موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٥ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٢
صلوات للسلام في قداس عيد الميلاد في دمشق

دمشق - أ ف ب :

على مدخل كنيسة السيدة للروم الكاثوليك في دمشق، تأمل هبة شاوي في أن يكون عيد الميلاد الذي أتت للمشاركة في قداسه، مناسبة "ليعود التآلف بين الناس ويحل السلام الداخلي في قلب كل إنسان. أتمنى ذلك لكل الشعب السوري".

وتضيف هذه الشابة البالغة من العمر 24 سنة والتي تعمل في شركة إنتاج فني وفقا لوكالة "فرانس برس": "نتمنى أن يتحقق الأمن والسلام، وترجع الابتسامة لوجه كل طفل"، بعدما تحول العيد وسط النزاع المستمر في البلاد منذ 21 شهراً، مناسبة للصلاة والبحث عن سلام مفقود.

فتحت الكنيسة الواقعة في حي القصور وسط العاصمة السورية، أبوابها لقرابة 1200 شخص قدموا من أنحاء مختلفة للمشاركة في القداس الذي فرضت الظروف الأمنية تقديم موعده التقليدي من منتصف الليل إلى الساعة 18,00 بالتوقيت المحلي.

ورغم الظروف الصعبة، ملأ المشاركون المقاعد الخشبية للكنيسة، ولم تكف الكراسي الإضافية التي أحضرت، ما دفع كثيرين إلى الصلاة وقوفاً، وهم من مختلف الفئات العمرية وارتدت غالبيتهم ملابس قاتمة.

مع زوجته وابنتيه البالغتين 15 و12 عاماً، أتى رياض غانم للصلاة لأن "العيد سيقتصر هذه السنة عليها". وأقام وكيل التأمين البالغ من العمر 45 عاماً، شجرة بسيطة لتزيين منزله "عيدنا حزين هذا العام، إلا أننا نشكر الله على كل شيء".

من جهته، يقول حسان خوري (51 عاماً) "لا يمكننا الاحتفال وهناك موتى". باتت الأعياد بالنسبة إلى خوري تقتصر "على الصلاة من دون مظاهر احتفالية"، حتى إن الكنيسة التي يقام القداس فيها، لم تزينها سوى مغارة ميلادية.

لكن هذه الصلاة باتت أكثر من ممارسة إيمانية، وأصبحت "مطلوبة بإلحاح حتى نخرج من هذه الأزمة التي نمر بها"، بحسب خوري الذي يضيف "الصلاة نوع من الإيمان ولو أن الناس ليس لديهم إيمان بوطنهم، لما أتوا في هذه المناسبة للدعاء".

يحمل المؤمنون السوريون أملاً في قلوبهم في أن تكون صلاتهم مدخلاً لحل لا يأتي سوى من "الحكمة الربانية"، بحسب جانيت (65 عاماً) التي ارتدت معطفاً وصففت شعرها، وأتت تدعو "إلى ربنا كي يضع قدرته وعقله الرباني" لإنهاء الأزمة التي تعصف بالبلاد التي تضم 1,8 مليون مسيحي من أصل 23 مليون نسمة.

وبقي المسيحيون في منأى عن النزاع, إلا أن كثيرين منهم يتخوفون من أن تفرز "الثورة" حكماً إسلامياً متطرفاً مناهضاً للحريات الدينية التي نعموا بها على مدى عقود طويلة، من دون أن يحول ذلك دون انضمام أعداد منهم إلى المعارضة و"الحراك الثوري".

والسبت، أكد بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي من دمشق أن "ما يجري علينا يجري على الآخرين"، مؤكداً أن المسيحيين "موجودون في هذه البلاد وباقون، ونحن نؤمن بأن وجه المسيح لن يغيب عن هذه المنطقة التي انطلقت منها المسيحية".

وفي اليوم نفسه، حذر بعض المقاتلين المعارضين من اقتحام بلدتين مسيحيتين في ريف محافظة حماة وسط البلاد، ما لم تنسحب منهما القوات النظامية.

وكانت الأمم المتحدة حذرت قبل أيام من أن النزاع في سورية بات "طائفياً في شكل واضح" ما يهدد الأقليات الدينية في البلاد.

على مدخل كنيسة السيدة، وضع صندوق كتب عليه "الرب يحمي المعطي المتهلل"، إلى جملة ثانية أوردت أنه "صندوق المساعدات للنازحين والمتضررين مع جزيل الشكر".

كذلك وقف عدد من الشبان والشابات المنتمين إلى كشافة "سنابل المحبة" يحملون صناديق لجمع التبرعات على أن يوزعوها بأنفسهم للمحتاجين.