موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٤ يونيو / حزيران ٢٠٢٠
عظة رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا: الأحد الثالث عشر للزمن العادي، السنة أ، ٢٠٢٠
نستطيع قبول يسوع دائمًا بهذه الطريقة، يسوع المختفي في الأخ والغريب والفقير.

رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا :

 

في الأحد الثالث عشر للزمن العادي نواصل قراءة الفصل العاشر من إنجيل متى، وهو "خطاب  يسوع الإرسالي"، حيث يمنح التلاميذ إرشادات هامة للرسالة.

 

نصل اليوم إلى ختام هذا الخطاب (متى ١٠: ٣٧- ٤٢)، الذي يُقسم إلى قسمين.

 

في القسم الأول، يتكلم يسوع عن نوعية الحياة التي يجب أن يعيشها المرسلون من أجل نجاح رسالتهم.

 

رأينا في الأحد الماضي أنه من المُحتّم على المُرسَل أن يواجه سوء الفهم والنبذ، إلا أنه مدعو إلى عيش ذلك بطريقة مميزة، متحررًا من الخوف وواثقًا بذاته بفضل علاقته بالآب الذي يعتني به.

 

سنرى اليوم كيف يمكن أن يتحقق هذا التحرر.

 

التلميذ هو إنسان حر لأنه مرّ بخبرة عبور وخروج.

 

لقد انتقل من أسلوب حياة وحبّ طبيعي، يتسم بالحاجة الملحّة للخلاص الذاتي، إلى أسلوب حياة وحبّ وفقا لنهج الروح القدس.

 

في الواقع، لا يتحقق أسلوب الحبّ على نهج الروح بمجرد البحث عن خلاصنا الذاتي، بل ببذل حياتنا من أجل الآخر (متى ١٠: ٣٩).

 

هذه هي رسالة التلاميذ الحقيقية. وإن لم يعش التلميذ هذا الخروج وهذا العبور باستمرار، فلن يستطيع أن يقول أو يُقدّم أمرًا إضافيًا أو مختلفًا عما يمتلكه الناس من قبله. ستكون رسالته بلا فائدة. هذا ما يوضحه يسوع عندما يقول إنه "ليس أهلًا لي" (متى ١٠: ٣٧ - ٣٨).

 

أما في القسم الثاني، (متى ١٠: ٤٠- ٤٢)، فنرى تغييرًا في الشخصيات الرئيسية. تتحول النظرة من المُرسَلين إلى اولئك الذين يستقبلونهم. وهذا الاستقبال ليس أمرا مفروغا منه.

 

يقوم المُرسَل أي الشاهد بدوره، ولكن لا يتوقف الأمر هنا. ثمة أيضًا مسؤولية تخص المدعوّين لاستقبالهم، وبالتالي لقبول التغيير في حياتهم.

 

في هذا الصدد، يقول يسوع أمرين.

 

يقول إن الاستقبال يتمثل أولًا في رؤية الآخر كنبي وإنسان صالح (متى ١٠: ٤١)، وكشخص لديه كلمة حقيقية لحياتي، وهذا يعني في الواقع استعدادًا للانفتاح وقبول الصدمة والتغيّر. إنها حالة شعور تذكرنا بالعبور الفصحي الذي يجعل التلاميذ أحرار.

 

يتابع ويقول إن القبول يعني الاستعداد للخدمة والمساعدة والرعاية.


بما أن المُرسَل كان قد أرسِل من دون أي شيء (متى ١٠: ٩- ١٠)، ولا يهتم بذاته، فهو بحاجة لكل شيء. إنه بحاجة إلى كأس ماء، إلا أن هذه الكأس ستكون علامة على أمر أكبر، وهو الاستعداد الجوهري من طرف معطي الكأس لاستقبال متطلبات البشرى المستجدّة. 

 

لهذا السبب، فإن قبول النبي وإعطاءه كأس ماء ليس بأمر سهل، كما وأن الإعلان الذي يأتي به يكون في الغالب متطلِّبا ويسبّب تعبا وانقساما ثم صحوة. إن كان من الصعب عيش الرسالة بأسلوب يسوع، فمن الصعب أيضًا قبول أولئك الذين جعلوا من هذه الرسالة معنى لحياتهم.

 

ربما لهذا السبب يقول يسوع إنهم سينالون نفس الأجر (متى ١٠: ٤١).

 

من قام بذلك، فسيكون بالحقيقة قد قَبِل يسوع ذاته من دون أن يعرف.

 

نستطيع قبول يسوع دائمًا بهذه الطريقة، يسوع المختفي في الأخ والغريب والفقير.