موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٨ مايو / أيار ٢٠١٣
عوني قعوار .. السياحة ثقافة عالمية وصناعة هامة

وليد سليمان - جريدة الرأي :

ما هي السياحة ؟! هي المتعة والجمال والثقافة والصناعة أيضاً.. وللسياحة أنواع وأصناف عديدة جداً ... حيث دهشنا عندما تعرفنا على تسمياتها من خلال الكاتب السياحي بامتياز « عوني ناصر قعوار « الذي عمل بمجال السياحة والسفر والضيافة منذ اكثر من « 30 « عاماً .

ففي هذا الكتاب الصادر هذا العام 2013 في عمان بعنوان «خواطر سياحية « قرأنا عن أنواع هذه السياحات ومنها مثلاً :
السياحة الألكترونية , السياحة الثقافية , السياحة البيئية , السياحة العلاجية , السياحية الدينية , السياحة الرياضية , سياحة المغامرات , سياحة المؤتمرات , السياحة التطوعية , سياحة المهرجانات , سياحة البواخر ... الخ .

جرس السياحة

ومن كلمة بمقدمة الكتاب يشير الشاعر والوزير السابق لوزارة الثقافة الاردنية جريس سماوي بقوله : هذا كتاب رشيق يقدمه لنا الأخ عوني قعوار إبن القطاع السياحي الملم بتفاصيله . وهو يمس بعض القضايا في هذا القطاع بطريقة سلسة , فهو لا يثقل على القارئ بل يعطيه وجبات سريعة في تلمس بعض الأفكار والطروحات التي من شأنها أن تطور وتنمي الشأن السياحي .

هي أفكار للكاتب على شكل مقالات، فهي بذلك بعيدة عن كونها بحثا أكاديميا أو كتابا يغرق في التفاصيل . إنها الكتابة السهلة التي تخاطب القارئ العادي لتفتح ذهنه وعقله وقلبه على ملاحظات تبدو لنا بسيطة وعابرة لكن المؤلف يراها مهمة وجوهرية في تطوير المهنة .

فالسياحة هي القطاع الأهم في الأردن على صعيد رفد الناتج القومي وتوفير الدخل لشرائح إجتماعية واسعة تعمل في هذا القطاع . وهي إن تم التركيز عليها والإستثمار فيها فأن المردود الإقتصادي على الدولة والمجتمع سيكون عاليا وسيساهم في دعم الإنتاج . ولقد وُصف الأردن بأنه متحف مفتوح وذلك حق , ففي هذه البقعة من الأرض من الأماكن التاريخية والأثرية والطبيعية ما يجعله كذلك .ولعل الكاتب يركز هنا على تطوير الإستقبال والسلوك والوعي السياحي , الذي به يستطيع الأردنيون أن يكونوا شعباً سياحياً بإمتياز ,ويسلط الضوء على الأنماط والخدمات السياحية المتوفرة . فلا يكفي أن يكون بلدنا مليئاً بالأماكن التاريخية والطبيعية على أهمية هذا , ولكن من الأهمية بمكان أن تكون هناك بنية تحتية جيدة وعملية , وأن تكون القوة العاملة هنا مدربة تدريباً عاليا , ومتسلحة بالمعرفة والرشاقة في الحركة وطرح المعلومة , والخدمة وتلبية حاجات السائح ليس هذا فحسب بل لا بد من التوعية لتكريس سلوك سياحي واع لكل المواطنين بحيث تكون هناك حملات توعية في وسائل الإعلام والمدارس والمؤسسات الشبابية توصل الرسالة السياحية إلى كافة قطاعات المجتمع .

أن صناعة السياحة كما يراها الكاتب في ملاحظاته من شأنها أن ترتقي بالأردن إلى مصاف الدول السياحية العريقة , وإن الإستثمار فيها والوعي لمتطلباتها يستوجب سن التشريعات والقوانين التي من شأنها تسهيل مهام العاملين والزائرين وتوفر فرص الإستثمار والجذب .

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن مقالات السيد قعوار توزعت في عدد واسع من العناوين التي يحتاج كل واحد منها إلى بحث مستفيض .
وفي كتاب « خواطر سياحية» 2 هذا والذي كان صدر الجزء الأول منه عام 2006 فان المؤلف عوني قعوار والذي درس الهندسة المدنية في بريطانيا وشغل عدة مناصب سياحية اردنية وعالمية،فقد لاحظنا العديد من الأفكار الهامة التي تصدر عن مثقف كبير يحب وطنه الاردن ويحث الناس والمسؤولين في جميع المجالات إلى الاهتمام بالسياحة كثيراً لأنها صناعة هامة جداً ومجديه وتدر دخلاً رائعاً ربما يعتبر بترول الاردن فيما لو اهتممنا بفن وصناعة السياحة بشكل علمي وعملي وبإخلاص .
ومن مواضيع الكتاب نقرأ مثلاً :

أفضل دليل سياحي أردني

لقد سررنا كثيراً عند سماعنا - قبل سنوات نبأ- فوز الدليل الأردني الشاب «يمان الصفدي» بالجائزة الفضية في مسابقة بول موريس الدولية لعام 2009 , كأفضل دليل سياحي على مستوى العالم , والتي تعد من أرفع الجوائز العالمية في مجال السياحة تنظمها مجلة بول موريس البريطانية الواسعة الإنتشار دولياً .
ونحن نعلم بأن المنظومة السياحية تتكون من عدة عناصر أهمها العنصر البشري سواء الدليل السياحي أو سائق الحافلة , إنتهاء بالموظفين القائمين على الخدمات سواء في الفنادق أو المطاعم , وذلك كون العنصر البشري يلعب الدور المحوري في الخدمات السياحية المقدمة للسياح وبالأخص الدليل السياحي الذي من شأنه رفع أو خفض مستوى الخدمة خلال إقامة السائح في الأردن فهو يلعب دور السفير المرافق للمجموعة السياحية طوال فترة إقامتها .

والجدير بالذكر أن مهنة الدليل السياحي لا تقصر على خريجين من تخصصات معينة بل يمكن أن يمتهنها حملة شهادة البكالوريوس من أي تخصص , مثل الطب الهندسة , علوم الآثار , اللغات الحديثة وغيرها , وأكبر مثال على ذلك هو أن يمان الصفدي هو خريج يحمل شهادة بكالوريوس هندسة .

وتُعد هذه المهنة ذات أهمية كبيرة كونها تتيح المجال لإيجاد فرص عمل كثيرة وإبداعية في مجال السياحة , خاصة في الوقت الذي كثر فيه عدد الأطباء والمهندسين ومديري الأعمال والمعلمين غيرها من التخصصات وزادت الحاجة للمهنيين .

وأهم ما يجب أن يتحلى به الدليل السياحي الدرجة العالية من المعرفة والثقافة , القدرة على إيصال المعلومات للسياح , فمن الناحية الثقافية والتاريخية يجب أن يكون الدليل على معرفة تامة في المواقع الثرية من حيث نشأتها والحضارات التي توالت عليها , والأحداث التاريخية التي شهدتها تلك المواقع , كذلك المعرفة الجغرافية من حيث التضاريس والمواقع الجغرافية للأماكن المختلفة .

أما من الناحية الإجتماعية فعلى الدليل أن يكون على علم تام بالعادات والتقاليد , ولا يقل عن ذلك كله بالأهمية المعرفة الطبية مثل الإسعافات الأولية اللازمة تحسباً لحدوث أي طارئ , وبهذا كله يكون الدليل على أتم الإستعداد للإجابة عن أي سؤال قد يوجه إليه من قبل السياح من جهة , ومن جهة أخرى فهو يمتلك الذخيرة التي تمكنه من التصرف بصورة سليمة وسريعة في حال حدوث أي طارئ , إلى جانب ذلك كله فعلى الدليل ان يتمتع بمهارات الإيصال التي تمكنه من نقل معلومات بصورة صحيحة , وفهم وتفسير وتحليل وتقييم آراء وأفكار وتعبيرات أفراد المجموعة بالإضافة إلى حسن الإستماع لهم , وهذا يؤدي إلى سهولة التعامل مع كل فرد ومرونة التصرف في المواقف المختلفة التي قد يواجها الدليل .

أما من حيث السلوكيات الشخصية , فيجب أن يتحلى بسرعة البديهة , والصبر والقدرة على التعامل مع أفراد المجموعة السياحية على اختلاف أعمارهم وطبائعهم وثقافاتهم وألوانهم وطوائفهم , والإبتعاد عن التحيز والتعصب . وتجنب الإجتهادات الشخصية , لذا فعليه أن يتمتع بالحيادية , كذلك روح الدعابة مع الحرص على الإبتعاد عن المزاح مع السائحين والتعلق على شخصياتهم وسلوكياتهم وطباعهم , كذلك يجب أن يتحلى بالبشاشة التي من شأنها بعث الفرح والسرور في نفس السائح , فالسائح يعود إلى بلده حاملاً معه الذكريات والأوقات الجميلة التي قضاها في البلد المر الذي يدفع ذلك السائح إلى التفكير في معاودة الزيارة أو أنه سينصح معارفه بزيارة البلد , لذا فإن الدليل السياحي الناجح يلعب دوراً مهما في الدعاية والترويج المباشر , فمسؤولية إنجاح الرحلة السياحية وتقديم الصورة الإيجابية تقع على عائق الدليل.

ابتسم أنت في الاردن

ومن خلال موضوع آخر يقول عوني قعوار : ان من أكثر التساؤلات التي تراودني دائماً هي لماذا يوصف الشعب الأردني بالتجهم ؟ ولماذا الكشرة ملازمة للمواطن في بلدنا والتي يفزع منها الناظر وتجعله يسيء الظن في مواطننا.

لماذا يجب أن يقضي الناظر بعض الوقت ليكشف بأن قناع الكشرة هذا يخفي وراءه العديد من سمات اللطف والطيبة والكرم , لماذا لا يكون التبسم والبشاشة هو الإنطباع الأول الذي نتركه عند الآخرين , فلماذا العبوس ونحن نعلم أن الإبتسامة هي ورد المودة التي ينتشر عطرها فواحاً ليعطر القلوب.

وللتأكيد على أهمية التبسم من الناحية الإجتماعية وما تتركه من أثر في نفس السياح القادمين , اطلق وزير السياحة والآثار الأسبق أسامة الدباس في عام 2007 حملة لتشجيع المواطنين على التبسم تحت شعار « ابتسم أنت في الأردن « وحينها كنت تجد ملصقات الوجه المبتسم منتشرة في كل مكان.
كذلك لفت نظري خبر قرأته في إحدى الصحف مفاده أن تايلند _ التي يمتاز شعبها بالتبسم أصلاً _ قامت بعمل دورات توعية لمواطنيها عن فن الإبتسام تشجيعاً منها لقطاع السياحة الذي يعتبر من القطاعات الإقتصادية المهمة لتلك الدولة .

واستنتجت إحدى الدراسات أن القاطنين في المناطق الجبلية يحملون وجوهاً متجهمة , سببها تضاريس ومناخ المنطقة التي يعيشون فيها , بعكس سكان المناطق الساحلية فالماء والشمس والهواء النقي تفرض الإبتسامة وهي صفة قد تلازمهم وتصبح جزاء من طبيعتهم ونهج حياتهم .

وأشارت دراسات أخرى الى فوائد التبسم من الناحية النفسية والصحية والجسدية , فمن الناحية النفسية فإن التبسم يحسن الحالة المزاجية لأنه يخمد الهرمون المسبب للأكتئاب , أما الناحية الصحية فإننا نجد أن ضغط الدم لدى الأشخاص يتمتعون بالابتسامة دائماً أقل من الإنسان العادي , هذا يعود إلى استنشاق كمية أكبر من الأكسجين , الأمر الذي يؤدي أيضاً إيصال الأكسجين والمواد الغذائية بصورة أفضل إلى خلال أعضاء الجسم كافة , كذلك يعمل التبسم على تدليك عضلات الوجه حيث تنقبض 15 عضلة في الوجه أثناء التبسم , وهذا ينطبق أيضاً على عضلات البطن ما يقويها لحمل أعضائها , كذلك فالتبسم يساعد على حرق السعرات الحرارية في الجسم فعملية تبسم واحدة يحرق بها الجسم سعرات حرارية تعادل ما يحرق خلال ممارسة الرياضة على عجلة لمدة خمس دقائق .

أوباما في البتراء

جاءت زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للأردن في وقت تمر به المنطقة عامة والأردن خاصة , إذ يعاني الإقتصاد الأردني من خانقة وتعاني السياحة الوافدة من تراجع حاد منذ أكثر من عامين بسبب التوترات الإقليمية التي تشهدها المنطقة والآثار السلبية المترتبة عليها وبسبب القرارات غير المدروسة من قبل بعض الجهات وأصحاب القرار والمتعلقة بهذا القطاع .

بالإضافة إلى فوائد زيارة الرئيس السياسية والإقتصادية للمنطقة , فإن الأبعاد السياحية لزيارته لمدينة البتراء الوردية لا تقدر بثمن من ناحية القيمة التسويقية لها في أميركا الشمالية وأوروربا , بعد أن سُلطت الأضواء الإعلامية على تلك الزيارة خاصة . التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي بأن الأردن بلد الأمن والأمان وأن مدينة البتراء تستحق الزيارة لأنها من عجائب الدنيا والتي من شأنها تعزيز وجود الأردن على الخريطة السياحية العالمية , خاصة أن الحكومة قامت بتخفيض ميزانية هيئة تنشيط السياحة من 9 إلى 7 ملايين دينار أردني والتي بالكاد تكفي لدفع تكاليف إدارة الهيئة ومكاتبها الأحد عشر المتواجدة في أوروبا وأميركا الشمالية . وهذا التخفيض يحد من قدرة الهيئة على تسويق الأردن .

لذا فإن تصريحات الرئيس الامريكي هذه سوف تبعث روح الحماس في السائحين المترددين لزيارة الأردن , وتشجيع الكثيرين من كافة أقطار العالم على القيام بذلك.