موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٢
فتوى تحرم تهنئة الأقباط بالأعياد الدينية.. والمصريون يتجاهلونها

القاهرة - إيلاف :

مع اقتراب احتفال الأقباط بأعياد الميلاد المجيدة، وفق التقويم الشرقي، أطلقت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وهي أعلى جهة سلفية في مصر، فتوى تحرم على المسلمين تهنئة الأقباط بـ"الأعياد الدينية"، ما اعتبره البعض مؤشراً على طغيان الدولة الدينية في مصر على الدولة المدنية.

وتتماشى تلك الفتوى مع ما ذهب إليه الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، مفتي السعودية، الذي قال في فتوى له: "إن مشاركة غير المسلمين في أعيادهم الدينية محرم بإجماع علماء الأمة جميعاً، مبيناً أن الخلاف ورد في تهنئتهم في أعيادهم غير الدينية فقط".

وتضم الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح في عضويتها مجموعة من رموز جماعة الإخوان المسلمين، والتيار السلفي المتشدد.

وأثارت الفتوى انتقادات المنظمات الحقوقية ونشطاء أقباط، واستنكرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الفتوى، معتبرة أن "مثل هذه الفتاوى تشكل جريمة كراهية لمواطنين مصريين". ووصفها حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة بأنها "شكل من أشكال التمييز العنصري البغيض والذي يعد جريمة جنائية"، مشدداً على أنه "يجب محاكمة مرتكبيها، لاسيما أنها تؤدي إلى كثير من الشقاق بين أبناء الوطن"، ولفت إلى أن الفتوى "تعد مخالفة للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري".

من جانبه قال عماد حجاب، المشرف على مرصد حرية الإعلام، إن هذه الفتوى تتعارض مع مبدأ المواطنة بين جميع المصريين من أبناء الوطن الواحد، وأكد أنها تمثل جريمة، لأنها تحضّ على الكراهية بين المصريين والتمييز العنصري والذي يعد جريمة جنائية يجب محاكمة مرتكبيها، مشدداً على أهمية المشاركة الوجدانية في الأعياد بين أبناء الشعب المصري، ونشر قيم الوحدة والتسامح على أرض مصر.

ووصف الناشط القبطي مايكل منير، رئيس حزب الحياة، الفتوى بأنها "متطرفة"، وقال لـ"إيلاف" إن هذه الفتاوى لا تخدم الوحدة الوطنية بين المصريين، مشيراً إلى أنها تؤدي إلى إشعال الفتنة الطائفية بينهم، وتعبّر عن انتشار الفكر المتطرف بين من يعتبرون أنفسهم من العلماء. وأضاف أن موقف علماء الأزهر، ولاسيما الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ينسف تلك الفتوى المتطرفة كلياً، وأشار إلى أن الأزهر قدم التهاني للبابا وجموع الأقباط.

وعلى الجانب الآخر، رفض علماء الأزهر تلك الفتوى، وقال د. سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف سابقاً، لـ"إيلاف" إن هناك علماء أجلاء أجازوا تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، مشيراً إلى أن التشدد في مثل هذه الأمور غير مرحب به، ونبّه إلى أن البعض يستند في فتواه إلى عصور علماء ظهروا في عصور متشددة. وأضاف أن تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد جائزة.

ورغم تلك الفتاوى، إلا أن السواد الأعظم من المصريين لا يلتزمون بها، ويتبادلون التهاني مع الأقباط، بل يشاركون في الاحتفالات بأعياد الميلاد.

وقال نادر مصطفى، وهو محام مصري، لـ"إيلاف" إن جيرانه في محل سكنه في الجيزة من الأقباط، وهو حريص على تهنئتهم في الأعياد سواء الدينية أو الشخصية، ولفت إلى أن جميع أصدقائه من المسلمين يرفضون تلك الفتاوى المتشددة، ويرون أنها تثير انقساماً وتزرع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، ونبّه إلى أن مطلقي هذه النوعية من الفتاوى يسيرون للخلف، مؤكداً أن المصريين لا يلتفتون إليهم، ويمضون للأمام في طريق التسامح والتعايش بالحب والاحترام مع الأقباط.