موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ٣١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
على أرض الأردن... من هنا مرّ السيد المسيح

وليد سليمان :

رغم ان السيد المسيح قد وُلد على أرض فلسطين؛ إلَّا أنه ذهب وتجول في عدة بلدان مجاورة كان منها أرض الاردن.

فقد مرَّ وعاش سيدنا عيسى عليه السلام فترات بسيطة في بلادنا الاردن، التي أحبها وأحب برها ونهرها، سهلها وجبلها، وجعلها ارضاً مباركة، وأكرمها برسالته تلك التي نشرها دعوة خالصة الى المحبة والتوبة والبر والاحسان.

ففي الكتاب التاريخي ( الآثار المسيحية في الاردن ) للمطران سليم الصائغ النائب البطريركي السابق للاتين في الاردن، نقرأ بعض ما جاء فيه:

إنها حقيقة تاريخية لا مجال للريب فيها.. وهي ان السيد المسيح أقام في ربوعنا، فباركها وبارك أهلها الذين كانوا يتوافدون اليه كلما أقام عندهم أو مرّ بهم، كما كانوا يقصدونه في الأماكن المجاورة، ليستمعوا اليه، كما ورد في انجيل مرقس 3/7-8 ((انصرف يسوع الى البحر ومعه تلاميذه، وتبعه حشد كبير من الجليل، وعبر الاردن ونواحي صور وصيدا)).

وإذا ماعدنا الى خريطة فلسطين والأردن، زمن السيد المسيح، يتضح لنا أن (عبر الأردن) منطقة تضم الأغوار الواقعة شرقي نهرالأردن من جنوب طبقة فحل (ابيلا) وحتى البحر الميت، ومنطقة مأدبا حتى الموجب ومصبه في البحر الميت، ومنطقة السلط ووادي الزرقاء (جابوق) والجبال المحيطة به قبل أن ينساب في الغور ويصب في نهر الأردن، وما تبقى من أراضي الأردن الحالية. باستثناء الصحراء الممتدة شرقاً وجنوباً، وجنوب الاردن .

ويذكر الانجيل المقدس ان يوحنا المعمدان عمّد في اماكن عديدة منها: «بيت عنيا» عبر الاردن, وهي بلدة تقع في شرقي نهر الاردن.

وفي «بيت عنيا، عبر الاردن» سأل بعض الكهنة واللاويين يوحنا المعمدان: من انت؟ فاعترف انه ليس المسيح، وفي بيت عنيا هذه رأى يوحنا يسوع آتياً نحوه فقال: ((هوذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم)) يو1/28-29.

وعندما لاحق اليهود السيد المسيح وأرادوا ان يرجموه، أفلت من ايديهم وعبر نهر الاردن مرة اخرى وذهب الى حيث عمد يوحنا في اول الامر، الى بيت عنيا عبر الاردن، واقام هناك، فأقبل اليه خلق كثير.

×× قدسية نهر الأردن

و نهر الأردن هو أحد أكثر المواقع الجغرافية إتصالا بحياة المسيح ، فإليه ذهب في سن الثلاثين ليتعمد على يد يوحنا المعمدان- سيدنا يحيى- في المغطس.. ليبقى نهرالأردن كله شاهدا على هذا الحدث العظيم”.

وجغرافياً يعتبر “موقع المغطس” في وادي الخرار في قرية بيت عنيا شرقي نهر الأردن، من أهم الأماكن الدينية لدى المسيحيين في العالم.

وتُعد منطقة نهر الأردن كأحد الاماكن التي مشى فيها يسوع لحدث المعمودية.

×× أهمية المغطس في الاردن

والمغطس الذي كان يوحنا المعمدان يبشر ويعمد فيه في الفترة الأولى من بشارته.

فقد تم الكشف عن هذا الأمر إثر الحفريات الأثرية التي تمت على امتداد “وادي الخرار” منذ عام 1996.

والأدلة الواردة في النص الإنجيلي، وكتابات المؤرخين البيزنطيين ومؤرخي العصور الوسطى، وكذلك الحفريات الأثرية التي أجريت مؤخراً، تبين أن الموقع الذي كان يوحنا المعمدان يبشر ويعمد فيه يقع شرقي نهر الأردن في الأرض المعروفة اليوم باسم المملكة الأردنية الهاشمية.

وخلال الحفريات الأخيرة التي جرت في الأردن في عام 1997، تم العثور على سلسلة من المواقع القديمة المرتبطة بالموقع الذي كان يعمد فيه يوحنا المعمدان والذي تعمد فيه يسوع المسيح, وتقع سلسلة المواقع هذه على امتداد وادي الخرار، شرقي نهر الأردن.

فقد تم اكتشاف دير بيزنطي في موقع تل الخرار والمشار اليه باسم “بيت عنيا عبر الأردن” ويقع هذا الموقع على بعد حوالي كيلومترين شرقي نهر الأردن في بداية وادي الخرار.

وهناك عدة ينابيع طبيعية تشكل بركاً يبدأ منها تدفق الماء إلى وادي الخرار، وتصب في النهاية في نهرالأردن.

ويوجد ثلاث برك في تل الخرار، وتقع البركة الأولى في المنحدر الغربي السفلي للتل، وهي تعود للعهد الروماني، أي ما بين القرنين الثالث والرابع بعد الميلاد.

أما البركتان الثانيتان فتقعان على قمة الطرف الشمالي لتل الخرار, والبركة الجنوبية مستطيلة الشكل ولها درج داخلي على الجهة الشرقية وأربع درجات تمتد على امتداد عرض البركة، ويمكن مشاهدة ذلك بوضوح, ويستطيع الحجاج النزول إلى البركة من اجل أن يتعمدوا.

وهنالك بركتان مربعتان تعودان إلى نفس الفترة الرومانية, وقد أضيفت الحجارة المربعة المنحوتة إلى الزاوية الجنوبية الغربية للبركة الشمالية الغربية من فترات لاحقة.. وربما كانت تستعمل كدرج للنزول إلى البركة, ويصل الماء إلى البرك بواسطة أقنيه مغطاة بالقناطر.

×× موقع تراث عالمي

ويضم هذا الموقع الأثري، الذي يقع على بُعد تسعة كيلو مترات شمال البحر الميت، منطقتين أثريتين رئيسيتين هما تل الخرار، المعروف باسم “تلة مار إلياس” أو “النبي إليا”، ومنطقة كنائس “يوحنا المعمدان” قُرب نهر الأردن.

وهذا المكان الواقع في وسط منطقة قفرة يُعتبروفقاً للتقاليد المسيحية مقصداً للحجاج المسيحيين.

وعليه فقد وافقت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو في العام 2015 على إدراج هذا الموقع الثقافي على قائمة التراث العالمي تحت مسمى “موقع المعمودية “بيت عنيا عبر الأردن” - المغطس- الأردن.

كهف المسيح في عراق الأمير

وقبل سنوات قليلة كشف عالم الآثار الأردني د. محمد وهيب عن عدد من الأماكن الأثرية الدينية منها كهف (معمودية) السيد المسيح بعد سلسلة من أعمال التنقيب في بلدة البصة الأردنية .. التي امتدت لسنوات.

حيث تمكن فريق بحثي أردني من اكتشاف ما يعتقد أنه “كهف السيد المسيح” والذي يحتوي كنيسة بيزنطية تقع في بلدة عراق الأمير الواقعة غرب العاصمة عمان.

وكان خبير الآثار الأردني المعروف الدكتور “محمد وهيب” قد أكد ان نتائج الدراسات والبحث العلمي التي قام بها فريق بحثي من الجامعة بالتعاون مع عدد من المختصين في علم الاثار، قد أدَّت إلى اكتشاف كهف السيد المسيح في بلدة عراق الامير.

وعالِم الآثار وهيب أشار الى ان أعمال التوثيق لكهف البصة لم تتوقف.. حيث اجري مسحاً لوادي عراق الأمير والمباني الدينية الرئيسية على طول امتداد الوادي بجانب المجرى الدائم للمياه, والذي كان له الأثر الأكبر في تشكيل الموقع الديني.

ففي الداخل كان المؤمنون يقومون بالعبادة وبالصلوات ليل نهار، وفي الخارج كنيسة أخرى, وفي المحيط هناك الكثير من الأديرة والمباني الدينية التي ما زالت تنتشر وتشير إلى أهمية المكان في منطقة وادي السير والمياه المتدفقة عبر هذا الوادي، حيث يقع الكهف. وكان الرهبان ينزلون إلى الوادي القريب من الكهف فيغتسلون في مياهه ويتطهرون ويتعمدون في المياه النقية, التي تسير في الوادي ولذلك سمي المكان ب “معمودية السيد المسيح”. وعرف ايضا بِ”كهف السيد المسيح”.

وعراق الأمير بلدة تقع ضمن حدود بلدية عمان الأردن,على بُعد حوالي 15 كم جنوب غرب بلدة وادي السير, على تلال عالية ومتوسطة الارتفاع, وهي منطقة خضراء تكثر فيها ينابيع الماء وتشتهر بأشجار الزيتون بالإضافة للأشجار الحرجية الأخرى.

وكان كهف البصة ذا أهمية دينية خلال العصر الروماني, وبلغ أوج ازدهاره عندما اعتمده البيزنطيون في الفترة بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين، ثم استمر استخدامه خلال العصور الإسلامية.

وتدفق المياه عبر الوادي كان له الاثر الكبير في تشكيل الموقع الديني في الوادي, حيث يرتبط الموقع مباشرة بموقع عماد السيد المسيح من خلال مجرى المياه المتدفق نحو منطقة عين الفجيرة والشدقة ومغاور المقرنات عبر وادي النار، وصولا إلى تل الصوان وتل ام حذر, حيث تم اكتشاف موقع هام عبر الوادي من خلال اعمال التنقيبات عام 1997 مرتبط بمياه وادي السير وكهف البصة.

و الدليل الابرز على نقل مياه عراق الامير وكهف البصة إلى موقع عماد السيد المسيح (المغطس) هو الكشف عن قناة مياه فخارية تمتد لأكثر من كيلو متر واحد تنطلق من نقطة التقاء وادي عربة مع وادي الرامة والكفرين.

وتتكون القناة من انابيب فخارية ترجع في تاريخها إلى العصر البيزنطي, وهناك تتحد مع مياه وادي حسبان وكلا المائين يتحدان ويتجهان إلى موقع عماد السيد المسيح، وهناك اقيم انبوب فخاري مائي يسحب المياه إلى موقع العماد رغم وجود عدّة ينابيع في موقع العماد، فكان من هدفهم تجميع هذه المياه المباركة من الاودية المباركة في مكان واحد.

والمؤرخون القدامى اشاروا إلى قصر العبد في هذا الموقع في عراق الامير خاصة منهم المؤرخ جوزيفوس ,حيث أطلق على المنطقة اسم (تيرو).

كما ذكرت بعض الاناجيل اسم الكهف الذي لجأ اليه السيد المسيح واتباعه بإسم تيرو، مضيفا أن سجلات دائرة الاراضي والمساحة أكدت ان اسم حوض الاراضي التي يتواجد به كهف البصة مطابق لهذه التسمية لغوياً.. ما يشير إلى استخدام الاسم عبر العصور، وعليه فقد تطابقت نتائج الاكتشافات العلمية واقوال الرحالة القدامى والمحدثين والكتاب المقدس على اهمية الكهف وارتباطة برحلة السيد المسيح ودعوته في ربوع الاردن.

كهف المسيح في بيت إيدس

أما الكهف الآخر للمسيح فيقع على بعد (4) كم غرب بلدة بيت أيدس في لواء الكورة شمال الاردن, وهو موقع مشرف على نهر الأردن, ويبعد عنه حوالي (10) كم شرقاً, كما يرتفع على سطح البحر حوالي (2570) ويبلغ مساحة الكهف حوالي (17،7 م ) استخدم منذ العصر الروماني معصرة للزيتون ويجاور الكهف معصرة عنب وقبران فريدان منحوتان في الصخر إضافة إلى بئر ماء.

وتعرف منطقة الكهف او المغارة بخربة خلة عيسى الواقعة غرب بلدة أيدس, والكنيسة تعود للقرن السابع الميلادي.

وتكمن أهمية هذا الموقع الأثري في انه على علاقة برحلة قام بها السيد المسيح عليه السلام في تلك المنطقة، حيث تم العثور على اسم الموقع القديم وهو(حير) الذي ترجع مصادر تاريخية انه المكان الذي شرفه السيد المسيح بزيارته قادما من الجليل وعابراً نهر الأردن بمرافقة عدد من اتباعه.

ففي رحلة المسيح هذه الى برية الاردن قادماً من ارض فلسطين يُعتقد أنه أقام في هذا الكهف 40 يوما, و نشر تعاليم رسالة من المحبة والسلام في مدن الديكابولس”المدن العشرة”.

ويذكر العهد الجديد من الكتاب المقدس أن سيدنا المسيح عليه السلام قد مر بجدارا (ام قيس) حيث قابل رجلين مصابين بأمراض عقلية وقام بعلاجهما بواسطة إخراج أرواحهم الشريرة وإرسالها الى قطيع من الخنازير التي فرت الى بحيرة طبريا وغرقت!! حيث اندهش أهل جدارا بتلك المعجزة !!

ولم تنتشر المسيحية بشكل سريع في جدارا بسبب الوثنية القوية!.

ولكن عندما أعلنت المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية البيزنطية شاركت جدارا في المجلس الكنسي الذي عقد في نيقية عام 325م.

ويقع الكهف المعروف لدى سكان أم قيس بأنه كهف عيسى، على بُعد حوالي أربعة كيلو مترات الى الجنوب من أم قيس.. ويعتقد المواطنون هناك، كما قال أجدادهم من قبل: أن يسوع قد أقام في هذا الكهف أثناء السفر إلى أم قيس، من أجل الإفراج عن شعبها القديم من الوثنية.

(جريدة الرأي الأردنية)