موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٤ سبتمبر / أيلول ٢٠١٧
سيدة الجدار.. أيقونة بيت لحم الجديدة

أسامة العيسة :

تشكل أيقونة للسيدة العذراء، على جدار الفصل بين مدينتي بيت لحم والقدس، مصدر جذب لزوار مدينة المهد، بعد أن كانت تجذبهم الرسوم السياسية على الجدار، خاصة التي رسمها فنان الغرافيت العالمي بانكسي.

وتذكر الأيقونة التي رسمها البريطاني إيان نولز (54)، بمجد فن الأيقونات البيزنطي، الذي يحاول نولز، إعادة إحيائه من خلال محترفه في بلدة بيت لحم القديمة، لتعليم فن الأيقونات لأجيال جديدة والتعريف به ليأخذ مكانته في وجدان النَّاس وذائقتهم الجمالية، ولا يبقى حبيس جدران الكنائس.

الأيقونة بدأت تأخذ لها اسمًا يلقى شيوعًا وهو سيدة الجدار. السيدة مريم ليست العذراء الأولى في هذا الشرق، فالآلهة عناة، تُذكر في مدونات اوغاريت بصفتها: "عناة العذراء"، وفي بيت لحم وبرها توقر مريم العذراء، وتحمل الكثير من المواقع كالكنائس والمغر والآبار اسمها، ولا ينافسها على مكانتها سوى الخضر الأخضر.

يريد أن يشعر سكان المدينة الذين يعيشون حالة حصار هي الأطول في تاريخها مع الغزاة الذين لا ينتهون ان: "العذراء مريم هي معنا لم تتركنا وستُسقط هذا الجدار"، بينما رأى فيها آخرون رمزًا لمدينة بيت لحم المحاصرة، التي حدثت فيها معجزة الميلاد، بعد ان استقبلت المدينة السيدة مريم التي كانت تعاني من ملاحقة وحصار.

عمل نولز لمدة 25 عامًا في مجال الأيقونات البيزنطية، في المملكة المتحدة، وفي عام 2008م، بدأ يرتبط بشكل شبه دائم بالأرض المقدسة، فرمم الأيقونات القديمة في كنيسة مار نقولا في مدينة بيت جالا، القريبة من القدس، وعمل في ترميم كنائس في الأردن، وفي مقام الخضر في مدينة اللد، وقدم نفسه للمجتمع الفلسطيني من خلال معرض نظمه قبل سنوات في دار الندوة في بيت لحم، عرض فيه نتاج عمله في ترميم الأيقونات، قبل أن يفتتح محترفه في حوش أبو جارور في شارع النجمة الذي أدرجته اليونسكو على قائمة التراث العالمي المهدد، وفي نفس المكان جهز كنيسة صغيرة أظهر على جدرانها مهاراته في رسم الأيقونات، وقال بان هذه الكنيسة المكونة من حجرة واحدة هي بمثابة استراحة للحجاج الآتين من القدس إلى بيت لحم عبر طريق البطاركة، وهو اسم أخر لشارع النجمة، الذي يعتر الطريق التقليدية القديمة التي يصل منها بطاركة القدس في الأعياد إلى مدينة المهد.

رسم نولز أيقونته الجديدة المبهرة على الجدار، بناء على طلب من مسيحيين محليين، لإظهار المعاناة الفلسطينية، والدعوة لان يعم السلام الأرض المقدسة، ومثل هذا التكييف يروق لنولز الذي ينأى بأعماله عن السياسة، ويجعله في الوقت ذاته غير غائب عن ما يدور حوله من مصاعب.

وتبدو أيقونة العذراء بألوانها الساطعة، بارزة وسط رسومات متعددة ذات طابع سياسي صارخ، أثارت الكثير من النقاش في تأويلاتها المتعددة.

أمّا أيقونة سيدة الجدار، فيوجد إجماع عليها، "في النهاية العذراء لا خلاف على قداستها ففي كل مكان تنال الكرامة" - كما يقول الراهب كراس المحرقي.