موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٣٠ ابريل / نيسان ٢٠١٤
فحص حياة البابوين بشكل دقيق قبل إعلانهما "قديسين على الفور"

بقلم أندريا تورنيللي، نقلها إلى العربية سامح المدانات :

يتشاطر البابا يوحنا الثالث والعشرين والبابا يوحنا بولس الثاني اللذين أعلنهما البابا فرنسيس يوم الأحد قديسين أمراً مشتركاً بينهما، فقد طلب عدد كبير من الأشخاص إعلانهما قديسين بعد وفاتهما مباشرة. وفي حالة رونكالي (البابا يوحنا الثالث والعشرين) لم يكن الشعب فقط الذي أعرب عن رغبته الشديدة بتقديسه، فقد وقّع 300 أسقفاً اقتراحاً يطلبون فيه من البابا بولس السادس أن يباشر في دعوى تقديس البابا يوحنا الثالث والعشرين مع نهاية المجمع المسكوني الثاني.

لقد كان البابا مونتيني (بولس السادس) مقتنعاً من قداسة سلفه. ففي خطاب سري وُضِع من ضمن الوثائق الخاصة بإجراءات التقديس، وذلك في اليوم التالي لوفاة البابا رونكالي (يوحنا الثالث والعشرين)، حين كان مونتيني يومها رئيس أساقفة ميلانو. فقد كتب رسالة إلى مكتب الطقوس المقدسة موجهة إلى خليفة البابا الراحل يوحنا الثالث والعشرين، طالباً فيها إعلان قداسة البابا القادم من بيرغامو. قال فيها: "إن الإنسانية جمعاء، المؤمنين وغير المؤمنين، جميعهم يتحدون في هذا الاستعطاف الرقيق، إجماع موحد يتوصل إليه الناس للمرة الأولى في التاريخ. إن هذه الجموع من الناس ترغب في إعلانه قديسا بصوت واحد منذ دهور". وبعد بضعة أيام تم انتخابه حبراً أعظم خلفاً له. وفضل عدم المباشرة بسرعة في إجراءات التطويب، ورأى أنه ليس من المناسب إعلان "البابا الطيب" قديساً بسرعة. فبدأ بالإجراءات الروتينية، ولكنه اعتبر معالجة دعوى رونكالي جنباً إلى جنب مع دعوى تطويب البابا بيوس الثاتي عشر.

يجهل الكثيرون أن شيئاً مثيلاً لهذا حدث للبابا يوحنا بولس الثاني. فقبل انعقاد المجمع لاختيار البابا، قام عدد من الكرادلة بتوقيع طلب لفتح إجراءات دعوى التقديس. فقد استلم راتسينجر بعد انتخابه مباشرة طلباً من المونسينيور ستانسلاف دجيفتش، سكرتير فويتيلا (البابا يوحنا بولس الثاني) يطلب فيه منه أن يتجاوز إجراءات التطويب وأن يباشر إجراءات التقديس. وكانت يافطات حملها أناس تقول: "سوبيتو سانتو"، قديس على الفور، وكانوا يلوحون بها في ساحة القديس بطرس بعد مراسيم دفن البابا يوحنا بولس الثاني مباشرة.

لم يكن البابا بندكتس السادس عشر يعارض هذه الفكرة، ولكنه أراد استشارة لجنة دعاوي القديسين قبل أن يتخذ أي قرار نهائي. لم يكن اللاهوتيون من أنصار هذا الاقتراح. ورغم أنه بإمكان البابا أن يعلن قداسة أي شخص بدون إتباع القواعد الموضوعة من قبل الحق القانوني، فإن طول المدة والتعقيدات الكثيرة التي مرت بها حبرية فويتيلا (البابا يوحنا بولس الثاني)، أدت كلها إلى قراره بأخذ وقتاً أكثر لدراسة القضية قبل الموافقة عليها. وبناء عليه فإن جواب بندكتس السادس عشر لـ"قديس على الفور" كان "لا". ولكنه سمح بالتغاضي عن مدة الانتظار لخمس سنوات التي كانت عادة تتبع وفاة الشخص قبل أن يباشر بإجراءات التطويب.

وقد عبر بعضهم عن شكوكهم حول رفع الكثير من البابوات فوق الهياكل، أي إعلانهم طوباويين، رغم شهرة القداسة التي اتسع انتشارها بخصوص قديسَيّ اليوم بين المؤمنين. فقد تم فحص العديد من جوانب حياتهما بدقة شديدة، وقد شمل ملف رونكالي (يوحنا الثاث والعشرين) إشاعات هرطقة ليس لها اساس يثبتها، مثل بعض الاتهامات بأنه كان ينتمي إلى الماسونية. كما تم إتهامه بالشذوذ الجنسي برسالة تبين واضحاً أنها مزورة ومقصود منها تشويه سمعته. وقد تم التحقق من ذلك بدقة متناهية من خلال طلب قدم في عام 1981 في مقاطعة بيرنيه، فرنسا.

أما ملف يوحنا بولس الثاني، فقد اشتمل على مجلد سري يحتوي على خطاب مؤرخ في حزيران 2008، يعرب فيه أمين سر حاضرة الفاتيكان سابقاً، والعميد الحالي لمجمع الكرادلة، أنجيلو سودانو، عن تردده حول فرصة إعطاء هذه القضية أسبقية، وتجاوز قضايا البابوات الآخرين التي سبق لها وكانت تحت البحث من سنين طويلة. ولكنه لم يكن لدية على كل الأحوال أي شك بأن فويتيلا "قد عاش حياة قداسة". وفي تاريخ 3 نوفبمر 2008، أصدر ليليو سكاليتي، وهو مدير معهد الأعمال الدينية المتقاعد، تصريحاً قال فيه: "لم يُطلب مني أبداً أن أرسل مساعدات إلى أي نقابات أو حركات تنظيمية في بولندا"، وقصد بذلك "نقابة تضامن البولندية.

وكان هناك خطاب من عميد مجلس عقيدة الايمان، ليفادا يفيد فيه أنه لم يكن في ملفات البابا يوحنا بولس الثاني أي شيء بخصوص أي "مشاركة شخصية" في الفضيحة التي كانت تدور حول الإساءة إلى الأطفال التي تورط بها مؤسس جمعية "فيلق المسيح" مارسيل ماسيل ديجولادو.

إن النقاش حول بعض جوانب الحبرية لهذين البابوين سوف يستمر، وبشكل محدد في ضوء فتح ملفات الأرشيف. لكن البابا فويتيلا قال عندما رفع البابا بيوس التاسع إلى رتبة الطوباوية في عام 2000: "إن الكنيسة عندما تعلن عن تطويب أحد أبنائها، فإنها لا تحتفل بقرارات تاريخية معينة اتخذت"، فبالحقيقة فإن القديس الذي تم التدقيق في حياته ووجدت تستحق أن توصفة بالقداسة، قد يكون قد اقترف أخطاءً في الماضي.