس فرحات، أمام ساحة الكنيسة.

 

وأوضح المطران يوسف طوبجي، رئيس أساقفة حلب للموارنة، أن احتفالية تعطي رسالة رجاء وسلام بأن الإعمار يغلب الهدم، والحياة تغلب الموت، والسلام يغلب الحرب. فلذلك هي رسالة أننا موجودون وصامدون ومستمرون بشكل أفضل وأقوى وبقيامة جديدة، شاكرًا كل من فكّر بهذا المنطق، بالمحبة هي الأساس.

 

وقال مفتي الجمهورية بأنّ ردنا على الاعتداء لمدة عشر سنوات هو إعادة البناء، موجهًا رسالة لأبناء حلب، من المسيحيين والمسلمين، الذين غادروا الوطن. وقال: عودوا فوطنكم هو جنة الدنيا، وسيبقى فيه جذور آبائكم ومستقبل أبنائكم، هذه سورية التي يبنيها كل أبنائها، من رجال وعلماء الدين بقيادة رجل قال للعالم سورية ستبقى لأن الله حاميها، داعيًا البابا فرنسيس لزيارة حلب والاطلاع على المعالم الأثرية والكنسيّة.

صورة جماعية في ختام الاحتفالية

كاتدرائية "مار الياس"

 

هذا وتعتبر كاتدرائية مار الياس المارونيّة في حلب من أهم المعالم التاريخية والحضارية في هذه المدينة، التي تتميز بأماكنها الأثرية العديدة وبعراقتها التاريخية والحضارية الثقافية. وضع حجر أساس هذه الكنيسة سنة 1870، وبدأت القداديس فيها سنة 1892، وقد تم بناؤها تبعًا لمخططات وهندسات معمارية قادمة من روما، أي أن المهندسين كانوا إيطاليين لكن الأيدي الصانعة كانت من مدينة حلب.

 

وتتميز الكنيسة بأنها بنيت من الحجارة الصفراء التي تشتهر بصلابتها وتأقلمها مع الأجواء المناخية المختلفة إذ تدوم لفترات طويلة من الزمن. وفي عام 1928 تم توسيع الكنيسة بإضافة قسم رابع، وهو الحوش أو البرجين، والذي يضم برجي الساعة والجرس، يضم أحد البرجين في أعلاه ساعة سويسرية تطل على الاتجاهات الأربع. أما برج الجرس فيحمل في أعلاه جرس الكنيسة. وبين البرجين، تمثال للنبي إلياس الذي تم صنعه في ميلانو.

كاتدرائية مار الياس المارونية بحلتها الجديدة (تصوير: صفحة كنيسة مار الياس المارونيّة على الفيسبوك)

عند مدخل الكنيسة المارونيّة الرئيسي، يتمركز تمثال للمطران جرمانوس فرحات، الذي سجّل التاريخ له العديد من الإنجازات في مجالات الفلسفة والرهبنة واللغة العربية، وتم اختيار تمثال المطران جرمانوس لما يحمل من قيمة حضارية وعلمية كبيرة، وأثر عميق في تنظيم العلوم السماوية، ليكون تمثاله الواجهة التي تزين هذه الكنيسة. وقد تم تدشين التمثال مع الساحة المقابلة له عام 1932، وكان ذلك بمناسبة مرور 200 عام على وفاة العلامة المطران جرمانوس فرحات.

 

ونتيجة لوصول المسلحين إلى المنطقة قرب الكاتدرائية، توقفت الصلوات بشكل نهائي بعد أن تعرضت في شهر آب 2012 لأضرار في الواجهة الخارجية، وبعض الإصابات في جسم الساعة الشهيرة، وبعد عدة أشهر أصيبت القبة بعدة قذائف أدت إلى فتح ثغرات فيها، وتحطيم لوحات زجاجية للسيد المسيح. استمرت الأضرار على المنطقة، وبلغت ذروتها في العام 2015 أثناء تفجير قامت به المحموعات الإرهابية المسلحة في منطقة ساحة الحطب وما حولها، نتيجة لهذا التفجير، أصيب سقف الكنيسة الخشبي وتحطم بشكل جزئي.

كاتدرائية مار الياس المارونية بحلتها الجديدة (تصوير: صفحة كنيسة مار الياس المارونيّة على الفيسبوك)

وفي شتاء العام 2016، أعلنت حلب مدينة آمنة من قبل الجيش العربي السوري، وبناءً على عودة الآمان للمنطقة، احتفلت أبرشية حلب المارونية بعيد الميلاد المجيد في الكاتدرائية بعد انقطاع، وفي ظروف صعبة وقاسية، بعد أن أقيم داخل حطام السقف مغارة رمزية. وفي ربيع العام 2017 بدأت أعمال إزالة الركام، وتمت الاستفادة من خشب السقف لصناعة مذابح لكنائس أخرى، وصلبان توزع على المؤمنين، كان الاحتفال بالجمعة العظيمة وأحد القيامة في عامي 2017 و2018.

 

في ختام العام 2017 بدأت محاولات لإصلاح الساعة، ومع مطلع العام 2018 عادت الساعة لتعمل بكفاءة عالية وتم تدشينها بحضور شخصيات دينية وسياسية رفيعة المستوى. بدأت أعمال الترميم والتأهيل تبلغ أوجها في النصف الثاني من عام 2018، ومن أهم المراحل، إعادة تأهيل القبة، والأبراج وتركيب ورفع السقف الخشبي في أيلول 2019. وفي تموز 2020، عادت الكنيسة، كما كانت، منارةً في وسط الشهباء، وعلامة رجاء وشعاع الأمل لأبناء المدينة والعالم.

الكاتدرائية المارونية 2016 و2020 (مصدر: صفحة كنيسة مار الياس المارونية على الفيسبوك، ومؤسسة عون الكنيسة المتألمة)