موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٤ ابريل / نيسان ٢٠٢٠
عظة المطران بيتسابالا لأحد الشعانين: حينما يدخل الرب تاريخ إنسان ما، يأتي دائمًا بالحياة والخلاص
المسيرة التقليدية بأحد الشعانين في القدس، 2018

المسيرة التقليدية بأحد الشعانين في القدس، 2018

رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا :

 

حينما يدخل الرب تاريخ إنسان ما، يأتي دائمًا بالحياة والخلاص.

 

الأناجيل مليئة بأحداث يمكننا الإشارة إليها في هذا الشأن. على سبيل المثال، لنأخذ ما حصل مع زكا، الذي كان رئيس عشارين ورجلا غنيا. ولكنه كان أيضًا مهمّشا ومُحتقرا. يذهب يسوع للبحث عنه فيجده ويحرّره. بعد ذلك، حدث فرح كبير لأن الخلاص دخل ذلك البيت.

 

لنتأمل أيضًا الأحداث التي سمعناها في آحاد الصوم الأخيرة. المرأة السامرية والرجل الأعمى واليعازر اقترنوا كلُّهم بالموت، ويزورهم الرب بطرق متعددة وتتغير حياتهم بصورة كاملة.

 

إنها قصة الإنسانية المتألمة والجريحة، التي تجد الرجاء مجددًا بوصول الصديق الكبير.

 

إن فكرنا بالأمر جيدا، اكتشفنا أن ذلك كان دائما أسلوب الله.

 

إن تاريخ شعب العهد القديم بأكمله هو تاريخ الله الذي يزور شعبه باستمرار وعبر طرق عدة.

 

وفي كل مرة، يفعل ذلك فقط من أجل الخلاص وإعادة فتح الطريق والرجوع للبيت وإعادة الحياة.

 

هذا ما نراه حينما نتأمل سفر الخروج والقضاة والأنبياء…

 

دعونا أيضًا نتأمل بمريم العذراء، فالله يزورها من خلال الملاك جبرائيل. تصبح بعد ذلك أما للرب.

 

وفورًا تتبنى أسلوب الله وتنطلق هي أيضاً لزيارة ابنة خالتها اليصابات. ويملأ الفرح أرجاء ذلك المكان أيضًا.

 

اليوم، في أحد الشعانين، يستمر أسلوب الله هذا ولكنه لا يطال شخصا واحدا مثل زكا، أو عائلة واحدة كما رأينا مع اليعازر، ولا قرية كما رأينا في زيارة يسوع للقرى التي استفادت من زيارته.

 

اليوم، تأتي زيارة الرب لمدينة بأكملها ولجميع الشعب، فالرب يريد أن يأتي بالحياة للجميع.

 

وفي كل مرة يتدخل الرب، تكثر ردود الفعل وتتباين.

 

دعونا نتأمل  رواية بشارة الملاك لمريم. نجد فيها الاضطراب والتساؤل والحيرة وأخيرًا الاستعداد والفرح.

 

تدرك أورشليم ردود الفعل ذاتها. يتكلم إنجيل اليوم عن فرح عظيم، فرح أولئك الذين يدركون أن يسوع، الذي يدخل أورشليم، هو آتٍ من عند الله وباسم الرب (متى ٢١: ٩)، وهي عبارة عن زيارة من قبل الله لشعبه، الذي يهتف ويعلن إيمانه: “هوشعنا لابن داود" (متى ٢١: ٩).

 

إلا أن الإنجيل يتكلم عن ضجيج كبير (متى ٢١: ١٠)، تمامًا كما حصل عند دخول المجوس إلى القدس وسؤالهم عن مكان ولادة ملك اليهود (متى ٢: ٢- ٣).

 

كما وتكثر التساؤلات التي تطرح ذاتها على هامش زيارة المسيح المنتظر "الرسمية" لشعبه: "مَنْ هذا؟ بِأَي سُلطان تَعمَل هَذه الأَعمال؟" (متى ٢١: ١٠ و٢٣).

 

الصغار وحدهم يدركون أن هذه الزيارة هي من الرب الذي لا يأتي ليعاقب، بل ليجلب السلام.

 

سيكون مجيئه دينونة أيضًا، مثلما رأينا بعد نص اليوم حينما لعن يسوع التينة التي لا تحمل ثمرًا (متى ٢١: ١٨- ٢٢)، إلا أنها ستكون دينونة لأولئك الذين استثنوا أنفسهم من حسنات هذه الزيارة، والذين لا يرغبون في التمتع بهدايا حُبّه.

 

بالنسبة للآخرين، سيكون هذا المجيء بمثابة ولادة يترتب عليها أن تمرّ بمخاض الموت، غير أنها ستحمل ثمر الحياة.

 

هذ العام، في القدس، كما في مناطق أخرى من العالم، لن نتمكن من عيش مسيرة أحد الشعانين ودخول المدينة المقدسة من بيت فاجي.

 

وعليه، وأكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى إمعان النظر جيدًا كيف أن الرب يزورنا الآن وكيف يحقق خلاصنا في الحاضر. لا نستطيع إلا أن نؤمن بأنه يقوم بذلك.

 

بالنسبة للكثيرين، تشبه هذه الأيام آلام مخاض الولادة وما أشد صرخة الألم.

 

نود أن نؤمن أن زيارة الرب هذا العام ستحقق أهدافها.