موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٣ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
عيد الوحدة

بلال حسن التل :

نعيش في هذه الأيام الاحتفالات بميلاد المسيح عليه وعلى أمه افضل الصلاة والسلام، وعندي أن يوم ميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام هو عيد من أعيادنا الوطنية، كما أنه من أيام وحدتنا الوطنية، لأن ذكرى ميلاد المسيح عليه السلام تجمع الأردنيين من شتى المنابت والأصول والمذاهب والطوائف، عند نقطة واحدة هي الإيمان بالسيد المسيح عليه السلام، ذلك فالإيمان بالسيد المسيح جزء أساسي من عقيدة المسلم، فلا يصح إسلام مسلم إن لم يؤمن بعيسى، لذلك يتعبد المسلمون بتلاوة سير السيد المسيح وأمه العذراء البتول عليهما أفضل الصلاة والتسليم،علاوة على أن في القرآن الكريم سورة كاملة تحمل اسم مريم عليها السلام، التي اصطفاها الله على نساء العالمين، وأنزل بذلك قرآناً نتعبد بتلاوته، وهي ميزة ومنزلة لم يمنحها القرآن الكريم لأية أمرأة بما فيهن زوجات رسول الله محمد وبناته عليهم رضوان الله وسلامه، وإيمان المسلم بالمسيح يعني أيضاً إيمانه بمعجزاته عليه السلام’ ابتداء من قصة خلقه التي تشبه خلق آدم أساس البشرية، ثم حديثه عليه السلام وهو في المهد صبي،وصولاً إلى أحياء الموتى وإبراء الأكمه، إلى المائدة التي نزلت عليه من السماء .

ولأننا كمسلمين نؤمن بالسيد المسيح إيماناً لا يقبل شك، فإننا نتعبد بتلاوة سيرته لنتعلم منها ومن سيرة أتباعه، خاصة الحواريون الذين ناصروه، ونقتدي بهم من حيث صلابة التمسك بالعقيدة كما فعل أصحاب الأخدود، فإذا أضفنا إلى ذلك صفات الرأفة والبذل والعطاء والتسامح التي بشر بها المسيح، وأُمرنا نحن كمسلمين بأن نتصف بها، باعتبارها جزء من صفات المؤمنين ومنهم أتباع المسيح الذين هم اقرب إلينا مودة وهما أعظم وأقوى رابطة تجمعان بين الناس،ولذلك جعلها أساس العلاقة الزوجية الصالحة التي هي أساس المجتمع وبنيته الأولي وهي الرابطة التي جعلها الله بين المسلمين والمسيحين،فقد جاء في القرآن "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون" لذلك فإننا لا نستغرب أن يكون أول من بشر بنبوة محمد راهب مسيحي، وأن أول من فسر للنبي أن ما أصابه في غار حراء، هو نزول الوحي إليه كان رجلاً مسيحياً على بعض الروايات هو ورقة بن نوفل، ولا نستغرب أيضاً أن يكون أول من طلب منه المسلمون الحماية خارج جزيرة العرب في بداية الدعوة ملك مسيحي هو النجاشي ملك الحبشة.

لكل ما تقدم يمكنني القول أن ذكرى ميلاد المسيح عليه السلام ليست مناسبة عند الآخرين، فالمسيحيون في هذه البلاد ليسوا آخرين، بل هم جزء أساسي من نسيجنا السكاني والثقافي والديني، ولعل هذا ما يفسر لنا كيف تتوزع بعض عائلاتنا في الأردن بين المسيحية والإسلام، فإذا أضفنا إلى ذلك أن الإيمان بالمسيح عليه السلام جزء من عقيدتنا وتكريمه وتوقيره فرض علينا فإننا نستطيع القول أن عيد الميلاد المسيح هو عيد وطني يجمعنا ويوحدنا،فكل عام ووطننا بخير.

Bilal.tall@yahoo.com

جريدة الرأي الاحد 2018/12/23