موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٣ يوليو / تموز ٢٠٢٠
قمة روحية مسيحية تناقش نظام الحياد والأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد

أبونا :

 

بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، عقد في الصرح البطريركي الماروني الصيفي في الديمان، قمة روحيّة مسيحية شارك فيها بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، وبطريرك السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان، وبطريرك الأرمن الكاثوليك غريغوار بيدروس العشرون، والمطرانين شاهية بانوسيان ومكاريوس أشقريان ممثلين عن بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان.


 

"نظام الحياد"

 

واستمع المجتمعون إلى عرض قدّمه البطريرك الراعي حول "نظام الحياد"، وردّات الفعل عليه. وهو نظام ينبع من رسالة لبنان الحضارية، وقد تلازَمَ مع نشوء الكيان اللبنانيّ كمطلب ملائم "لموقع جبل لبنان وطبيعة أهاليه الموالفة للحريّة والاستقلاليّة منذ القدم ممّا استلزم استقلاله وحياده السِّياسيّ"، كما جاء في مذكّرة مجلس إدارة متصرّفية جبل لبنان في 10 تموز 1920.

 

وقال البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للبطريركية المارونية: "لقد اعتمد لبنان، منذ إقرار ميثاق 1943، سياسة الحياد وعدم الانحياز على قاعدة أن لا وصاية، ولا حماية، ولا امتياز، ولا مركز ممتاز لأي دولة من الدول الشرقيّة والغربيّة، بل يكون وطنًا سيدًا حرًا باستقلالٍ ناجز. هذه كانت سياسة دولة لبنان الخارجيّة المتكرّرة في البيانات الوزاريّة منذ الحكومة الأولى برئاسة رياض الصلح سنة 1943 حتى الحكومة الثالثة والخمسين برئاسة شفيق الوزَّان سنة 1980".

 

أضاف: "ظلَّت الحكومات المتتالية تؤكِّد نهجَ الحياد وعدم الانحياز على أساس أنَّ لبنان جزءٌ لا يتجزَّأ من العالم العربيّ، يُقاسم إخوانَه العرب سرَّاءهم وضرَّاءهم، ويعمل دائمًا على شدّ أواصر الأخوّة وتوثيق عرى المحبَّة بينه وبينهم؛ وأنَّه منفتحٌ على الدُّنيا بأسرها، وغير منحازٍ إلى أيِّ تكتُّلات وأحلاف سياسيَّة أو عسكريَّة، ويستند في كلّ حال إلى شرعة الأمم المتَّحدة. وعادت الدَّولة اللُّبنانيَّة لتؤكِّد في "إعلان بعبدا" بتاريخ 11 حزيران 2012: "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصِّراعات الإقليميَّة والدَّوليَّة وتجنيبه الانعكاسات السَّلبيَّة للتَّوتُّرات والأزمات الإقليميَّة، وذلك حرصًا على مصلحته العُليا ووحدته الوطنيَّة وسِلمِه الأهليّ، باستثناء ما يتعلَّق بواجب إلتزام قرارات الشَّرعيَّة الدَّوليَّة وبخاصة المتصل منها بالاراضي اللبنانية التي لا تزال تحت الاحتلال الاسرائيلي، والإجماع العربيّ والقضيَّة الفلسطينيَّة المحقَّة، بما في ذلك حقُّ اللَّاجئين الفلسطينيّين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم".

 

وأكد المكتب الإعلامي للبطريركية المارونية في بيانه على "أنّ طرح مشروع نظام الحياد بعيدٌ كليًا عن أيِّ تفكيرٍ طائفيٍّ أو سياسيٍّ أو فئويٍّ، بل هو طرحٌ وطنيٌّ جامعٌ ولمصلحةِ كلِّ اللُّبنانيّين من جهةِ، ولمحيطِ لبنان المشرقيِّ ـــ العربيِّ من جهة أخرى. فحيادُ لبنان هو مشروعُ سلامٍ لا مشروعُ حرب، وهو مشروعُ اتفاق لا مشروعُ صراع. إنَّ لبنانَ غيرُ قادرٍ على البقاء رهينةَ التجاذبات والمشاريع الخارجية. لقد حان الوقتُ للخروجِ، يدًا بيدٍ، من التدهور والانهيارِ، ومن الأزماتِ المتتاليةِ. فكلّنا للبنان ولبنان لنا جميعًا".


 

الأوضاع الاقتصادية والمعيشية

 

هذا وتناول اللقاء مناقشة خطط الإغاثة المعتمدة من قبل الكنائس في البلاد، والتي تهدف إلى توفير الأمن الغذائي والصحي ودعم القطاعين الزراعي والمهني، وكيفية تنسيق الجهود لمضاعفة المساعدات وحسن الافادة منها. وفي هذا الإطار كان عرض لمشروع لجنة الإغاثة للمساعدة والتعاضد "الكرمة"، المستوحى من آية يوحنا الانجيلي: "انا الكرمة وانتم الاغصان".

 

وركّز المجتمعون بصورة خاصة على ضرورة تلبية حاجات قطاعات الشبيبة من خلال المشاريع التنموية، التي توفر فرص العمل لهم، وتحدّ من هجرتيهم الداخلية والخارجية. وأعربوا عن تقديرهم لكلّ مبادرات التضامن التي يطلقها اللبنانيون من المقيمين والمنتشرين في مواجهة الازمة الراهنة.

 

وفي هذا السياق من مقاربة الازمة المعيشية الراهنة، أعرب الآباء عن تطلعم إلى دور حكومي أكثر فعالية لجهة الإصلاحات والتدابير الكفيلة برفع حدة الأزمة والاسهام في استعادة دورة الحياة الاقتصادية واستقطاب قدرات الدعم المحلية والخارجية، وناشدوا جميع القيادات اللبنانية الترفع عن الحسابات السياسية وتجاوز الخلافات الفئوية والتضامن قولاً وعملاً مع المؤسسات الدستورية في ورشة الانقاذ الوطنية.