موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٢ فبراير / شباط ٢٠١٩
ست سنوات على استقالة البابا بندكتس السادس عشر ’المعلم‘

بقلم: أندريا تورنيلي ، ترجمة: أبونا :

 

مرّت ست سنوات على إعلان أول استقالة بابوية لأسباب تتعلق بالصحة والشيخوخة. فبعد ثماني سنوات من حبريته، أعلن البابا بندكتس السادس عشر عزمه الرحيل عن السدّة البطرسية في نهاية شهر شباط، لأنه لم يعد قادرًا، جسديًا وروحيًا، على تحمل ثقل البابوية، والتي تغيّرت طريقة ممارستها بشكل كبير خلال القرن الماضي، سواء في الاحتفالات أو الالتزامات أو الرحلات الدولية.

 

قيل وكتب الكثير عن الاستقالة البابوية، والنتيجة كانت أننا نخاطر في التركيز حصرًا على الاستقالة نفسها، ويتم صرف الانتباه عن الشهادة الشخصية، وقبل كل شيء، عن تعليم البابا بندكتس السادس عشر. في غضون أيام قليلة، سيحتضن الفاتيكان الاجتماع الخاص من أجل حماية القُصّر، بمشاركة رؤساء المجالس الأسقفية حول العالم، إلى جانب البابا فرنسيس. ومن ناحية شهادة البابا بندكتس السادس عشر، من الجدير أن نتذّكر بأنه كان الشخص الذي بدء بلقاء ضحايا التجاوزات، في اجتماعات كانت دائمة تتم بعيدًا عن عداسات الكاميرات، وتتضمن الإصغاء، والصلاة، والدموع. وكان مصاحبًا لهذه اللقاءات قواعد أكثر وضوحًا وأكثر حسمًا لمكافحة وباء إساءة المعاملة المروّعة. واليوم، من الأهمية من دون شكّ إحداث تغيير في العقلية، من قبل الأساقفة والرؤساء العامين في المقام الأول، وتمرّ عبر القدرة على الالتقاء بالضحايا وعائلاتهم. إنه يتطلب كذلك المشاركة في ألم قصصهم الدرامية، إدراكًا بأن هذه الظاهرة لا يمكن محاربتها فقط من خلال قائمة من المعايير أو مدونات السلوك وأفضل الممارسات فحسب.


 

تعليم البابا بندكتس السادس عشر

 

في كثير من الأحيان، يتم التقليل من تعليم البابا بندكتس السادس عشر من خلال تفسيرات بسيطة وكليشيهات جاهزة، غير قادرة على فهم الثراء والتعقيد والأمانة لتعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني. كيف لنا ألا نتذكر إصراره على أن الكنيسة "لا تملك شيء خاص تستطيع أن تقدمّه للذي أسسها، بحيث يمكنها أن تقول: إنه شيء رائع قد فعلته! إن سبب وجودها يكمن في أنها أداة من أجل الخلاص، وفي جعل نفسها مشبعّة بكلمة الله، وبالتالي أن تحمل العالم إلى وحدة المحبة مع الله". إنها رؤية تتعارض مع الثقة في الاستراتيجيات والمشاريع.

 

وفي خطاب ألقاه في قاعة الاحتفالات الموسيقية في فريبورغ ام بريسغاو، في أيلول 2011، واصل البابا بندكتس السادس عشر تقديم رؤيته للكنيسة: "عندما تكون هي حقًا، فإنها تكون في حركة دائمة؛ عليها أن تضع نفسها باستمرار في خدمة الرسالة التي تلقتها من عند الرب. ولذلك، عليها أن تنفتح بشكل دائم ومن جديد للاعتناء بالعالم التي تنتمي إليه، وتقدّم من نفسها لأجله، لكي تكون حاضرة، وتواصل التبادل المقدس الذي بدأ في التجسد".

 

وفي الخطاب نفسه، يحذر البابا بندكتس السادس عشر من الاتجاه المعاكس: "من أن تصبح كنيسة "راضية عن نفسها، وتستقرّ في هذا العالم.. وأن تعطي وزنًا أكبر للأمور التنظيمية والمؤسسية، بدلاً من دعوتها في الانفتاح على الله، وفي انفتاح العالم نحو الآخر". وفي ذات الخطاب، يوضح البابا الفخري الجانب الإيجابي من العلمانية، التي "ساهمت بشكل كبير في تطهير الكنيسة وإصلاحها الداخلي"، من خلال مصادرة خيراتها والقضاء على امتيازاتها. ويلفت أنه "بمجرد تحريرها من هذه الأعباء المادية والسياسية والامتيازات، يمكن للكنيسة عندها أن تصل إلى العالم بطريقة أكثر فاعلية، وبطريقة مسيحية حقّة، وبالتالي، يمكن لها أن تكون منفتحة على العالم. كما يمكنها عيش دعوتها بحرية أكثر، في الأسرار الإلهية وفي خدمة القريب".