موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٢٨ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
شكراً قداسة البابا

حمادة فراعنة :

أعاد قداسة بابا الفاتيكان في موعظته يوم ميلاد السيد المسيح، أعاد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى أصله حينما قال إنه متواصل منذ سبعين عاماً، أي منذ نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، حينما تم طرد نصف الفلسطينيين خارج بلدهم ووطنهم ومدنهم وقراهم واحتلال 78 بالمائة من مساحة بلدهم وفرض الحكم العسكري على ما تبقى من أهل البلاد وأصحابها الفلسطينيين.

أعاد قداسة البابا معاناة الشعب الفلسطيني إلى جذوره، وليس إلى ما قبل خمسين عاماً فقط، أي ليس إلى يوم احتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967، فالمشكلة تفاقمت عام 1967 باحتلال ما تبقى من فلسطين، ولكنها ليست أصل المشكلة باحتلال ما تبقى، بل باحتلال الجزء الأول الأكبر من مساحة فلسطين وطرد وتشريد نصف الشعب خارج وطنه، وبالتالي تكمن المشكلة وأصل القضية حينما وقع الاحتلال عام 1948 وتم طرد نصف الشعب الفلسطيني ليسهل تمرير المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وتسكين اليهود الأجانب المهاجرين على أرض وبيوت الفلسطينيين.

المشكلة والظلم والإجحاف لم تكن بإزالة أثار العدوان عام 1967، وليس احتلال القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة، بل أصل المشكلة بإقامة المستعمرة الاسرائيلية على أرض فلسطين بعد طرد نصف شعبها وتشريدهم، ودلالة على ذلك أن الأمم المتحدة التي أقرت القرار 181 بتقسيم فلسطين، أعادت وأكدت القرار194، بحق عودة اللاجئين الذين تم تشريدهم من بيوتهم في مناطق 1948 واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها، ولذلك رأت الأمم المتحدة أن الحل الواقعي وليس العادل يتم وفقاً للقرارين 181 و 194، وليس كما جاء وفق مبادرة السلام العربية التي أقرت الإجحاف وشرّعته، انعكاساً لفشل النظام العربي، وهزيمته وعجزه في مواجهة المستعمرة الإسرائيلية.

فقد صدرت مبادرة السلام العربية من قمة بيروت في أذار 2002، وعلى الرغم ما فيها من تنازلات جوهرية تمس حقوق الشعب الفلسطيني بإقرار حل اللاجئين وفق المبادرة العربية « بحل متفق عليه « أي حل تقبل به المستعمرة الإسرائيلية وهذا يعني أنها صاحبة القرار بإقرار الحل أو عدمه، وهو إخلال بالقرار الأممي 194 الداعي إلى حق عودة اللاجئين، والشق الثاني المجحف بقول المبادرة « بالتبادلية بالأراضي « وهو يعني عدم إلزام المستعمرة الإسرائيلية بالانسحاب الملزم من الأراضي المحتلة عام 1967، وبالتالي الإخلال بقرار مجلس الأمن 242 الذي ينص على الانسحاب وعدم جواز ضم أراضي الغير بالقوة ، على الرغم من ذلك رفضها شارون وأعاد احتلال مدن الضفة الفلسطينية التي سبق وإنحسر عنها الاحتلال، رداً على مبادرة السلام العربية ونتائج قمة بيروت.

قداسة البابا يُعيد الموضوع إلى عنوانه الأصلي وهو أن الصراع له من العمر ما يوازي السبعين عاماً، ولذلك على من يتطوع للتدخل في البحث عن حل متوازن، عليه أن يعود إلى أصل المشكلة من عام 1948 وليس إلى عام 1967، لأن الإقرار أن الحل على أساس حدود 1967 يعني بوضوح مكافأة المحتل والمستعمر، بقبول سيطرته واحتلاله على كل الأراضي التي احتلها بقوة السلاح وهي توازي 78 بالمائة من أصل فلسطين.

(الدستور الأردنية)