موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٨ مايو / أيار ٢٠١٣
زيارة تواضروس للفاتيكان تدعم حقوق مسيحيي الشرق

هاجر عثمان و البدري جلال - الموجز :

رفيق جريش: تنعش الحوار وتدعم العلاقاتإكرام لمعى : دفعة معنوية تشجع مسيحيي مصر على البقاء في بلدهمممدوح نخلة: منصب بابا الفاتيكان يتيح له مخاطبة رؤساء العالم من أجل مسيحيي الشرقرفعت فكرى: التقارب بين أبناء الدين الواحد خطوة لتحقيق السلم العالمي

40 عاما مرت على زيارة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريق الكرازة المرقسية لبابا الفاتيكان، بعد خلافات تاريخية تعود إلى القرن الرابع الميلادي، أي قبل دخول الإسلام مصر، بسبب خلافات عقائدية داخل الديانة المسيحية توجت الكنيسة المصرية بعدها كثاني أكبر كنيسة في العالم بعد الفاتيكان من حيث عدد المنتمين، مما أضفى عليها قيمة معنوية كبيرة.

واليوم جاء القرار الجرئ من البابا تواضروس الثاني بزيارة الفاتيكان في توقيت يراه الكثير صعبا وله مدلولات سياسية، في ظل ما يثار حول حقوق المسيحيين في مصر ودول الربيع العربي التي صعدت فيها تيارات الإسلام السياسي إلى سدة الحكم.ويرى الأب رفيق جريش، المتحدث الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية في مصر، إن الزيارة هدفها تهنئة البابا فرانسيس، و إنعاش الحوار مع الفاتيكان وزيادة روابط المحبة والأخوة، مشيرا إلى أن العلاقة لم تنقطع كما يزعم البعض، حيث تقابل البابا يوحنا بولس الثاني، بابا الفاتيكان مع البابا شنودة الثالث بالقاهرة في فبراير من عام 2000.

وقال ممدوح نخلة، رئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان، إن انقطاع الزيارات طيلة الـ40 عاما الماضية يعود إلى الخلاف الفكري والمذهبي بين الكنيستين، رغم اللقاءات التي جمعت الكنيستين من خلال مجلس كنائس الشرق الأوسط ، ومجلس الكنائس العالمي.وأضاف نخلة أن التعاون المشترك بين الكنيستين ساهم فى محو 90% من الخلافات النظرية بينهما خلال الخمسين عام الماضية ، بالإضافة لمنع أي محاولة تشعل التنازع بين المسيحيين ومن ثم عندما يتحول الأمر إلى زيارة رسمية من البابا تواضرس الثانى إلى بابا الفاتيكان فرنسيس فسيدعم ذلك العلاقات ويزيل ما تبقى من خلافات ويحقق نوعا من التوحد مع الحرص على تكرار هذه الزيارات سنويا .أوعن دور البابا فرانسيس الأول في دعم حقوق مسيحيو الشرق الأوسط والدول العربية في ظل ثورات الربيع العربي أكد نخلة أن منصب بابا الفاتيكان يجمع بين المنصب الديني و السياسي كونه رئيسا لدولة الفاتيكان ورئيس كنيسة في نفس الوقت ما يسهل مقابلة رؤساء كل دول العالم، على عكس البابا تواضروس الذي ليس له هذه الصلاحية ،ومن ثم يستطيع بابا الفاتيكان أن يدعم حقوق مسيحي الشرق ويطالب برفع أي ظلم عنهم ومعاملتهم كمواطنين شركاء في دولهم وليس كأقليات دينية مضطهدة ما سيكون له أكبر الأثر في بث الطمأنينة والسلام في نفوس مسيحيي الدول العربية.

ويرى الدكتور القس إكرام لمعي، أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلية، أن صراعا نشب بين الكنيستين عندما حرمت كلتاهما ما تعتنقه الأخرى إلى أن جاء الإصلاح في القرون الوسطى، واستمرت كليهما في السير في خطين متوازين لا يلتقيان، رغم التصريحات الطيبة من جانبي البابا شنودة والبابا يوحنا بولس الثاني التي حوت في طياتها تحفظا دائما.وأكد لمعي أن زيارة البابا تواضروس "الشرقي" إلى بابا الكنيسة الكاثوليكية "الغربية" في روما يعتبر خطوة تاريخية هامة ومثمرة ،وستكون نتائجها طيبة على كلا الجانبين وخاصة لمسيحيي الشرق الأوسط، في ظل معاناتهم من وضع محرج في الدول العربية التي قامت بها ثورات تسببت في صعود تيارات الإسلام السياسي، لدعم بابا الفاتيكان المتوقع لهم والذي سيعضد من موقفهم معنويا وتشجيعهم على البقاء في بلدانهم لتأدية رسالتهم.

أما المفكر القبطي جمال أسعد فيؤكد أن الزيارة ستصل ما تم قطعه وستداوى النزاع الذى وقع في القرن الرابع الميلادي ،مشيرا إلى أن الكنيسة الكاثوليكية كانت في مواجهة تاريخية مع الكنيسة الأرثوذكسية منذ عهد "اثناسيوس الرسول" و الذي كان يقود الكنيسة المصرية آنذاك، عندما حاول أن يتصدى للفكر الديني الغربي بآخر مصري خالص ، ومن ثم سميت بالكنيسة القبطية المصرية الوطنية لأنه أراد أن يخلص الفكر الديني المصري من أي أهواء غربية على ثقافته وتقاليده .

ويقول القس رفعت فكري، رئيس مجلس الإعلام بسنودس النيل الإنجيلي التابع للكنيسة الإنجيلية، إنه في ظل العولمة التي جعلت التقارب بين شعوب العالم أمرا لا جدال فيه، يعد الانفتاح بين دول العالم أكثر سهولة، فبالأحرى أن يدفع نحو التقارب بين أتباع الدين الواحد، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأخرت كثيرا لأن الشخصيات القديمة التي كانت تتولى مسئولية الكنيستين اتسمت بالتعصب والتمسك بالخلافات، معربا عن تفاؤله بالقيادات القائمة باعتبارها أكثر انفتاحا و إخاءا وسعيا إلى تقريب المسافات بين الكنيستين .

وأضاف أن زيارة البابا توضروس تحمل رسالة للتلاقي وتقبل الآخر وتذويب كافة الخلافات الفكرية أمام العالم أجمع، وأن الجميع سواء كاثوليك أو بروتستانت أو أرثوذكس أو مسلمين و مسيحيين كل على اعتقاده يجب أن يبقى بينهما المشترك الإنساني الذي يقبل التنوع والاختلاف، مؤكدا أنها خطوة هامة في توقيت صعب حيث تتوالى فيه الأحداث السياسية المضطربة وخاصة مصر في ظل صعود تيارات الإسلام السياسي ،فالعالم أجمع يحتاج إلى صورة حضارية لرأب الاختلاف، بل تساهم في دعم بابا الفاتيكان لهموم المسيحيين في الدول العربية وتشجيعهم على البقاء في بلادهم وعدم مغادرتها للحفاظ على التنوع الانساني بين مسلم ومسيحي.