موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢١ فبراير / شباط ٢٠١٨
في الذكرى العاشرة لاستشهاد شيخ الشهداء المطران فرج رحو
عمان - أ. د. غازي ابراهيم رحو :

تمر خلال هذه الايام القليلة القادمة الذكرى العاشرة لاستشهاد مثلث الرحمات المطران الشهيد فرج رحو، شيخ شهداء كنيسة العراق، الذي استشهد دفاعًا عن ايمانه، ولحبه لأرض العراق التي أنجبت الكثير من الشهداء المسيحيين، الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل شعبهم، دفاعًا عن إيمانهم، ودفاعًا عن مكونهم المسيحي الذي لاقى العذابات في هذه الأرض التي بنوها وقدموا أرواحهم، فداءً لها، وفداءً لشعبهم الذي هجر وشرد وهمش بسبب الهجمة البربرية التي قادها نفر من القتلة والمجرمين حيث أرادوا إنهاء الوجود المسيحي في العراق بلد الإيمان والكنائس والاديرة، بلد النبي إبراهيم عليه السلام.

لقد استشهد المطران الجليل فرج رحو والاباء الكهنة من رفاقه وشمامسته، وقبله الاب رغيد في الموصل، أم الربيعين، تلك المدينة التي احبها مثلث الرحمات ورفض الخروج منها لايمانه الكبير بانها ارض الاجداد، ارض الايمان المسيحي، رغم كل التهديدات والانذارات والتبليغات بترك مدينته، حيث فضل الاستشهاد على ان يترك ابنائه وشعبه وحيدين في ظل مجتمع سيطرت عليه القوى الارهابية.

تمر هذه الايام ذكراه التي لن تمحوها السنين والتي تأصلت بما حدث لمسيحيي الموصل وقرى سهل نينوى من تهجير وتدمير. تمر هذه الذكرى والجميع يتطلع الى معاقبة المجرمين لهذه الجريمة البشعة التي راح ضحيتها مثلث الرحمات المطران الشهيد فرج رحو، ورفاقه الشمامسة، والاب رغيد، ورغم المتابعات الشخصية وبمساعدة الخيريين من بعض من الاخوة اعضاء البرلمان العراقي وكذلك رئاسة الوقف المسيحي التي حاولت وبكل الوسائل دعم قضية اظهار الحق بالدفاع عن حقوق شهدائنا جميعًا، ومنهم مطراننا الجليل، وكشف الجريمة ومنفذيها، كما وان الكنيسة العراقية وفي مقدمتها البطريركية الكلدانية التي لم تقف مكتوفة الايدي للكشف عن هذه الجريمة الغادرة واعلان انتهاء التحقيقات الجرمية، الا اننا لا زلنا بانتظار معاقبة المجرمين بالرغم من ما يقال عن اعتراف المجرم الحقيقي الذي اعترف بجريمته كما توضح المرفقات (الاولية) لحين قيامنا بنشر البقية بعد انتهاء التحقيقات.

وبالرغم من انه في عام 2008، وبعد استشهاد المطران فرج رحو تم اعلام العائلة بان هنالك مجرم اعترف بجريمته وحكم عليه بالاعدام وتم الطلب من افراد العائلة الحضور يوم التنفيذ الا ان انسانيتنا المسيحية حتمت على عدم الحضور. ولكن نحن الان في عام 2018 وبنهاية العام 2017 حصلنا على المرفقات التالية التي تشير الى اعتراف مجرم آخر بالجريمة والذي حير الجميع بين ذلك المجرم الذي قيل انه اعترف بجريمته واخذ عقابه؟ وبين مجرم جديد يحاكم الآن بعدما اعترف بجريمته؟ فمن يكون الجاني الحقيقي اذًا؟ وهل هي تمثيلية؟ في ان يكون هنالك اكثر من مجرم اعترف بقتل المطران الشهيد ام ماذا؟ وهل يمكن لقاتل واحد ان يقوم بتلك الجريمه بمفرده ويقتل المطران الشهيد والشمامسة ويختطف المطران؟ ومن كان وراء تلك الجريمة، واي جهة او مجموعة ساعدت وخططت لتلك الجريمة؟ اسئلة كثيرة تروادنا في البحث عن الحقيقة في هذه الجريمة التي هزت الضمائر الحية في بلد قدم له مسيحيي العراق كل ما يمكن وبذلوا الغالي والرخيص لبناء وتطوير واعلاء شأن العراق الذي كان ولا يزال هو ارض الاجداد وارض المسيحية ارض الاديرة والكنائس.

تمر هذه الايام ذكرى استشهاد شيخ شهداء الكنيسة العراقية الذي كان قد خصص حياته الى الوحدة ومحاربة الطائفية ومساعدة المحتاجين والعوائل بمختلف اطيافها ومللها. لهذا فمن المؤكد ان هنالك جهات مستفيدة استفادة مباشرة في كتم صوت الوحدة ومحاربة الطائفية. هي من استهدفت المطران الشهيد لانه رفض الخروج من مدينته رغم التهديدات له ورغم محاولات عديدة لاختطافه ومحاولة قتله الا ان شجاعته التي تربى عليها وايمانه العالي والتصاقه بشعبه للدفاع عنهم هو من ابقاه في ارضه، لانه تعهد مع نفسه ومع ربه يسوع المسيح ومع شعبه، انه لن يخرج من الموصل الا ويكون اخر انسان يخرج منها بعد ان يؤمن سلامه ابنائه وعوائلهم.

ومن يقرأ وصية المطران الشهيد سيجد كم كان ملتصق بانسانيته وبشعبه الذي احبه حيث انه قال في احدى عباراته في وصيته انه (انا بذاتي كنت ملكا للرب ولبيعته)، و(ارجو الا تقام تعزية ابدا، فالفقراء بحاجة الى ما تصرفونه، ارجو منكم ايها الشباب والشابات المتطوعين لخدمة العوائل الفقيرة ان تنحنوا نحو الفقير والمحتاج والمريض فهم يسوع فيما بيننا)، كما أكد ايضًا في وصيته (العراق امانة لديكم فضعوه في حدقات اعينكم ولا تدعوه عرضة للتقسيم والتخريب). هذه بعض من وصية المطران الشهيد الذي افنى روحه الطاهرة من اجل ايمانه ومن اجل شعبه.

واليوم يتم محاكمة قاتليه الجدد كون هنالك كما قلنا من اعترف سابقًا بهذه الجريمة فمن يكون المجرم الحقيقي؟ ومن هم المجرمين الحقيقيون؟ اسئلة كثر تحتاج الى اجابات يتطلب من هم بالمسؤولية، ومن هم سيكونون بالمسؤولية مستقبلاً، الاجابة عليها، لكي يتبين لابناء العراق ومسيحي العراق بالذات من هو المجرم الحقيقي وما هي اسباب استهداف المسيحيين ومن وراء ذلك لاننا لغاية اليوم نحن نعاني من تهميش وتشريد واغتصاب للحقوق بالرغم من كل المناشدات؟ فهل ستظهر حقيقة قتله الشهيد المطران فرج رحو؟

إن ذكرى هذه الايام المؤلمة التي تذكرنا بالمطران الشهيد الذي حمل غصن الزيتون بيد وصليبه باليد الاخرى تحتم علينا ان نكون موحدين فشهداء كنائسنا من جميع الطوائف تبرهن ان من يوجه القتل والتدمير والتهميش لنا كمسيحيين. فالمجرمين القتله اختاروا القضاء على اصوات الايمان، واصوات الوطنية والوحدة، في ارض المسيحية، وفي العراق؟ سوف تبقى كلمات الشهيد المطران فرج رحو في قلوبنا وفي نفوسنا حيّة تذكرنا بشجاعة الإيمان، وسوف تبقى كل كلمة قالها تشدد على تعاليم المخلص، داعية للسلام والمصالحة، وطالبة من ابنائه الصفح عن المسيئين اقتداءً بمن غفر لصالبيه.

نم قرير أيها القديس، لأن ذكراك لن تمحى من قلوبنا وقلوب ابنائنا على مر الدهور. فأنت تنظر الينا اليوم من علو، وتصلي من اجل شعبك وابنائك، الذين يفتقدونك، لانك كنت ملتصقًا بهم وبايمانهم؟ نم أيها الشهيد قرير العين، فذكراك محفورة في كل تربة العراق، وفي قلوب ابناء العراق.