موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢ ابريل / نيسان ٢٠١٣
زيارة الوفد المسيحي لحكام العراق والقلق المسيحي

د. غازي ابراهيم رحو :

قبل ايام قلائل زار وفدا من الطوائف المسيحية برئاسة البطريارك ساكو والمطارنة الاجلاء كل من دولة السيد رئيس الوزراء ودولة السيد رئيس مجلس النواب حيث قدم الوفد المسيحي باسم رؤوساء الطوائف المسيحية دعوة ورسالة تضمنت مقترحات مخلصة لحوار المتخاصمين لغرض حلحلة الوضع الحالي ولكسر الجمود القائم بين الكتل السياسية والحكومية من اجل بناء وإعادة بناء جسور تنقل العراق والعراقيين من الظرف الصعب الذي يعيشه عراقنا العزيزالى حالة من الاستقرار ويبعد ابنائه عن ما يحصل لهم اليوم من قتل وتهجير.

بعد ان غابت ثقافة الحوار بشكل استغلته بعض القوى التي لا يروق لها الامن والاستقرار وبعد ان سادت ثقافة الخصومة والتفجيرات والقتل والتهجير بين اطراف البلد الواحد وبعد ان اصبح بلدنا العراق حلبة للصراع يتقاتل بها ابناء الوطن في احتراب داخلي حيث لحق الظلم بشكل كبير للأقليات التي ابتعدت عن الساحة لكي تحمي انفسها من صراع لا علاقة لها به بل اصابها منه الكثير الكثير .. من قتل وتشريد وتهجير وانزوت تلك الاقليات ومنه شعبنا المسيحي في اطراف جانبية لحماية نفسها من صراع لا ناقة لها به ولا جمل فلم يجد رجال ديننا الكرام إلا ان ينبرو لتقديم ما يمكن به معالجة هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه ابناء العراق وخاصة تلك الاقلية الكبيرة في حبها للوطن والتي بدأ ت مرجعياتها تتألم لتلك الهجرة القسرية التي طغت على ابنائها بحثا عن السلام والآمان فانبرت لتقديم ما تراه لحفظ السلام وإعادة اللحمة الى ابناء الوطن الواحد بغض النظر عن العرق والدين والقومية.. فعدما كان الصراع سابقا بين الحكومات السابقة وبين اهلنا الكرد كان الاقليات يحصلون على حصصهم من تلك الصراعات في التهجير والتهديد ففقد العراق في حينه اعداد كبيرة من ابناء العراق الاصلاء.. اليوم الحق كل الحق لأبناء العراق الاصلاء ان يقلقوا لما يحدث لهم وخاصة بعد الربيع العربي الذي طال عددا من الاقطار العربية وجاءت الى سلطة بعض تلك الاقطار العربية قوى وتيارات لها افكارا قد لا تعطي اطمئنانا وقناعة للأقليات في انهم سيكونون في مأمن عن ما كان يحدث لهم قبل مئات السنين من كراهية وحقد من قبل البعض من المتشددين.. لهذا بادر رجال الدين المسيحيين في العراق وقدموا ما يمكنهم مخلصين وبكل وبكل محبة ووفاء لبلدهم لحماية شعبهم قبل فوات الاوان وقبل افراغ العراق من اصلائه.

اننا نعلم جيدا ان المسيحية في ارضنا ارض الاصلاء انبثقت من ارض العرب وثقافة ديننا السمح يمثل جزء اصيل من الثقافة العربية التي اضفاها سماحة وسلام ديننا وكما يعلم الجميع ايضا عندما قاتل ابناء السيد المسيح مع من عاشوا معهم في اوطانهم دفاعا عن الارض العربية وكما وضحت كتب التاريخ كيف اجار نجاشي الحبشة المسيحي اصحاب الرسول وحماهم دفاعا عن الارض والوفاء لأوطانهم العربية ,والذي يتطلب من الاخرين حماية هذا المكون ردا لذلك الدين العظيم في اعناق من عاشوا معهم ..لان ما يحدث اليوم لأبناء السيد المسيح في الارض العربية ومنه العراق من نظرة مستضعفة لهم تجعلهم يغلبون الهجرة على البقاء في ارض الاجداد ...ولكي يتم ايقاف نزيف تلك الهجرة القسرية كانت رسالة قادة الطوائف المسيحية لقادة العراق في حقن الدماء والتصالح بين ابناء الوطن الواحد ليعم السلام في ارض السلام وهي رسالة لكل القوى الاخرى بان تلك الرسالة هي ان مسيحيي العراق هم سباقون في جمع اللحمة العراقية كما كانوا سباقون في البقاء في حب الوطن والدفاع عن .. وكما كانوا سباقون في الوجود في تلك الارض التي سكونها قبل غيرهم بأكثر من 600 سنة.

ان هذه الرسالة جاءت لتعبر عن قيم الوفاء والمحبة لوطننا العراق ولتعبر عن مواطنة حقه بعيدة عن النسبة العددية لان حب الاوطان لا يقاس بالأكثرية والأقلية.. وان الضغوط التي يتعرض لها الاصلاء لها اغراض معروفة لإبعادهم وتهجيرهم عن ارضهم وما يلاقونه من المتشددين من ضغوط سياسية واجتماعية وتهديديه سوف لا تجعلهم يقعون في شروخ اجتماعية وسياسية وتؤثر على الوحدة الوطنية لأبناء العراق وتدفعهم اكثر لهجرة ارضهم ...لهذا كما ارى جاءت رسالة مرجعياتنا المسيحية والتي عبرت عن رسالة مواطنة متساوية في الحقوق والواجبات في العيش في وطن وفي دولة ديمقراطية مدنية يعيش فيها الجميع تحت ظل وشعار حب الوطن لكي يجنبنا مخاطر التشتت والتهجير والاضمحلال في وطننا ....فألف تحية لتلك البادرة الكبيرة في معانيها التي جعلت ابناء العراق الاصلاء و مرجعياتهم الدينية في ولوج ذلك الدور الانساني في معانيه والذي يعمل على ابعاد القلق الذي عاشه ابناء العراق منذ سنوات.